قال د. مجدي مرشد, عضو لجنة تقصي حقائق الأدوية بمجلس النواب, إن الأزمة دخلت مرحلة حرجة نتيجة سوء التخطيط والإدارة, وأن البرلمان تأخر كثيرا في إصدار قرار تشكيل اللجنة, نظرا لأن الأزمة بدأت قبل عام كامل. ودعا رئيس لجنة الصحة السابق بالبرلمان في حواره لالأهرام المسائي, إلي ضرورة تشكيل لجنة طواريء لإعادة تسعير4 آلاف صنف دواء, وتشكيل هيئة عامة للدواء خارج عباءة وزارة الصحة, وإعادة تسعير الأدوية كل عامين وفقا لتغير سعر الدولار والمواد الخام. وإلي نص الحوار: لماذا لم تجتمع لجنة تقصي الحقائق إلي الآن؟ اللجنة ستجتمع منتصف هذا الأسبوع لوضع خطتها, وجدولها الزمني لزيارة عدد من شركات التوزيع والمخازن, بهدف كشف طرق التلاعب في الأدوية المهربة, ومنتهية الصلاحية, التي يعاد تغليفها وطرحها بالأسواق مرة أخري, وتؤثر سلبا علي حياة المواطنين, تمهيدا لإعداد قوائم سوداء بالمخازن والصيدليات المحتكرة للأدوية, بهدف تعطيش السوق, ورفع أسعارها. لماذا تأخر البرلمان في إعلان تشكيل اللجنة؟ التوقيت الحالي لم يكن الأنسب لبدء أعمال اللجنة, كان يمكن تشكيلها منذ فترة, حيث إن الأزمة دخلت مرحلة حرجة, مع ارتفاع حالة الاحتقان بين كل أطرافها, الأمر الذي يستلزم الوصول إلي اتفاق بخلفية وطنية, ملزم للجميع, بعيدا عن أي نوع من الجشع أو الاحتكار, للإسراع في توفير الأدوية الناقصة في السوق. هل يمكن للجنة الإسهام في وضع هذا الاتفاق؟ الأزمة تتطلب وضع هذا الاتفاق في أقرب وقت, في ظل معاناة المواطنين من نقص الأدوية من ناحية, وارتفاع أسعارها بشكل عشوائي وانتهازي من ناحية أخري, لأنه من الظلم أن يدفع المريض ثمن سوء التخطيط والإدارة, وعدم وجود رؤية واضحة للخروج من الأزمة من جانب وزارة الصحة, والأجهزة التنفيذية. هل ستنجح زيارات اللجنة الميدانية في كشف ملابسات الأزمة؟ علي العكس, أري أن تحرك اللجنة في الفترة الحالية قد يعوق حل الأزمة, لأن نزول أعضائها في جولات ميدانية للتفتيش علي مخازن ومصانع الأدوية, سيحدث حالة من الترقب, والتوقف عن الإنتاج, لانشغال الصانع والموزع والصيدلي بإبراء الذمة أمامها, والذي سيؤثر بالسلب علي استقرار سوق الدواء, وتوفير الأطراف المعنية للأدوية الناقصة. هل يمكن للدولة توفير الدولار بسعر مخفض للشركات عوضا عن رفع الأسعار؟ تقديم الدولة دعما دولاريا لمصانع الأدوية والمنتجين أمر صعب جدا, ويكاد يكون مستحيلا, ولكن يمكن إعفاؤهم بنسبة محددة من الأرضيات والجمارك, وخفض شريحة محاسبتهم في متحصلات المرافق مثل الكهرباء, مع رفع الأدوية من جدول ضريبة القيمة المضافة بشكل كلي, والحق يقال فإن هناك أدوية مسعرة منذ عام1995 حين كان سعر الدولار3 جنيهات ونصف الجنيه, وهذا أمر غير عادل. لماذا لم تضع الدولة خطة لتجنب الأزمة قبل قرارها بتحرير سعر الجنيه؟ ليس ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه هو السبب الرئيسي للأزمة, كما تروج شركات ومصانع الأدوية, بل هو زاد من حدتها, وأسهم في اختفاء الكثير من الأدوية المحلية والمستوردة من السوق, ولكن الأزمة بدأت منذ عام كامل, وارتفعت وتيرتها تدريجيا وصولا إلي الأزمة الحالية, نتيجة عدم وضع حلول دائمة لها, والاكتفاء باتخاذ قرارات مسكنة. هل تقصد هنا زيادة سعر الأدوية بواقع20% في مايو الماضي؟ الزيادة وقتها كانت محاولة لتوفير نحو1740 صنف دواء اختفت من الأسواق, إلا أن قرار الزيادة كان استسهالا, وفشل تماما في مواجهة أزمة الأدوية الناقصة, التي زادت أعدادها, واستغل المحتكرون الأزمة, ونشطت السوق السوداء. وزيادة الأسعار بنسبة محددة كما حدث في السابق أمر مرفوض, نحن مع إعادة التسعير, لأن هناك أدوية تخسر فعليا, فتوقف إنتاجها, واختفت من السوق, وأدوية أخري تكسب حتي بعد الزيادة الأخيرة في سعر الدولار, لذا يجب رفع أسعار الأدوية الخاسرة لتستمر, وخفض أسعار المرتفعة منها, فلا يمكن زيادة أدوية رابحة أصلا. هذا يتطلب تشكيل لجنة لإعادة التسعير؟ لا بد من تشكيل لجنة طواريء لتسعير الأدوية الأكثر تداولا في السوق, والتي تصل إلي4 آلاف صنف دواء, علي أن تضم ممثلين عن الإدارة المركزية للشئون الصيدلية بوزارة الصحة, وشعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية, ونقابة الصيادلة, ومجلس النواب, بحيث تعقد اجتماعات مستمرة لمدة شهر علي الأكثر للانتهاء من عملها. ألا يوجد صعوبة في تسعير كل دواء بشكل منفرد؟ علي الإطلاق, كلفة كل دواء محسوبة جيدا, وتحديد هامش ربح25% نسبة معقولة, يجب تثبيتها علي كل الأدوية, فإذا رفعت اللجنة أسعار2500 دواء مثلا, وخفضت في المقابل1500 صنف, سيشعر المواطن بالمصداقية, ولن يتأذي مادامت الأسعار عادلة, علي أن تعيد اللجنة تسعير الأدوية كل عامين, وفقا لتغير سعر الدولار, والمواد الخام. والحاصل الآن أن الأدوية الخاسرة غير متوافرة في الصيدليات, والأدوية الرابحة هي المتاحة, وعمل اللجنة سيضمن عدم ارتفاع أسعار الأدوية دون مبرر, أو بيعها بأعلي من ثمنها الفعلي. وماذا عن دور الحكومة في حل الأزمة؟ وزارة الصحة هي الجهة التنفيذية المعنية, وعليها التعامل مع الأمر الواقع, واتخاذ خطوات جادة في التنفيذ بعيدا عن سياسة المسكنات, ولابد أن تكون للدولة خطة طويلة المدي لتطوير صناعة الأدوية, ودعم صغار المستثمرين بها, مع تشكيل هيئة عامة للدواء خارج عباءة وزارة الصحة, لتكون مسئولة عن صناعة الأدوية, ليستريح المصريون من صداع نقص الدواء. فالمريض أصبح لديه استعداد لشراء الدواء بأي سعر, في ظل حالة احتياجه, ونقص الأدوية له تداعيات خطرة, ويكفي القول إن أحد الزملاء من النواب لم يستطع إيجاد دواء لمرض السكري في الصيدليات, رغم ما له من علاقات. هل ستستطيع اللجنة إقناع وزارة الصحة بتحريك الأسعار؟ مخزون الدواء الحالي لا يكفي إلا لمدة تتراوح بين شهرين وستة أشهر, ووزير الصحة د. أحمد عماد يعلم ذلك جيدا, وإذا لم تتوافر الأدوية خلال تلك الفترة ستدخل البلاد في أزمة كبيرة, قد لا يمكن احتواؤها. كل دواء له12 بديلا مسجلا في وزارة الصحة, ومعظم البدائل رخيصة الثمن اختفت بعد تحرير سعر الجنيه, فزيادة الأسعار بمقدار معين ستسهم في توافر تلك البدائل بالسوق, والمريض لن يتأذي إذا زاد ثمنها مثلا من10 جنيهات إلي20 جنيها, لأن مضاعفة ثمن الأدوية الرخيصة سيكون أقل ضررا بالنسبة له مع اضطراره لشراء الأغلي.