لاشك أن قرار القمة الإفريقية الأخيرة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بالموافقة علي عودة المغرب إلي- بيته من جديد عضوية الاتحاد حيث وافق39 رئيس دولة وحكومة إفريقية علي هذا القرار بينما عارضته15 دولة أخري, يأتي تتويجا للجهود المكثفة التي بذلتها القيادة السياسية المغربية خلال العامين الماضيين في القارة السمراء, حيث قام العاهل المغربي الملك محمد السادس بجولات مكوكية في عدد كبير من دول القارة في مقدمتها دول الغرب والشرق الإفريقي والتي يرتبط معها المغرب بعلاقات اقتصادية وسياسية وثيقة. وبدأ المغرب تحركاته الفعلية للعودة إلي الاتحاد منذ يوليو الماضي حيث بعث العاهل المغربي رسالة إلي القمة الأفريقية والتي عقدت في العاصمة الرواندية كيجالي يطلب فيها عودة بلاده لعضوية الاتحاد الإفريقي ولكنه أوضح في رسالته أنه لن يقبل بوجود كيان وهمي علي حد وصفه وهو الجمهورية الصحراوية, التي تحتل مقعدا كاملا في الاتحاد الإفريقي ولكن ومع وجود دعم قوي للقضية الصحراوية من قبل عدد من الدول الأفريقية في مقدمتها الجزائروجنوب إفريقيا ونيجيريا وعدد من حلفائهم تم التوصل إلي توافق بين القادة الأفارقة إلي قبول عودة المغرب إلي الاتحاد مع استمرار عضوية الجمهورية الصحراوية وهو ما دفع عددا من المسئولين الصحراويين إلي الترحيب بعضوية المغرب حيث انها تعد علي حد قولهم اعترافا ضمنيا بالجمهورية الصحراوية. وأعتقد أن عودة المغرب للاتحاد الإفريقي سوف تعيد قضية الصحراء الغربية من جديد إلي طاولة الاتحاد وهو ما يسعي المغرب إليه, حيث اكتشف أن دبلوماسية المقاطعة والمقعد الفارغ والتي استمرت أكثر من32 عاما عقب انسحاب المغرب من عضوية الاتحاد الإفريقي منظمة الوحدة الإفريقية آنذاك عام1984 احتجاجا علي قبول عضوية جبهة البوليساريو بالاتحاد لم تعد مجدية, وإنما حققت مكاسب كبيرة للصحراويين حيث يشاركون في عضوية البرلمان الإفريقي بل ويشغلون منصب نائب رئيس البرلمان. وسوف يسعي المغرب خلال المرحلة المقبلة إلي ممارسة الكثير من الضغوط علي مفوضية الاتحاد الإفريقي خاصة بعد رحيل رئيسة المفوضية السابقة د. دلاميني زوما وزير خارجية جنوب إفريقيا السابقة والتي كانت تمثل دعما للصحراء وتولي وزير خارجية تشاد منصب رئيس المفوضية, حيث تعتقد الدبلوماسية المغربية أن لديها فرصة كبيرة لتوثيق ودعم علاقتها مع الدول الإفريقية وفتح صفحة جديدة مع الدول التي عارضت عودتها للاتحاد حتي تكون لديها قوة أكبر ودعم بارز داخل الاتحاد من أجل تحقيق هدفها هو إلغاء عضوية الجمهورية الصحراوية, وإن كانت تلك الجهود سوف تصطدم بميثاق الاتحاد والذي ينص علي إلغاء أو تعليق عضوية الدول حال تعرضها للانقلابات العسكرية فقط بعد توصية من قبل مجلس السلم والأمن الإفريقي والذي يشغل منصب مفوض المجلس السفير إسماعيل شرقي وهو جزائري الجنسية. والمؤكد أن عودة المغرب إلي الاتحاد سيعطي العمل الإفريقي دفعة كبيرة علي كافة المستويات, حيث سيساهم المغرب بعلاقاته المتميزة مع العديد من دول القارة بالإضافة إلي علاقاته مع الدول العربية والأوروبية في دعم عمليات التنمية والتكامل الاقتصادي بين شعوب إفريقيا, وأيضا سوف تساهم الدبلوماسية المغربية في مواجهة الأزمات التي تتعرض لها القارة خاصة فيما يتعلق بالحروب والنزاعات, وربما تشهد المرحلة المقبلة مفاوضات جادة بين المغرب والاتحاد للتوصل إلي حل لأزمة الصحراء والتي أصبحت في مقدمة أولويات العمل الإفريقي بعد عودة المغرب إلي الاتحاد, وبالتالي إعادة طرح القضية الصحراوية من جديد علي طاولة المفاوضات بهدف التوصل إلي نتائج حقيقية وملموسة بعد سنوات من المناوشات والمفاوضات دون طائل.