تشهد أسعار الدواجن علي مدي الاسابيع الماضية ارتفاعات متتالية بصورة غير طبيعية لترتفع لأكثر من ثلاثين جنيها للمرة الأولي, مما طرح العديد من التساؤلات حول أسباب هذه الزيادات الكبيرة وغير المتوقعة, وهل ترجع الي قرارات الحكومة مؤخرا وفي مقدمتها تعويم سعر الجنيه أو اتحاد منتجي الدواجن وأصحاب المزارع الذين سيطروا علي سوق الدواجن مع عدم توافر أي منافس حكومي يراعي البعد الاجتماعي. أكد الدكتور محمد عبد الحليم رئيس قطاع الإنتاج الحيواني والداجني الأسبق بوزارة الزراعة ومدير محطة بحوث الإنتاج الحيواني بكفر الشيخ أن الارتفاع الكبير الذي شهدته سوق الدواجن في مصر خلال الفترة الأخيرة يرجع إلي العديد من الأسباب وفي مقدمتها قرار تعويم الجنيه. وأوضح أن90% من صناعة الدواجن تعتمد علي الاستيراد بداية بالأعلاف سواء الذرة الصفراء التي تساهم بنسبة50% من المكون العلفي للدواجن يتم استيرادها نظرا لعدم اتجاه الفلاحين لزراعتها خلال موسم الصيف لانخفاض العائد منها مقارنة بالمحاصيل الاخري ومنها القمح والبنجر, مشيرا إلي أن أسعار طن الذرة حاليا يتعدي4200 جنيه للطن بما يعني أن الكيلو يزيد علي4 جنيهات بينما أعلنت الحكومة عن سعر استلام محصول الذرة بسعر2100 جنيه للطن أي بنصف سعر الذرة المستوردة. وأشار إلي أن فول الصويا المستخدم في العلف بنسبة لا تقل عن20% يتم استيراده أيضا, حيث شهدت أسعاره ارتفاعا كبيرا خلال الفترة الأخيرة ليصل إلي8500 جنيه للطن مقابل4500 جنية مما يؤثر سلبا علي علي هذه الصناعة لارتفاع تكلفة الإنتاج, مؤكدا علي ضرورة توفر هذين السلعتين بهذه النسبة لتكوين عليقة علفية تحتوي علي22% من البروتين. وأكد ان مصر تعاني حاليا من تواجد سوق احتكارية للحبوب ويسيطر عليها5 من رجال الاعمال وهو ما أدي إلي ارتفاع أسعار الأعلاف بصورة كبيرة. وأضاف أنه يتم استيراد اللقاحات والأدوية لقطاع الدواجن بحوالي10 مليارات دولار سنويا لتقليص الفجوة الكبيرة في اللقاحات المحلية والتي لاتزيد عن500 مليون جرعة يتم إنتاجها في مصر فقط بينما نحتاج بحد أدني إلي2 مليار جرعة للوصول إلي الاكتفاء الذاتي من اللقاحات والامصال. وأكد أن الحل لهذه الأزمة لن يأتي سوي بالتوجه الي زيادة مساحات الأراضي المزروعة بالذرة من500 ألف فدان إلي مليون فدان علي الأقل لتقليص الفارق الكبير بين حاجة مصر من هذا المحصول وبين ما يتم استيراده. وقال إن مصر كانت من الدول المصدرة للدواجن عام2006 وذلك لانخفاض تكاليف الإنتاج إلا أنه منذ بداية غزو واختراق مرض انفلونزا الطيورلسوق الدواجن في مصر انخفض الإنتاج كثيرا وتم تدمير هذه الصناعة نسبيا إلا أنها بدات في استعادة عافيتها تدريجيا حتي وصلت إلي إنتاج95% من الإكتفاء الذاتي حاليا. وأكد الدكتور خالد توفيق رئيس قطاع الثروة الحيوانية والداجنة السابق بوزارة الزراعة وأستاذ بمعهد بحوث الإنتاج الحيواني بمركز البحوث الزراعية أن هناك عددا من رجال الأعمال يتحكمون في مقادير صناعة صناعة الدواء حاليا وتحديد هامش الربح من خلال السيطرة علي منظومة استيراد مستلزمات إنتاج صناعة الدواجن من أعلاف وأمصال وغيرها. وأشار الي أنه وأن كان تعويم سعر الصرف للجنيه يمثل أحد أسباب أزمة ارتفاع أسعار الدواجن إلا أنه ليس السبب الوحيد. وأوضح ان حل الأزمة لا يكمن في استيراد الدواجن من الخارج لإغراق السوق وخفض الأسعار, مشيرا إلي أن هذا القرار سوف يؤدي الي تدمير هذه الصناعة التي يتعدي حجم استثماراتها30 مليار جنيه ويمثل القطاع التجاري بها70% منها والنسبة الباقية من القطاع الداجني الريفي, وإنما في تنمية هذه الصناعة من خلال عدد من الخطوات الجادة التي تمثل قبلة الحياة لها. وأشار إلي أن تطبيق منظومة الزراعات التعاقدية ثلاثية الأطراف أحدها الفلاح لضمان السعر العادل والتسويق, والثاني المشتري وهو من اصحاب مزارع الدواجن بينما الثالث هو المركز لضمان تنفيذ العقد وعدم الإخلال به, فضلا عن التحكيم بين الجانبين في حالة الإخلال به وهذا سوف يدفع الفلاحون لزراعة الذرة الصفراء وفول الصويا وهو ما يوفر الأعلاف اللازمة لمزارع الدواجن وعدم اللجوء للإستيراد. وأشار الي ضرورة إنشاء صندوق لموازنة أسعار الأعلاف من أي متحصلات للدولة وليكن من متحصلات الصناديق الخاصة بوزارة الزراعة. وأكد أن التزام اتحاد منتجي الدواجن بالتعهدات والوعود التي أطلقها للحكومة في إنشاء شركة تسويقية من المزرعة الي المستهلك ملحق بها منافذ بيع للدواجن لضرب الحلقات الوسيطة التي تؤدي لزيادة السعر سوف يؤدي إلي خفض الأسعار بنسبة كبيرة. وقال إن تشغيل المجازر الخاصة بالدواجن بالكامل والتي تتبع اتحاد منتجي الدواجن والتي لا يعمل منها سوي15% فقط من300 مجزر وهي قادرة علي استيعاب المنتج المحلي من الدواجن فضلا عن دور هام جدا وهو المساهمة في التحكم في عدم انتقال الطيور الحية من محافظة لأخري وتفعيل القرار الوزاري بطريقة غير مباشرة مما يؤدي الي عدم انتقال أي أمراض وفي مقدمتها انفلونزا الطيور من مكان لآخر. وأكد أن اتحاد الدواجن تعهد بإنشاء شركة لإنتاج لقاحات وأمصال محلية من عترات فيروسية محلية لتقليص الفجوة بين اللقاحات المستوردة والمحلية من التحصينات حيث يتم استيراد أكثر من85% من اللقاحات وتكون الشركة مساهمة بين الإتحاد والحكومة. وطالب بإقامة بورصة للدواجن تديرها خبرات وكفاءات يشهد لهما بالنزاهة والإخلاص ويفضل أن يكونو بعيدين عن قطاع الصناعة لضبط الأسعار.