فيما تردد أخيرا عن اتجاه لجنة القوي العاملة بمجلس النواب لمناقشة زيادة رواتب العاملين بالدولة في ظل تقدم بعض اعضاء المجلس بطلبات لهذا الأمر لمواجهة ارتفاع الأسعار, قال اقتصاديون ان أي زيادة في اجور العاملين بالدولة تمثل اثرا سلبيا علي موازنة الدولة, وتؤدي الي ارتفاع نسبة العجز, فضلا عن زيادة معدلات التضخم والتي وصلت الي30%, واصبحت تمثل عائقا امام الاستثمارات. قالت الدكتورة عالية المهدي, استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة: ان الحديث عن زيادة نسبة الأجور يؤثر سلبا علي عجز الموازنة, وتصبح دائما غير متوازنة وتظل نسبة العجز قائمة بها. واضافت: هناك ايضا اثر سيئ يترتب علي زيادة الأجور, وهو الأمر الذي يحدث دائما مع كل زيادة ويتمثل في ارتفاع اسعار السلع, وزيادة معدلات التضخم, وبالتالي تصبح الزيادة في الاجور كأن لم تكن, موضحة ان كل من زادت اجورهم خلال الفترة الماضية او حتي من لم تزد اجورهم اصيبوا بضرر من جراء ارتفاع اسعار السلع خلال الفترة الماضية. واوضحت انها ضد هذا الإجراء, حيث ان حجم الأجور يمثل اكثر من25% من اجمالي حجم موازنة الدولة, واذا تمت زيادتها اكثر فإن ذلك يؤدي الي ارتفاع نسبة العجز, وهو الامر الذي تسعي الحكومة الي تداركه من خلال العمل علي خفض نسبة العجز بالموازنة. واشارت الي ان زيادة نسبة العجز بالموازنة تواجهها الدولة من خلال الاقتراض او الإصدار النقدي, وبالتالي يكفي الزيادة السنوية التي تتم من خلال علاوة الدولة السنوية, خاصة ان الموازنة لم تعد تحتمل نفقات اكثر من ذلك. وأكدت أهمية دور لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب في مراعاة هذه الامور, خاصة انه من المفترض انهم علي قدر كبير من الدراية بالأمور الاقتصادية, لافتة الي ان التصريجات الاخيرة لوزير المالية أوضحت ان نسبة العجز بالموازنة تتراوح بين10:10.25% من الناتج المحلي الاجمالي. من جانبه قال الدكتور محمد دشناوي, الخبير الاقتصادي, ان زيادة رواتب العاملين بالدولة له ضوابط, موضحا ان الخاضعين لقانون الخدمة المدنية خارج هذا الإطار لوجود لائحة يخضعون لها, وفي الوقت نفسه هناك بعض الموظفين خارج نطاق هذا القانون مثل المدرسين الذين لهم كادر خاص بهم, وهم من تفكر الحكومة في إعادة النظر في رواتبهم. واشار إلي أن أي حديث من جانب بعض نواب مجلس الشعب عن زيادة رواتب العاملين بالدولة يأتي من منطلق الشو الاعلامي او اثبات الذات, خاصة ان نسبة العجز بالموازنة قد بلغت ما يقرب من12%, في حين ان الاتفاق مع صندوق النقد الدولي يقتضي خفض نسبة هذا العجز خلال ثلاث سنوات الي7%. واوضح ان زيادة رواتب العاملين بالدولة يترتب عليه ارتفاع معدلات التضخم, والتي وصلت حاليا الي30%, وهو الامر الذي يمثل عائقا امام الاستثمارت الاجنبية, ومن المفترض ان الدولة تعمل علي الوصول بحجم التضخم الي9% او اقل خلال ثلاث سنوات. ولفت إلي أن حجم الاجور بالموازنة كان260 مليار جنيه, وهي تساوي الآن280 مليار جنيه بعد انخفاض قيمة الجنيه, وبالتالي فلابد من الدخول في حالة انكماش لمدة ثلاث سنوات لتقليل هذا الرقم. وأكد الدكتور طارق حماد عميد كلية التجارة جامعة عين شمس الاسبق أن هذه المطالبات برفع الأجور لمواكبة ارتفاع الأسعار لن تحل الازمة وإنما سوف تسهم في استفحالها وزيادة نسبة التضخم بنسبة كبيرة مما يضر قيمة الجنيه المصري. وأشار إلي أن الحل في علاج هذه الأزمة يأتي من خلال زيادة الإنتاج مشيرا الي أنه في حالة رفع الاجور دون التوسع في الإنتاج سوف يؤدي الي زيادة معدلات التضخم في ظل زيادة المعروض من النقود دون توافر ما يقابلها من السلع مما يدفع الاسعار للزيادة المرة تلو الأخري. وأكد أن زيادة الإنتاج سوف تدفع الأسعار الي الانخفاض نظرا لزيادة المعروض من السلع بكل القطاعات وهو الحل الأمثل لامتصاص الارتفاع في نسبة التضخم تدريجيا, مشيرا الي أن رفع الأجور دون زيادة الإنتاج سوف يقفز بنسبة التضخم لندخل في حلقة مفرغة بين الأجور والأسعار. وأوضح أن تقليص حجم الاستيراد فضلا عن ترشيد الاستهلاك يساهمان في خفض نسبة التضخم وليس طبع النقود التي سوف تدخلنا في موجة تضخمية وانخفاض قيمة الجنيه مثل عدد من الدول ومنها السودان. وأعرب عن اعتقاده أن هناك4 بدائل لتعامل المواطنين مع ارتفاع الاسعار بهذه الصورة أولها الاستغناء عن استخدام بعض السلع الترفيهية أو غير الضرورية وثانيها تقليل استهلاك عدد من السلع التي لا يمكن الاستغناء عنها والثالثة تأجيل استخدام السلع غير الضرورية لحين انخفاض اسعارها والرابعة البحث عن السلع البديلة لغيرها التي ارتفعت سعرها. وأشار الي أنه منذ ثورة25 يناير مرورا بلجنة الخمسين والمائة لم يتم الإستعانة بالخبراء الإقتصاديين والمحاسبين سواء في رؤساء الوزراء المتعاقبين وإنما تتم الاستعانة بالبعيدين كل البعد عن الاقتصاد وعدم توافر الخبرات الاقتصادية المتراكمة لديهم فضلا عن عدم استعانة الوزراء بالكفاءات والخبرات الاقتصادية بمصر وهم كثر مما يؤدي الي وقوع الحكومة في أزمات متعددة وقرارات خاطئة يتم حلها بأخري غير جيدة تؤثر في الشعب المصري لعدم اتخاذها بناء علي دراسات دقيقة. وأكد الدكتور عبد الرحمن عليان أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة عين شمس ضرورة تحديد مصادر تمويل هذه الزيادة في الأجور التي يطالب بها بعض أعضاء مجلس النواب وهل هي من الموازنة العامة للدولة مما يؤدي الي زيارة العجز بها أم من مصادر تمويل أخري. وأكد أنه من حق كل مواطن أن يحصل علي أجر يتوافق مع الارتفاع في الأسعار الذي شهدته السوق المصرية إلا أنه قبل الحديث عن هذا الحق لا بد من تحديد مصدر التمويل حتي لا تدخل الحكومة في أزمة جديدة لزيادة العجز بالموازنة. وأشار الي ضرورة زيادة الإنتاج قبل التوجه لزيادة الأجور لاستيعاب هذة الزيادة في الإنفاق نتيجة لزيادة الأجور وإلا سوف تزيد نسبة التضخم.