طبقا لما اعلنته رئيس الوزراء البريطانية تريزا ماي منذ فترة قصيرة بانها ستحتفل هذا الصيف بمرور100 عام علي وعد بلفور والذي كان بداية سياسة بريطانيا التي تدعم بها اسرائيل منذ ان كان وزير خارجية لندن جيمس بلفور هو سبب تأسيس الدولة العبرية بفضل الخطاب الذي وجهه الي اللورد روتشيلد, فكان في التوقيت نفسه بداية معاناة الفلسطينيين ودمار مستقبلهم. طالبت ماي البريطانيين بان يشعروا بالفخر بذلك الوعد الذي قال عنه الكاتب البريطاني الشهير روبرت فيسك في كتاباته بصحيفة الاندبندنت إنه عندما نري الضرر الذي تعرض له الفلسطينيون في الضفة الغربيةالمحتلة وما يواجهه5 ملايين لاجئ فلسطيني في مخيماتهم بالشرق الأوسط إضافة إلي قطاع غزة الذي تحاصره إسرائيل, بكل تأكيد, يجب أن نعتذر. وهاجم فيسك رئيسة وزراء بريطانيا التي تتقرب من دول خليجية لتبيع لها صفقات الأسلحة وتمسك بيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المصاب بجنون العداء للمسلمين, حتي قال ان ماي ملتزمة بالإعلان عن فخرها بوثيقة هي الأكثر نفاقا وخداعا في التاريخ البريطاني الحديث. علي مدار قرن من الزمان والفلسطينيون تبدلوا موضع اليهود في الشتات قبل احتلالهم للأرض الفلسطينية, وعلي صاحب القوة أن يفرض كلمته ويأخذ حقه, ولذلك كانت الغلبة لإسرائيل بسبب الدعم الأمريكي البريطاني العلني. فليس لرئيس أمريكي أن يدخل إلي سدة الحكم في البيت الأبيض قبل أن يوقع ضمنيا مع الوكالة اليهودية الايباك في أمريكا علي عقد تقدم إسرائيل ودحر الفلسطينيين خلال مدة حكمه. الآن ونحن في فترة حاكم جديد للولايات المتحدة, فقد ظهرت لنا بوادر التحركات الأمريكية في هذا الملف بعد المكالمة الهاتفية الأولي بين الرئيسين الأمريكي ترامب والفلسطيني محمود عباس ابو مازن منذ3 أيام لتشكل بداية تحرك الإدارة الجديدة نحو ما سماه ترامب ب الصفقة الكبري, أي التسوية السياسية للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي. ونستوضح من مضمون المحادثة الدافئة أن ترامب قال لأبو مازن إنه يعتبره رجل سلام وسيصبحان شريكين في عملية سياسية تقود الي سلام حقيقي بين الفلسطينيين والاسرائيليين, وأنه عين فريقا لتحقيق هذا الغرض, موضحا أنه الآن في مرحلة تكوين الرؤية ووضع الخطة و تحديد الإطار للعملية السياسية المقبلة. ومن المفترض أن هناك سلسلة من اللقاءات الفلسطينية- الأمريكية ستعقد هذه الايام تحضيرا للقاء القمة بين ترامب وعباس, من بينهم مبعوث الرئيس الأمريكي لعملية السلام, جيسون جرينبلات الذي وصل بالفعل الي تل ابيب للقاء الرئيس الاسرائيلي ورئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وايضا الذهاب الي رام الله للقاء ابو مازن ومعاونيه. اللافت في الأمر أن هناك3 شخصيات مثيرة للجدل هم من سيتولون الانجاز في اكثر قضايا العالم تعقيدا وهي القضية الفلسطينية. فاول هذه العناصر هو جرينبلات نفسه, الذي يعتنق اليهوديةالأرثوذكسية, ودائما ما يرتدي القبعة اليهودية, وهومحام متخصص في قانون العقارات, عينه ترامب في منصب جديد استحدث داخل الإدارة الأمريكية للعلاقات الدولية, وهو ضمن11 مسئولا يهوديا يحيطون بترامب. والشخصية الثانية هي يائيل لامبرت التي تولت خلال فترة الرئيس الامريكي السابق باراك أوباما المسئولية عن ملف إسرائيل في مجلس الأمن القومي ومازالت في منصبها حتي الآن وترافق جرينبلات في الرحلة, وهي كانت تعمل نائبة القنصل الأمريكي العام في القدسالمحتلة سابقا وتتحدث اللغة العربية الفصحي بطلاقة. أما عن الشخصية الثالثة فهو سفير إسرائيل لدي الولاياتالمتحدة رون ديرمر, الذي شغل سابقا منصب المبعوث الاقتصادي الاسرائيلي لدي الولاياتالمتحدة من عام2005 وحتي2008 وهو منصب يتطلب منه أن يتخلي عن الجنسية الأمريكية, وكان ايضا المسئول من قبل نتنياهو عن صياغة التفاهمات مع الإدارة الأمريكية حول البناء في المستوطنات. اذا كانوا هؤلاء هم حصان طروادة الذي سيرتاده ترامب للعبور بالقضية إلي بر الأمان وتسوية الأزمة المزمنة بالوصول الي حل الدولتين, فكيف لنا نحن العرب أن نثق في خطوات هذا الحصان. في النهاية.. وبما أن ترامب رجل أعمال في الأساس وحزبه جمهوري, فما زال في الأفق بصيص من النور لا بد أن نسير وراءه لربما نجد سبيلا حقيقيا يأتي من طريقة حسابات جدول ضرب ترامب وقسماته.