قال جابر القرموطي, مقدم برنامج مانشيت, انه لا يرغب في العودة للصحافة معربا عن شكه في تحقيق النجاح الذي حققه في التليفزيون من خلال عمله بمؤسسة الأهرام. وأضاف جابر في حواره ل الأهرام المسائي انه ليس محايدا لكنه يحاول أن يكون موضوعيا مؤكدا انه غير أهل لتقييم زملائه الصحفيين من خلال البرنامج. وأعرب القرموطي عدم إحساسه بالندم بعد الحلقة التي بكي فيها تعاطفا مع الرئيس المخلوع قائلا انه فعل ذلك بكاء علي حال البلد. بعد مرور عامين علي تقديمك برنامج مانشيت الذي أصبح من أكثر البرامج الصحفية تأثيرا.. هل توقعت هذا النجاح؟ ** أنا شخصيا اعتبره من أقل البرامج الصحفية تأثيرا!!! واحاول أن أقنع نفسي بذلك طوال الوقت حتي لا يصيبني الغرور أو أتفرعن... أما إذا كان هذا هو تقييم الناس فهو بالتأكيد شيء يسعدني وأحمد الله عليه بعيدا عن التواضع.. ألا تري أن البرنامج أصبح يسهم في زيادة شعبية البعض و في إنقاص شعبية البعض الاخر؟ ** اعترف أن زملائي الصحفيين يهتمون بمتابعة البرنامج ودائما ما تأتيني منهم ردود فعل قوية ورائعة كما يهتم الكثيرون منهم سواء ممن أعرفهم أم لا ان يرسلوا لي أعمالهم وكتاباتهم حتي يلفتوا نظري لطرحها في البرنامج وهذا شيء يشعرني بمدي ثقتهم في البرنامج إذن إلي أي مدي تسمح لنفسك بمجاملة أصدقائك بأن تشير إلي أعمالهم علي الشاشة؟ ** لا أقوم بذلك مطلقا.. فالصداقة أو المعرفة ليست أحد ي المعايير في اختيار ما أطرحه علي الشاشة وأنا أستطيع الفصل بين العمل وبين العلاقات الانسانية بدليل انني اختار عرض مقالات أحد الصحفيين برغم انه قد شتمني أكثر من مرة وأكثر من ذلك استعدي علي رجل الأعمال الذي يملك القناة التي أعمل بها وحتي بعد علمي بذلك مازلت أقوم بعرض أعماله عندما أري أنها مناسبة. هل تقصد بذلك انك شخص حيادي تماما؟!! ** لا.. لا أقصد ذلك لانني اعترف بانني شخص غير حيادي ولا أؤمن بوجود الحيادية لكنني أدعي بانني شخص موضوعي أتحري الموضوعية في كل ما أعمل واعتقد انني ناجح في ذلك إلي حد كبير اذن ما هي المعايير التي تختار علي أساسها ما تعرضه علي الشاشة؟ ** قراءة جميع الصحف بطبعاتها الثلاث ومعظم المطبوعات الصحفية الأخري وأحاول أن تكون الوجبة التي أقدمها للمشاهد متنوعة تنقل مختلف الاتجاهات والآراء أما محاولة احداث توازن بين الصحفيين فهذا هو ما سيخرجني من حياديتي وموضوعيتي لانه سيضطرني لإجراء عملية تقييم لا أري انني أهل لها هل تعتبر أن هذا التوازن هو أحد أسباب نجاح البرنامج؟ ** بالتأكيد.. لكن بالاضافة إلي بساطتي في تناول الموضوعات والاخبار والآراء بلا تكلف أو فذلكة وأيضا لانني أرحب دائما بالنقد واستمع إليه واتعلم منه. لكنك لم تستمع إلي النقد الذي قيل لك أكثر من مرة وهو انك تتعمد استخدام نبرة صوت عالية في أداء تمثيلي متكلف.. لماذا؟ ** فعلا هذا النقد قيل لي أكثر من مرة لدرجة أن أحد الأشخاص قد استوقفني مرة في الشارع وقال لي: أنا أحترمك جدا لكن انت بتزعق ليه؟ وقد حاولت كثيرا اخفاض صوتي وتغيير أدائي لكن يبدو انني لم أفلح لأن الطبع يغلب التطبع فأنا فلاح من ميت غمر وهذه هي طريقتي في الكلام وهي طبيعية بلا تمثيل و عندما شعرت انها تضايق الكثيرين استجبت للنقد كما استجبت لزملائي في الاستوديو حينما ينبهونني لارتفاع صوتي أو لانفعالي الزائد.. لكن ما أريد قوله هو انني لا افتعل شيئا لانني في الأساس ضد شيئين هما الافتعال والتقليد. ما هي الحلقة التي تستطيع أن تقول انها انجح حلقات البرنامج؟ ** هي أربع حلقات قدمتها أيام انتخابات نقابة الصحفيين وذلك لأن تلك الحلقات جمعت فرقاء الصحفيين من جميع الاتجاهات وأيضا لما أحدثته تلك الحلقات من تأثير كبير علي الوسط الصحفي وبالتالي علي سير الانتخابات وقد لمست ذلك التأثير بنفسي حيث كنت أتردد علي النقابة يوميا وما هي الحلقة التي تتمني أن تحذفها من أرشيفك التليفزيوني؟ ** الحمد لله لم أقدم حتي الان حلقة واحدة تمنيت عدم تقديمها.. كما انني لم استضف ضيفا واحدا وندمت علي استضافته لأن كل ضيوفي هم محل احترام حتي لو اختلفت معهم حتي الحلقة التي بكيت فيها تعاطفا مع الرئيس السابق ونالت هجوما كبيرا؟!! ** أنا لم أبك علي الرئيس السابق لكنني بكيت خوفا وتأثرا بحال البلد.. صحيح انني ضد الشماتة والتشفي لكنني لست مع الذين يرون أن الامور اما أبيض أو أسود.. فالتغييرات من حولنا تحدث في كل لحظة و الانسان المرن تختلف نظرته للأمور مع تلك التغييرات لذلك فأنا غير نادم علي بكائي ولن أسمح لأحد بالمزايدة علي شعور انساني طبيعي خاصة أنه لا يخفي علي أحد انني كنت أول من فتح موضوع اللحوم الفاسدة وموضوع شحنات القمح لكنني لا أحب أن أدعي لنفسي بطولات لأنني أري أن البطل لم يأت بعد! مانشيت كان موجها للأسرة الصحفية أما الآن فقد تحول للمشاهد العادي.. هل تري هذا ميزة أم عيبا؟ ** بالفعل البرنامج في بدايته كان خاصا بالصحفيين وبمرور الوقت لاحظت ردود فعل واهتماما من مشاهدين عاديين حعلتني أشعر أن هناك علاقة نشأت بينهم وبين البرنامج وهذا شيء طبيعي لأن المشاهد العادي يهتم بالصحافة وفي نفس الوقت فإن الصحافة موجهة للجمهور العادي لذلك اتسعت قاعدة مشاهدي البرنامج وأصبحت اناقش المشاكل التي تهم المواطنين. إذن ما الفرق بين مانشيت وبين أي برنامج توك شو؟ ** الفرق هو انني أناقش كل القضايا لكن من منظور صحفي من خلال ما تقوله الصحافة كما انني اناقش وضع الصحافة من خلال الأوضاع العامة في البلد. هل معني كلامك انك من الممكن أن تقدم برنامج توك شو عاديا؟ ** لا.. اطلاقا لانني صحفي حتي النخاع وأحب أن أعمل بالصحافة سواء كانت مكتوبة أو مرئية ولابد ان يكون العمل الصحفي هو أساس أي عمل أقوم به وفي المرحلة المقبلة أنوي عمل فقرة في مانشيت ستكون بعنوان الصحافة والناس وهي موجهة للجمهور العادي لكن من خلال انعكاس الصحافة علي الناس و العكس أيضا. ألا تخشي أن يفقدك هذا قاعدة عريضة من جمهورك وهي الجماعة الصحفية؟ ** لا.. أعتقد هذا لأن البرنامج سيظل موجها في الأساس للصحفيين وستظل الفقرة الأساسية لهم ومن يريد أن يكتفي بها يستطيع ذلك ومن يحب أن يكمل البرنامج فليفعل خاصة انني انوي في الفقرة الجديدة استضافة صحفي لمناقشة قضية يكون قد كتب عنها. كل هذا في برنامج واحد؟ هل تري ان مدة عرضه علي الشاشة ستسمح بذلك؟! ** اتمني ان تطول مدة البرنامج ان شاء الله أربع ساعات!!! وأنا قادر علي ذلك دون ملل لكن للأسف لا توجد قناة تقبل بذلك بحجة أن الموضوع لا يتحمل مع أن هذا الكلام غير صحيح لأن الصحافة أصبحت لها ألوان جديدة والقضايا المشتعلة علي الساحة لا تعد ولا تحصي والمشاهد أصبح نهما للمعرفة وهذا هو الوقت الذهبي للاعلام.. لكن علي كل حال أنا اتعلمت ألا أشغل نفسي بالمسائل الادارية لأنني عندما فعلت ذلك لبعض الوقت اكتشفت انني نسيت شغلي الحقيقي. ما رأيك في البرامج الصحفية المشابهة ل مانشيت.. هل تشاهدها؟؟ ** أحاول متابعة كل البرامج الشبيهة ببرنامجي علي كل الشاشات وذلك لأتعلم واستفيد منها! خاصة برنامج الطبعة الأولي للمسلماني و صباح دريم لدينا عبد الرحمن و بين السطور لسيد علي وغيرها لكن أيهم يعجبك وتستمتع بمشاهدته؟ ** ولا واحد!!!! بصراحة مافيش برنامج صحافة حلو في مصر وعلي العموم فإن المناخ الحالي والساحة الاعلامية وعدد القنوات أصبح يستوعب عشرات البرامج من هذه النوعية لكن المهم هو المضمون الذي تحمله هذه البرامج. عملت أربعة عشر عاما بالصحافة المكتوبة... هل تنوي العودة إليها؟ ** اتمني العودة إلي الصحافة المكتوبة وافتخر بمؤسسة الأهرام التي كنت أعمل بها قبل أن اتجه للعمل التليفزيوني لكنني للأسف لا أستطيع بتركيبتي الشخصية أن أجمع بين عملين في وقت واحد لذلك فضلت ان أترك مكاني في المؤسسة الصحفية حتي لا أحرم منه شخصا آخر قد يبدع فيه أكثر مني ما دمت قد وضعت نفسك في موضع اختيار.. لماذا فضلت التليفزيون؟ ** بصراحة لأن التليفزيون حقق لي في عامين ما لم تحققه الصحافة في أربعة عشر عاما.. ولست أقصد هنا العائد المادي فهو ليس مرتفعا بالقدر الذي يتخيله الناس لكنني أقصد الشهرة وحب الناس.. بالاضافة إلي انني أشعر أن المناخ الصحفي الحالي لا يناسبني لأنني لا أعرف الشللية سواء في حياتي العامة أو الخاصة ناهيك عن حالة اللخبطة في المؤسسات الصحفية الآن.. وفوق كل هذه الأسباب يوجد سبب اخر هو انني لو عدت للصحافة سأعود كاتبا لمقال بحكم وضعي الوظيفي وأنا لا أحب كتابة المقال وأفضل عنه النزول إلي الشارع وعمل التحقيقات فأنا صحفي ميداني وأري أن هذه هي مهمة الصحفي.. لكل هذه الأسباب فضلت تأجيل العودة للصحافة خاصة أن النجاح الذي حققته في التليفزيون سيتطلب نجاحا مثيلا له في الصحافة وهو ما أشك في حدوثه الآن. كيف اختلف برنامج مانشيت بعد الثورة عن قبلها؟ ** لم يختلف علي الاطلاق فالبرنامج منذ بدايته لم يكن له سقف أو خطوط حمراء.. صحيح أن الثورة غيرت شكل الاعلام إلي حد كبير لكن طبيعة برنامجي جعلته لا يتأثر سوي بطبيعة الموضوعات التي اختلفت أما علي المستوي الشخصي فمازلت أنا جابر القرموطي نفسه: لم ولن اتغير هل تأثر برنامجك بملكية أحد كبار رجال الاعمال للقناة التي تقوم بعرضه؟ ** ولا هذه أيضا لأن الاتفاق كان بيني رئاسة القناة من البداية علي أن نتكلم في كل ما تطرحه الصحافة بمنتهي الحرية ولم يحدث أن تدخل صاحب القناة في أي شيء لكن هذا لا يمنع انني أراعي ما يجب مراعاته دون الإخلال بالموضوعية.