حذر المجلس الأعلي العسكري من تردي الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد في هذه المرحلة, وأعلن المجلس عن ارقام موثقة ومخيفة توضح ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية في الآونة الأخيرة وصلت فيها نسبة تدفق حجم الاستثمار الاجنبي المباشر إلي مصر حاليا إلي الصفر. ووصل مستوي التصنيف الائتماني للبلاد إلي درجة المخاطر, وهو مؤشر سلبي في حاجة إلي ما بين عامين إلي ثلاثة اعوام للعودة إلي مؤشر بي.بي.موجب. وأكد المجلس العسكري ان الاحتياطي النقدي من الممكن ان ينفذ اذا استمر حال الوضع الأمني والوضع في الشارع كما هو عليه الآن من حالات الاعتصامات والاضرابات في مواقع الانتاج. كما أكد المجلس العسكري ان ديون مصر داخليا وخارجيا وصلت الآن إلي ما نسبته90% من اجمالي الناتج القومي للبلاد, مطالبين بضرورة العودة للعمل وزيادة الانتاج والايجابية في التعامل مع المرحلة الحالية والمشاركة الفعالة التي تسهم في النهوض بالاقتصاد المصري. جاء ذلك خلال حديث اعضاء المجلس العسكري في الندوة الحوارية التي تعقد الآن تحت عنوان ثورة25 يناير افاق النمو الاقتصادي بدار هيئة الشئون المالية, وحضرها عدد من الشخصيات العامة واساتذة الاقتصاد ورؤساء البنوك ورجال الاعمال والمستثمروين. وقال اللواء اركان حرب محمود نصر, عضو المجلس الأعلي العسكري مساعد وزير الدفاع للشئون المالية, ان الدخل السياحي للبلاد تراجع بنسبة80% في ظل ما يمثله القطاع من11% من اجمالي الدخل القومي لمصر, ويوفر ما بين12 إلي13 مليار دولار سنويا يساعد علي توفير11% من قوة العمل, وان مصر تخسر يوميا نحو40 مليون دولار نتيجة توقف الحركة السياحية, مشيرا إلي ان احداث امبابة الأخيرة ادت إلي إلغاء العقود السياحية وتراجع الاشغال بنسبة20%. واشار اللواء محمود نصر في الندوة التي اقامتها القوات المسلحة اليوم تحت عنوان ثورة يناير وافاق النمو الاقتصادي بحضور نخبة من السياسيين والمفكرين والاقتصاديين وان البورصة المصرية تعرضت خلال ايام25 و26 و27 يناير فقط لخسائر بلغت113 مليار جنيه, ما يعني فقدان32% من قيمة الاسهم المتداولة, وحققت هبوطا بلغ9% إلا انه ارتفع اخر مارس الماضي إلي1.3% ووصلت إلي خسائر إلي نحو20 مليار جنيه فقط. وقال عضو المجلس الاعلي العسكري ان معدل النمو الاقتصادي ما بين1 إلي2% وكان من المتوقع بلوغه إلي نسبة نمو6% كما وصلت نسبة البطالة إلي10% وبلغ اجمالي عجز الميزانية إلي1290 مليار جنيه, وهي عبارة عن عجز1080 مليار جنيه خلال عام2010/2009 يضاف إليها قيمة العجز الجديد خلال الفترة الأخيرة والبالغ210 مليارات جنيه ليصل إلي1290 مليار جنيه. وحذر من ارتفاع معدل الفقر في مصر, وقال إنه يقترب من نسبة70% منهم6% معدم وان متوسط دخل الفرد السنوي من الناتج المحلي بلغ2770 دولارا. كما اشار إلي أن اجمالي الدين العام الداخلي بلغ888 مليار جنيه يمثل73% من اجمالي الناتج المحلي, واجمالي الدين العام المحلي والخارجي يبلغ1080 مليار جنيه يمثل90% من اجمالي الناتج المحلي. وأكد تأثر جميع موارد الدولة سلبيا نتيجة توقف عمل المصانع خلال الفترة الماضية, وان اجمالي الخسائر من هذا القطاع تقدر بنحو ما بين10 إلي20 مليار جنيه خلال الشهر الجاري وبداية الشهر المقبل. وقال اللواء محمود نصر انه علي الرغم من هذه الارقام السلبية والموثقة من الجهاز المركزي للمحاسبات, فإن حالة من التفاؤل تعود إلي عدم تأثر البنية لاساسية للاقتصاد, وان المصانع لم تتعرض للتدمير علي سبيل المثال, وبالتالي ستكون المهمة صعبة وليست مستحيلة. وأكد ان الفترة المقبلة تحتاج إلي العمل والانتاج وليس الكلام, حتي يمكن دفع عجلة الانتاج والنهوض بالاقتصاد المصري وتخطي هذه المرحلة الصعبة بنجاح ورفع راية الوطن عاليا. وجدد عضو المجلس الأعلي العسكري ايمان المجلس الأعلي العسكري بشرعية ثورة يناير وتأييده لمطالب الشعب المصري والمواطنين المشروعة ومصلحة وامن الوطن في ظل الشفافية. وأكد دور المجلس ببذل كل الجهد بالحوار الهادئ لتخطي هذه المرحلة الصعبة بنجاح, عقب انتهاء الفترة الانتقالية للسلطة المدنية في حكم البلاد. وحدد اللواء محمود نصر رؤية المجلس الأعلي العسكري للمرحلة التي تمر بها البلاد والتداعيات المترتبة علي تلك الاحداث التي تمر بها البلاد, مؤكدا ان ثورة يناير انتقلت بمصر إلي عهد جديد نحو الحرية والديمقراطية والانتماء للوطن وتحقيق الآمال ورفع مستوي معيشة المواطن. وقال إن الديمقراطية الحقيقة هي المحرك لعملية التنمية والقضاء علي منابع الفساد, الامر الذي سيكون له مردود ايجابي علي ايرادات الدولة, كما ان مكافحة الفساد ستوجد مناخا ايجابيا للاستثمار, واشار ايضا إلي العدالة في التوزيع العادل للثروة, والذي يعد جوهر اساس العملية. وتعرض المشاركون في الندوة للإجراءات المطلوب اتخاذها للتعامل مع تداعيات هذه المرحلة لتؤتي ثمارها نحو افاق التنمية الاقتصادية والتي تلقي بظلالها علي مختلف المجالات. وقال وزير الاسكان الاسبق حسب الله الكفراوي ان الاستمرار في مشروعات معينة خطيئة واقترح الاستثمار في منطقة الساحل الشمالي بدلا من توشكي, ودعا إلي عودة استصلاح الاراضي, وأكد ان الأمن والتنمية هما الاساس للخروج من الازمة الحالية. واشار اللواء محمود نصر في هذا الصدد إلي الجهود التي تقوم بها القوات المسلحة للعمل من أجل صالح البلاد, وقال إن مشروع طريق العين السخنة بطول107 كيلو مترات, تم اسناده انذاك إلي مستثمر عربي بنحو ملياري جنيه يتم تنفيذه علي4 سنوات, علي ان يتم منحه70 الف فدان علي جانبي الطريق, إلا ان القوات المسلحة قامت بتنفيذه بنحو300 مليون جنيه من خلال5 شركات وتم تنفيذه في فترة زمنية اقل, وحقق دخلا بلغ مليارا و100 مليون تم انفاقها علي انشاء طريق بني سويفاسيوط. شارك في الندوة عدد كبير من المفكرين بينهم طلعت السادات وعادل حمودة والدكتور عمرو حمزاوي وعمرو اديب ومني مكرم عبيد ومفيد فوزي وابوالعز الحريري والدكتور جلال امين العالم وابوالعلا ماضي ولويس جريس وحافظ المرازي وسلطان أبو علي والفنان محمد صبحي. وتضمنت توصيات المشاركين علي ضرورة العمل علي معالجة الفجوة الكبيرة بين النفقات العامة للدولة ومواردها من خلال ترشيد اوجه الانفاق الحكومي ووضع خطة عاجلة لتنشيط الصادرات والعمل المكثف لاستعادة حجم الاحتياطي من النقد الاجنبي, وذلك بسرعة دفع عجلة الانتاج وتوفير المناخ المناسب للاستثمار والسياحة وترشيد استخدام النقد الاجنبي وضرورة العمل علي توفير السلع الغذائية الاساسية ووضع نظام للاجور. يتناسب فيها الدخل مع مستوي تكاليف المعيشة, ووضع اليات سليمة وعادلة لنظام الدعم المخصص لبعض السلع والخدمات واعداد برنامج قومي للتشغيل وتدريب الشباب وتأهيلهم للدخول في سوق العمل وفقا لمتطلباته لمواجهة البطالة. كما تضمنت التوصيات ضرورة توفير المناخ المناسب والأمن لجذب الاستثمارات والنشاط السياحي, بالاضافة إلي توفير المناخ الاقتصادي الملائم لانطلاقة سوق الاوراق المالية من خلال التنسيق بين مختلف السياسات الاقتصادية في مصر, وتكاملها مع تطوير الجهاز المصرفي والتوسع في انشاء الأجهزة والمؤسسات التي تعمل في مجال الاستثمار مع ضرورة توافر الشفافية والوضوح في جميع المعاملات ومحاربة جميع اوجه الفساد وتعزيز مظاهر الديمقراطية. وتعتبر هذه الندوة الثانية التي تعقدها القوات المسلحة, في إطار اعادة صياغة سياسات الاصلاح الاقتصادي, لوقف خطر الانهيار الاقتصادي وتم خلال الندوة مناقشة عدد من الموضوعات مثل ايجاد حلول للازمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد وزيادة معدل التضخم.