برلماني: نمر بمرحلة تتطلب تكاتف الجميع    الطفل الأسواني أنس: حققت حلمي بمصافحة الرئيس السيسي    بعد واقعة التسمم، رئيس جامعة الأزهر ونائبه للوجه القبلي يتناولان وجبة العشاء مع طالبات الأقصر    طلب إحاطة وسؤال برلماني للحكومة بشأن أزمة التصالح على العيادات    محافظ الغربية يوجه برفع درجة الاستعداد لموسم الأمطار    عضو بغرفة شركات السياحة: تغيير نظام الترانزيت بالسعودية بسبب تلاعب بعض المعتمرين    وكالة الطاقة الذرية: المنشآت النووية في إيران لم تتأثر بالضربة الإسرائيلية    مدرب منتخب مصر السابق يفجر مفاجأة بشأن عقوبات كاف ضد الزمالك    الدوري الفرنسي.. آنجيه يتفوق على سانت إتيان برباعية وبريست يهزم ريمس    كلاسيكو الأرض| شوط سلبي بين ريال مدريد وبرشلونة    مصرع نائب رئيس مجلس الدولة فى انقلاب سيارته على طريق سوهاج الشرقي    محافظ الأقصر: حالات طالبات الأزهر بسيطة    قال عنها العندليب «مطربة كما قال الكتاب»| أهم أغاني الفنانة شريفة ماهر    أصل الحكاية | التاج الذهبي للملك «توت عنخ آمون» رمز العظمة والوحدة    خالد الجندي: لبس الرجال سلسلة فضة تشبه بالنساء.. فيديو    محافظ المنيا يتفقد سيارات خدمة الزيارة المنزلية ضمن مبادرة "بداية"    الحكومة حلت الأزمة.. الصيادلة تزف بشرى للمواطنين بشأن الأدوية    صفعة تصيب شابا بنزيف في المخ.. ماذا حدث في مدينة الصف؟    بأهداف عكسيه.. الرائد يضرب الفتح بثنائية في الدوري السعودي    بمشاركة تريزيجيه.. التعادل يحسم مباراة الريان ضد الأهلي في الدوري القطري (فيديو)    رفع لافتة كامل العدد.. استقبال مميز ل فيلم أثر الأشباح أثناء العرض العربي الأول    جورجيا.. الحزب الحاكم يعلن تصدره انتخابات البرلمان بعد انتهاء التصويت    كل السماوات تتأثر بأعمال بني آدم لهذه الأسباب.. أزهرى يُوضح بقناة الناس    كرة طائرة – مصطفى المنيري يترشح لعضوية مجلس إدارة الاتحاد المصري    مواصفات امتحانات شهر أكتوبر 2024 لصفوف النقل    في بيان مُصوّر.. حزب الله يُصدر أوامر إخلاء لسكان 25 مستوطنة إسرائيلية    توقعات سعيدة تنتظر 3 أبراج في النصف الثاني من نوفمبر.. «استعدوا للارتباط»    هجوم إسرائيلي على إيران.. القاهرة الإخبارية تعرض تقرير "نجاح مزعوم"    التشكيل الرسمي ل ريال مدريد ضد برشلونة في كلاسيكو الأرض بالدوري الإسباني    جولة سياحية للمشاركين بالمسابقة الإقليمية لمدارس الأبطال الموحدة للأولمبياد الخاص    دمياط الجديدة .. تنفيذ 11 قرار غلق وتشميع وإزالة مبان مخالفة بعدد من الأحياء    الرئيس السيسي يشاهد فيلما عن تطوير الطرق في احتفالية القبائل العربية بنصر أكتوبر    أبو العينين يهنئ محمد اليماحي بفوزه برئاسة البرلمان العربي    «الأرصاد»: حان الوقت لارتداء الملابس الشتوية    تفاصيل مواعيد مترو الأنفاق بعد تطبيق التوقيت الشتوى.. فيديو    السيطرة على حريق داخل معهد الأورام بالقصر العيني    جمعية رجال الأعمال المصريين توقع اتفاقية تعاون مع لجنة مدينة لينيي الصينية لتعزيز التجارة الدولية    رئيس أركان القوات المسلحة يتفقد إجراءات التأمين على الاتجاه الاستراتيجى الجنوبى    مصر تواصل قيادة المجموعة العربية في صندوق النقد الدولي بانتخاب معيط    ألمانيا.. فريق إدارة الأزمات يجتمع وسط مخاوف بشأن الشرق الأوسط    وزير الصحة يثمن دور الإعلام في تغطية مؤتمر السكان بصورة مشرفة لمصر    مفتي الجمهورية: جمود الفكر الديني أكبر تحدي للدعوة الإسلامية في العصر الحديث    أخبار الفن.. زوج جيهان سلامة يضربها.. صدمة أحمد عز.. حجاب نجمة ذا فويس    رئيس «النواب» يهنئ محمد اليماحي لفوزه برئاسة البرلمان العربي    وزير الخارجية: أتوقع زيادة حجم التبادل التجاري بين مصر وأوكرانيا ل 2 مليار دولار    وفد من نقابة الصحفيين جامعة أسيوط لبحث التعاون بالمجالات التدريبية والصحية    مصرع طالب جامعي أسفل عجلات قطار في الشرقية    إعلامى يكشف عن موقف هانى أبوريدة من الترشح بانتخابات اتحاد الكرة المصري    وزير التعليم العالي يفتتح عددًا من المشروعات التعليمية والصحية بجامعة الإسكندرية    صحة الدقهلية: تطعيم 7500 سجين باللقاح الكبدي الفيروسي "بي "    مدبولي: نحرص على دفع العمل في القطاعات المُنتجة لخفض فاتورة الاستيراد    «فاو» تكرم مدير مشروع حصر ومكافحة مرض العفن البني في البطاطس    وجه بها الرئيس السيسي..مدبولي :تجربة المدارس اليابانية شديدة التميز    وزير الأوقاف: القرآن الكريم هو المعجزة الخالدة التي أيد الله عز وجل بها نبيه    فيديو.. خبير سياسات دولية: إسرائيل تهول من نجاح الهجوم على إيران    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 26-10-2024 في المنيا    هل تجب قراءة الفاتحة بعد الإمام في الصلاة الجهرية أم يجوز تركها؟    إغلاق المجال الجوى الإيرانى بعد استهداف مطار الخميني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكايات من بلاد طيبة(2-5):
بخليط من ميراث الفرعونية والصوفية سلسال الأجداد يمتد للأحفاد .. ملوك الألباستر يحكمون البر الغربي

أن تكون صاحب حرفة يعني التحكم في مصدر رزقك وتحمل مسئوليته كاملة, فلا يتدخل بينك وبين رزقك المقسوم صاحب عمل يملي عليك تعليماته أو شروطه أو يضع لك مهاما وظيفية محددة, إلي جانب ميزة أن تنطبق عليك مقولة أن تعمل ما تحب فلا يمارس صاحب حرفة أو صناعة يدوية مهنته إلا بدافع الرغبة وحب الممارسة حتي وإن شاركهم ضروريات أكل العيش.
والأقصر كغيرها من محافظات الصعيد التي يعتمد معظم أهلها علي الصناعات اليدوية والحرفية ويجيدون فيها بل تتميز بينهم بسبب استفادة صناعها من الحضارة الفرعونية التي تحيط بهم من كل جانب واستلهموا منها مواهبهم التي تحولت بمرور الوقت إلي مصدر رزق تجد البيئة الملائمة للاستفادة منها وكذلك المجال التسويقي الذي يحتاج لوجود مثل هذه المنتجات.
في البر الغربي بدأنا الجولة بحثا عن صناع الفن الأقصري, أصحاب الأنامل الذهبية التي تمتلك سر الصنعة الفرعونية, محترفي الألباستر المهدد بالاندثار رغم انتشار عشاقه والهائمين به حول العالم الذين يعرفون طريقهم إلي القرنة في البر الغربي لاقتناء قطع أثرية نسخة طبق الأصل من التماثيل التي يعشقون مجرد النظر إليها.
جاءت البداية مع الدكتور سيد محمود المطعني الذي لا يحظي باللقب هباء بل بشهادات وتقديرات دولية حصل عليها من عدة دول من مختلف أنحاء العالم تقديرا لعلمه وفنه, انطلق حديثه من حقيقة يؤمن بها ويقتنع بصدقها وأراد التأكيد عليها وهي حقيقة أن مصر ولادة ليبدأ حديثه مؤكدا إننا بنعرف نعمل كل حاجة وبنقدر نتعلم كل حاجة مستندا إلي مشهد رآه في القاهرة القديمة أثناء زيارة له حينما تابع حديث أحد فناني الأرابيسك مع سائح أجنبي اتفق معه علي تجهيز كمية كبيرة له بعد تأكده من دقة المنتجات وجودتها بخلاف إعجابه بشكلها النهائي.
تحدث الدكتور سيد فنان الألباستر الأشهر في القرنة والبر الغربي بل والأقصر بأكملها عن تلك الصناعة الغالية التي يخشي عليها من الاندثار وهو السبب الذي دفعه للبقاء في الأقصر داخل ورشته القديمة التي نشأ فيها قائلا أجانب كتير عرضوا علي أسافر اللي عايزيني أدرس فنون جميلة عندهم واللي قالولي هنعمل مدرسة باسمك لكن أنا مش عايز كده, أنا عايز أفضل هنا وميهمنيش الفلوس المهم البني آدم, ويدافع عن حديثه مؤكدا أن هذا ليس بدافع الشهرة أو التسويق ولكن علي حد قوله في بيوت كتير متعلقة في رقبتي أسيبهم لمين ولا أسيب الصنعة تموت ؟!.
ويؤكد أن المصريين أفضل من كل البشر حول العالم في الصناعات اليدوية لأنهم فنانين بالفطرة مشيرا إلي أن غالبية أصحاب الصناعات اليدوية والحرف في مصر سواء في الأقصر أو أسوان أو في القاهرة القديمة وخان الخليلي وغيرها من المناطق التي تشتهر بذلك يمارسون تلك المهن منذ نعومة أظافرهم وتمكنوا منها وتميزوا فيها كما أنهم يمتلكون التاريخ والحضارة التي أضافت إلي صناعتهم الفن الذي يكمل جودة المنتج والصورة, علاوة علي أن شهادته نابعة بعد خبرة أكثر من50 عاما في المجال بالإضافة إلي زياراته المتكررة لدول عديدة حول العالم رأي خلالها محاولات كثيرة لإنتاج صناعات يدوية ولكن لم تكن أبدا بجودة المصري, لينهي حديثه بنبرة واثقة إحنا متفوقين عليهم ولكن نحن من نمنحهم الفرصة, مفسرا قوله بزيارة قام بها لبوابة المتولي تابع فيها خطوات تصنيع الفانوس القديم قائلا نعمل فانوس شبهنا وبالجودة دي وفي الآخر ناخد من الصين شوية بلاستيكات.
ويشير سيد إلي ضرورة مساندة الدولة للصناعات الحرفية والصغيرة وعدم الاكتفاء بدور مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات التي تتكفل بكثير من المساعدات من أجل تعليم أبناء الأقصر في سبيل الحفاظ علي المهن التراثية خاصة وأن هناك الكثيرين لديهم القابلية والاستعداد للتعلم والتميز مشيرا إلي ورشة قامت بإعدادها إحدي المؤسسات الخيرية بالأقصر لتعليم40 طفلا نجح منهم20 في عدد من المهن الحرفية والتراثية كان أغلبهم من الفتيات.
ويري أن الحكومة تمتلك كنزا لا تقدر قيمته حتي الآن لأن الوقوف خلف هذه المشروعات لن ينقذ صناعات هامة من الاندثار فقط بل ستقضي علي البطالة وتفتح الباب أمام كثيرين لديهم الاستعداد ولكن يخشون المصير المجهول, لينهي حديثه قائلا أنا رجل في السبعين, وعشت طول عمري اشتغل الشغلانة دي ومش عارف ليه كله عايز مكتب وبدلة, أومال مين هيشتغل في الورشة؟, وليه كله عايز البكالوريوس أومال مين هيبقي تعليم فني, مؤكدا أن المسألة تحتاج إلي صبر ورغبة حقيقية في اتخاذ طريق مغاير قد تتميز فيه عمن سلكوا الطريق المعتاد.
ويطالب بوجود جهة واحدة تستطيع الجمع بين أصحاب المواهب وأصحاب الخبرة وفي الوقت نفسه ممثل أو أكثر من الحكومة يختص بدعم مثل هذه الصناعات, كما توجه بحديثه إلي وسائل الإعلام مخاطبا فيهم حس المسئولية قائلا: لو هتنقلوا السلبيات انقلوا معاها الكويس عشان نقول إن إحنا عندنا حاجات كويسة متسيبوش الكويس مستخبي, إحنا من أغلي دول العالم.
أما خالد عبد الباسط وهو أيضا من سكان القرنة وأحد فناني النحت الفرعوني فقد بدأ العمل كمرشد سياحي بعد تخرجه من السياحة والفنادق رغم كونه هاويا للرسم والنحت الفرعوني, ولكن قرر أن يترك مهنة الإرشاد ويبدأ عمله الجديد الذي يحتاج إلي مزيد من التركيز والمثابرة حتي استطاع التأقلم معه بسبب البيئة المحيطة به في البر الغربي المليء بميراث وفنون الفراعنة التي تمثل بيئة ثرية للغاية لتنمية المواهب, ورغم تأثر صناعات البر الغربي بكافة قطاعاتها وأنواعها بعد الثورة وتوقف نشاط السياحة إلا أنه رفض التخلي عن مهنته رغم اتجاه البعض للعمل باليومية خاصة وأن هذا القطاع عاني بنسبة تتخطي ال95%, ليستمر خالد في زيارة المعابد وتبحر في تاريخ وحضارة الفراعنة وحفظ كافة الأشكال والرسومات التي قاموا بها وأخذ ينسخها في نماذج متعددة الأشكال والأحجام بحرفية شديدة تكاد تكون طبق الأصل.
وتحدث خالد عن والده الذي ينتمي إلي العصر الذهبي لهذا الفن حسب قوله, مشيرا إلي أن هذه المهنة تصل بالفنان إلي القمة ثم يعود من جديد إلي نقطة الصفر عندما يبلغ من العمر أرذله بحكم تقدمه في السن وضعف نظره مما يتسبب في صعوبة إجادته للعمل, مما يستلزم في رأيه تعليم الشباب والصغار لضمان استمرارية المهنة خاصة وأنها شغلانة مش سهلة علي الإطلاق ومحتاجة صبر علي حد وصفه.
ويوصي خالد المسئولين بأهالي القرنة الموهوبين الذين يختلفون في تخصصاتهم وأعمالهم والمواد التي يعتمدون عليها ويجتمعون علي جودة الفن ونقل إرث الفراعنة مؤكدا أن القرنة تحتوي علي أنتيكات كوبي درجة أولي خاصة وإن في بشاير حلوة للسياحة ولازم نستغلها صح علي حد قوله.
* حجازة تكسر حاجز الحدود هنا يلتقي فراعنة الأقصر و صناع قنا
رغم أننا تخطينا حدود محافظة الأقصر في ملف من المفترض أن يقتصر عليها فقط, إلا أن المسافة التي قطعناها من الأقصر حتي وصلنا إلي قنا لم تضع هباء كما أنها زيارة ذات صلة وطيدة بالأقصر بل هي استكمال لملف الصناعات اليدوية والحرفية التي تستفيد من بيئة الأقصر ونشاطها السياحي.
في مركز قوص تقع قرية حجازة التي تشتهر بصناعة الفخار والتماثيل الخشبية التي تتخذ من الأقصر سوقا مميزة لمنتجاتها خاصة تلك التي تحمل المخطوطات الفرعونية, وصلنا إلي أحد أهم وأشهر بيوت الفخار المعروفين ليس فقط علي مستوي محافظته بل كافة محافظات الصعيد المجاورة, هو بيت شحات الشيمي والورشة التي يقيم ويسكن فيها مع عائلته التي نشأت بين يديه الموهوبتين لينقل لهم فنون صنعته وليس فقط أصول تربيته.
الريس شحات كما يلقبه من حوله بدأ حديثه عن الفخار الذي يفتخر بصناعته قائلا: أنا وارثه عن أبوي وجدي وبشتغل فيه من زمن, أنا عندي55 سنة والفخار صنعتي من صغري, مستكملا حديثه بامتداد العائلة مرورا بالأبناء الستة وصولا إلي الأحفاد الذين يحلم بتعليمهم الحرفة كآبائهم وأمهاتهم مؤكدا حبهم للفخار لأن البيئة المحيطة بهم لا تخلو منه بل إن صناعته جزء لا يتجزأ من يومياتهم.
ولا يقتصر نشاط عائلة الشيمي علي الفخار بل يشمل أيضا الخشب الذي يستخدم بطرق مختلفة ومتنوعة كما أوضح الريس شحات مؤكدا مقدرتهم علي عمل أي حاجة من الخشب والفخار في حجازة.
ويضيف أن الاعتماد الأساسي علي الإنتاج والاستهلاك المحلي حيث يستخدم معظم أهالي الصعيد وليس فقط محافظة قنا أواني الفخار للطهو ولا يفضلون الأواني الأخري التي تدخل في صناعتها وتركيبها مواد قد تضر بالصحة, مؤكدا علي مميزات الفخار إنه أرخص وملوش آثار جانبية, مشيرا إلي بعض التفاصيل العلمية الخاصة بإعداد أواني الفخار والتي تحدث عنها بلسان خبير لا يمكن أن يجادله أحد, لينهي حديثه في هذا الجزء بنبرة واثقة دي صنعتي اللي فاهمها وحافظها صم.
ولكن لا تقتصر أعمال الفخار علي أواني الطهو بل هناك صناعات عديدة تمكن الشيمي من إضافتها لتطوير الصناعة من جهة والاستفادة من الأصل الفرعوني لهذه الصناعة من جهة أخري, مشيرا إلي أن الأجانب الذين يطلبون كميات من منتجات الفخار يأتون علي فترات كبيرة لأن معظمهم هدفه تعلم الصنعة وليس مجرد اقتنائها أو الاحتفاظ بها.
وضرب مثلا بجاك الفرنسي هذا الشاب الذي أتي إليه لاستكمال بحث يقوم بإعداده عن صناعة الفخار حيث جمع بينهم صديق مشترك, ليسرد الشيمي حكاية تدريب جاك علي صناعة الفخار وتنفيذه لكافة تعليماته قائلا كان تلميذ وحب يتعلم الصنعة أنا مخدتش منه فلوس لكن قولتله هيطلع عينك وإيدك الناعمة دي هتشقق واتعلم ولبس جلابية كمان.
واستطرد حديثه قائلا: فتح مصنع دلوقتي عندهم وأنا لسه زي مانا لتتبدل نبرة صوت الريس شحات وحديثه أيضا مطالبا الدولة بالاهتمام بكافة الحرف والصناعات اليدوية التي كادت أن تندثر مشيرا إلي أن أصحاب الحرف مبيشيلوش الدولة همهم ولا بيستنوا الوظيفة ورغم كده في معوقات كتير بتواجهنا وبتقف قدام شغلنا علي حد قوله.
ويري الشيمي ضرورة أن ترعي الدولة وتحافظ علي الصناعات التراثية وتقدم المساعدات اللازمة لأصحابها, ويتابع أنا حاولت سنة1993 أعمل مصنعا للفخار لو كان اشتغل من ساعتها كانت حجازة دي هتبقي حاجة تانية والناس كانت هتتنقل نقلة تانية وتشتهر بدل ما شهرتها محدودة وعلي نطاق القري والمحافظات المجاورة بس.
ويشير إلي أهمية تعليم الشباب والصغار هذه المهنة ومساهمة الدولة في ذلك والاهتمام بهم, لينهي حديثه مكررا عبارة واحدة مش لازم الصنعة تموت.
* بالاستعانة بأبو الحجاج و عبد الجليل والشاذلي وغيرهم.. مقامات البركة والفضفضة والدعاء لقضاء الحاجات
لا يمكن أن تنتهي الحلقة الثانية من حكايات بلاد طيبة دون رصد واحدة من أهم حكايات الأقصر التي لا يمكن تجاهلها أو إغفالها خاصة بعد رصد كيفية استغلال أصحاب الحرف والصناعات اليدوية لكافة تفاصيل أجسادهم من أجل إبراز مواهبهم والاستفادة منها كوسيلة ومصدر للرزق.
ولأن الروح جزء من الجسد فقد حان حديث الروح الذي يؤمن به معظم أهالي الأقصر بل وغالبية أهل الصعيد ويتبعونه من خلال عادة ترسخت بهم وباتت جزءا لا يتجرأ من حياتهم, فالتردد علي مقامات الأولياء بهدف التبرك والفضفضة والدعاء, وكل شخص والولي والمقام الذي يذهب إليه ويشعر بالراحة عند التوجه إليه.
أبو الحجاج الأقصري والسلطان عبد الجليل أبو حسن وسيدي أبو الحسن الشاذلي وغيرهم الكثير والكثير, ففي كل قرية بل وكل ناصية تجد مقاما يتبارك به الأهالي لقضاء حوائجهم, وليس غريبا أن تجد مقامات للأقباط يتباركون بها ويلتمسوا قضاء حوائجهم بعد الزيارة.
وتعددت المقامات والحكايات التي حتي وإن اختلف البعض عليها وعلي جدوي زيارتها إلا أن زائريها يفرضون علينا إتاحة المساحة لهم خاصة أنهم أعداد لا يستهان بها.
يقول إبراهيم أبو السعود أحد أهالي مدينة الأقصر إن الفكر الصوفي يعتبر من إحدي الطوائف الإصلاحية في المجتمع فهناك أربع طوائف إصلاحية ظهروا في منتصف القرن ال18 وأساس الهدف الذي ظهرت من أجله هذه التنظيمات لا يختلف عليه اثنان وحققت الأهداف المنشودة في وقتها, والصوفية تعني ارتقاء وانتقاء وصفاء وسمو بالنفس.
ويتابع أبو السعود قائلا: أهل الصعيد سواء مسلمين أو مسيحيين تغلب عليهم النزعة العاطفية ولديهم مقدسات يتباركون بها, فالتركيبة المصريةبداخلها معتقدات وأفكار تؤمن بها, ولكن مع التأكيد علي عدم خلط الفكر الصوفي عما يحدث أحيانا من دروشة في الأحوال وهلوسة في الأقوال علي حد وصفه.
ويشير إلي أن السبب في ذلك وجود الكثير من المدعين الذين يروجون لأنفسهم أنهم أصحاب مقامات وكرامات وهم بعيدون كل البعد عن ذلك ولكن نجحوا في أن يجعلوا من بعض المريدين أتباعا لهم, واستطرد قائلا: لكن بالرجوع للصوفيين الحقيقيين وأصحاب المشارف الصوفية سنجدهم كانوا يتنزهون عن أي شيء, ليصمت لحظات ملتقطا أنفاسه وينطلق مدافعا الصوفية ليست بدعة كما يشكك البعض ويكفي أنها تأخذ كلامها من القرآن.
وضرب مثلا بسيدي أبو الحجاج الأقصري الذي يأتي الناس له من كل مكان للمباركة به خاصة وأنه اختار موقع مقامه في موضع إستراتيجي بالأقصر, واستطرد قائلا: سيدي أبو الحجاج مش من مصر من المغربولكن ربنا جعل له مكانة في قلوب الناس مدللا علي صدق حديثه بالأعداد التي تأتي إليه حتي هذه اللحظة رغم وفاته منذ مئات السنين لمحاولة التبرك به والتماس قضاء الحوائج من منطلق قضاء حوائج خلقه بخلقه.
ويشير إلي أن الزائرين لأي ولي من أولياء الله الصالحين لقضاء حاجة ما ولا يشعر بقضاء هذه الحاجة إلا طالبها, ويؤكد أن المباركة بأولياء الله الصالحين مجرد طريق وأن الأمر كله بيد الله.
وعن احتفالات أهالي الأقصر في هذا الإطار ينتقد أبو السعود بعض الاحتفالات في الوقت الراهن حيث تحولت إلي تشويه وإساءة لصاحب الاحتفال إحياء لذكراه بسبب بعض التصرفات والسلوكيات غير اللائقة التي تصدر عن البعض وسط التجمعات الغفيرة التي تملأ الساحات, مشيرا إلي وجود حلقات ومجالس الذكر ولكن علي استحياء علي حد قوله.
بينما يقول الشيخ أمين الطيري نصر المشهور بأبو صالح أحد أهالي مدينة الأقصر إنه من المريدين ويحرص دائما علي زيارة مقامات الصالحين, ويضيف قائلا: أنا مرتبط بالصوفية وأحرص علي زيارة آل البيت وأذهب لسيدي أبو الحجاج زي كل الناس اللي بتيجي تتبارك بيه وبمقامه, ليسرد بعدها ولمدة ساعة كاملة حكايات أبو الحجاج كما حفظها عن ظهر قلب ويحب أن يرددها.
فيما تحدث أيمن النوبي والذي عرف نفسه بأحد مريدي الشيخ محمد عثمان البراهيمي رغم أن مقامه في السودان حيث يري أن أولياء الله الصالحين هم أحد سبل الهداية والصوفية لهم ورد معين وهو عبارة عن الاستغفار والذكر والصلاة علي النبي, والصوفية جاءت من الصفاء والنقاء.
ويشير إلي أن في المولد النبوي تجتمع كل طرق الاحتفال ويلتف الجميع من أهالي الأقصر وعدد من رجال العلم والشخصيات العامة للمشاركة في حلقات الذكر.
ليقاطعه الحاج عبد الرسول أحد الأهالي قائلا: أهالي الصعيد كلهم بيقيموا الموالد وجلسات الذكر احتفاء بالأولياء, لينتقل للحديث عن سيدي عبد الجليل أبو حسن الذي وصفه بأنه ليس من المتصوفين الصرف ولكنه ولي صالح من أولياء الله, ويقام الاحتفال بمولده في شهر شعبان ويجتمع أهالي القرية والمناطق المجاورة لإحياء ذكراه, كما تحدث عن أبو الحسن الشاذلي والذي يقام له مولد تقام به الأذكار ويذهب أهل التصوف لزيارته والتبرك به.
ويضيف أن هناك طرقا عديدة للاحتفال بالأولياء ولكن في النهاية كل طريقة لها أذكار معينة هي عبارة عن مجالس ذكر تسمي بالورد ثم الصلاة علي النبي والهدف من وراء كل ذلك التبرك فقط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.