شهر رمضان شهر الفتوحات والانتصارات والمعارك الحاسمة والفاصلة في تاريخ المسلمين فأغلب الغزوات والمعارك التي خاضها المسلمون في شهر رمضان كانت تكلل بالنصر فهو شهر العزة والتمكين والنصر المبين ففيه غزوة بدر الكبري في العام الثاني من الهجرة وفيه فتح طارق بن زياد الأندلس عام92 ه وفيه انتصر المسلمون علي التتار في موقعة عين جالوت في عام658 ه وفيه انتصر المسلمون علي الصليبيين في معركة حطين والتي استرد بعدها بيت المقدس عام583 ه وفيه كان انتصار العاشر من رمضان علي اليهود1391 ه وفي العشرين منه في السنة الثامنة للهجرة كان فتح مكة بعد أن انتهكت قريش الهدنة التي كانت بينها وبين المسلمين وذلك بإعانتها حلفاءها من بني بكر للاعتداء علي خزاعة الذين دخلوا في حلف المسلمين فنقضت بذلك عهدها مع المسلمين الذي سمي بصلح الحديبية ودخل رسول الله صلي الله عليه وسلم مكة علي ناقته وهو يقرأ سورة الفتح وقد حني رأسه تواضعا لله عز وجل, حتي قال أنس رضي الله عنه: دخل رسول الله صلي الله عليه وسلم, مكة يوم الفتح, وبطنه علي راحلته متخشعا رواه الحاكم, ودخل النبي والمسلمون معه المسجد الحرام فأقبل إلي الحجر الأسود فاستلمه ثم طاف بالبيت وحول البيت ثلاثمائة وستون صنما, فجعل يطعنها بقوسه ويقول: جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوق االإسراء:81, ويقول: جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد سبأ:49, ولما أكمل النبي صلي الله عليه وسلم, الطواف, دعا عثمان بن طلحة, فأخذ منه مفتاح الكعبة, فأمر بها ففتحت فدخلها, فرأي فيها الصور, ورأي فيها صورة إبراهيم وإسماعيل يستقسمان بالأزلام, فقال: قاتلهم الله, والله إن استقسما بها قط رواه البخاري, أي ما استقسما بها قط ثم دخل إلي جوف الكعبة, فأزال آثار الوثنية من داخلها, كما أزالها من خارجها, ثم دار في البيت يوحد الله ويكبره, وكل ذلك وقريش قد ملأت المسجد صفوفا ينتظرون, ماذا يصنع محمد؟ ونظر صلي الله عليه وسلم, إلي هذه الوجوه التي فعلت به الأفاعيل وقد حان الوقت للثأر والقصاص فنادي عليهم وهم ناكسون الرؤوس ينتظرون الكلمة الفاصلة منه فقال: يا معشر قريش ما تظنون أني فاعل بكم قالوا: خيرا. أخ كريم وابن أخ كريم, فقال: صلي الله عليه وسلم اذهبوا فأنتم الطلقاء فما رأت الدنيا منتصرا يترفع عن الثأر ويعلو فوق حظوظ النفس مثل محمد صلي الله عليه وسلم.