داخل أحد الأزقة بحارة السايس بمنطقة معروف الذي يعد من الأحياء الفقيرة قابلت السيدة حكمت التي تجاوزت الستين من عمرها التي بدت عليها علامات الحزن والحسرة فهي تقطن بأحد المنازل هناك. و التي تعد أشبه بقبور للأحياء فالمنزل عبارة عن غرفتين كل منهما لا تتحمل أكثر من شخصين وتفتقر إلي أبسط معالم الحياة فتفتقد إلي عناصر التهوية والاضاءة اقتربت منها وجري حديث بيني وبينها فعرفت انها اصيبت بكسر في ذراعيها نتيجة سقوطها ولم تجد من يرعاها واكدت لي أنها كانت تعيش بأحد المنازل التي هدمت قبل25 يناير من قبل الشركة التي تدعي ملكيتها للأرض وسبق أن وعدتها بمكان بديل لكنها لم تتمكن من الحصول عليه واعربت عن بالغ قلقها من حدوث أي قرار بنقلها خارج المنطقة وتتمني أن تنهي عمرها بداخل هذه الغرفة ثم اعتذرت لي عن عدم قدرتها علي استكمال الحديث لشعورها بالألم من الحادث الأخير الذي تعرضت له. السيدة حكمت نموذج لعائلات كثيرة تعيش بالعشوائيات التي تعد كارثة هددت مجتمعنا وفي اطار ذلك وافق الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراءعلي الخطة التي أعدتها وزارات التخطيط والتعاون الدولي والتنمية المحلية والإسكان والمرافق ومحافظة القاهرة, بالتعاون مع صندوق تطوير العشوائيات, لإنهاء مشكلة المناطق العشوائية حيث يبلغ عدد هذه المناطق16 منطقة بالقاهرة تتضمن9000 وحدة سكنية في مناطق تنعدم إمكانية معالجتها حيث تم الاتفاق علي توفير1000 وحدة سكنية, مشيرا إلي انتقال المواطنين طبقا لأسبقيات الخطورة, وسيبدأ هذا التحرك من منتصف الشهر الحالي ولكن السؤال ما اللغز وراء ادعاء بعض الشركات بامتلاك الأرض رغم انها أرض أوقاف وما السبب وراء وقف قرارات التنكيس للأهالي؟ ومن المالك الحقيقي لهذه الأراضي؟ دون وجه حق وللتعرف علي أراء ساكني هذه الأحياء اعرب أهالي منطقة معروف وبولاق عن عدم رغبتهم في الرحيل مطالبين بالاحلال والتجديد للمنطقة خاصة أن هناك تعمدا واضحا من قبل بعض الشركات للاستيلاء علي الأرض دون وجه حق. سبق وأن قام الأهرام المسائي بالتحري عن مدي صحة ملكية الأرض لشركة القاهرة للاسكان والتعمير لأرض معروف وشهد علي حركة البيع والتفاوض مع الأهالي علي بيع الأرض بمبالغ زهيدة جدا ولكن بعد ثورة25 يناير قامت الشركة بتسييح كامل للمنطقة لتفتقد إلي معالمها تماما وقامت بتعليق لافتة جديدة تؤكد فيها أن الأرض ملك لها متضمنة عنوان الشركة الجديد والأرقام الخاصة بها وخريطة متضمنة المساحة التي تمتلكها بالمنطقة وهو ما دفع بعض الأهالي وأصحاب المحال إلي تسويدها. توجهنا إلي المنطقة ليكشف الأهالي عن وجود تواطؤ بين الشركة والحي في الاستيلاء علي الأرض رغم صدور قرار من محافظة القاهرة بتاريخ2010/7/29 بتشكيل لجنة من مدير عام الأملاك ورئيس حي غرب القاهرة ومندوب من المساحة والأوقاف لفحص المنطقة والتأكد من مالك الأرض الحقيقي. أسطي فسدق صاحب أحد المحال بالمنطقة أكد أن الأرض بالاصل ارض اوقاف أو حكر واشاع البعض ان هذه الارض حاليا ملك لاحدي عائلتي الجداوي او القلعاوي حيث يتردد أحد أفرادهما علي المنطقة من وقت لآخر مؤكدا انه لن يترك المكان رغم أن محامي الشركة حاول أكثر من مرة التفاوض معه ولكنه رفض موضحا أن الأماكن البديلة أماكن بعيدة قد تؤدي إلي خسارة زبائنهم. وأضاف أن الشركة قامت بعملية تخريب متعمدة للمنازل ورغم استغاثة الأهالي أكثر من مرة لوقف هذه المحاولات لكن لا حياة لمن تنادي. قرارات التنكيس لمصلحة من وقف قرارات التنكيس بالمنطقة؟ هكذا تساءل محمد علي عبد اللطيف عضو مجلس محلي سابق وأحد سكان المنطقة موضحا أن هناك تعمدا واضحا وصريحا من الأحياء بعدم تنكيس المنازل لتتحول إلي هياكل ذات خطورة داهمة ورغم تشكيل لجنة من الحي وبحضور مندوبين من المساحة والأوقاف إلا أن التقارير تعمل لصالح الشركة حيث قامت الشركة بوضع يدها علي الأرض مثلما قام البعض بوضع ايديهم علي أراض زراعية بالتواطؤ مع الأجهزة التنفيذية والدليل منح تراخيص لبعض المحال رغم منع صدور أي تراخيص للمحال بالمنطقة. ويضيف أنهم تقدموا بأكثر من طلب لتنكيس المنازل لكنها قوبلت بالرفض وكانت تنفذ قرارات الأزالة فورية متهما أعضاء مجلس الشعب السابقين بالتواطؤ في ذلك بدلا من أن يكونوا صوت الأهالي حيث كان هناك مخطط لتطوير شارع شمبليون ورصد له سبعة ملايين جنيه. وكشف عن ان أعضاء مجلس الشعب كانوا يتقاضون مبالغ خيالية مقابل تفريغ المنطقة لتتحول إلي خرابة وتستفيد منها شركات استثمارية لتتحول إلي منتجعات سياحية دون النظر إلي وضع الأهالي الذين قضوا عمرهم بالمنطقة وكانت تتم عمليات الأزالة خلال ساعتين بالقوة الجبرية. وأضاف أن هناك مشروعا لتطوير المنطقة ولكن لم يعلن عنه حتي الآن مؤكدا أنه ليس ضد تطوير المنطقة ولكن أن يتم تخصيص مساحة من الأرض والتوسع رأسيا لتسكين الأهالي بها علي أن يتم انشاء جمعية اسكانية تعاونية لاحياء معروف. تحت الضغوط اما مصطفي عبد العزيز أحد سكان المنطقة وأحد الأشخاص الذين اضطروا للتفاوض مع الشركة تحت ضغوط مقابل50 ألف جنيه للعائلة فأكد أنه اضطر إلي البيع بعد اتفاق بين سكان العقار ولكنه طالب بضرورة التحري حول أحقية الشركة للأرض مؤكدا أن الشركة قامت بتخريب متعمد للمنازل وقد تستغل حالة الفراغ الأمني التي تعاني منها المنطقة وتستولي عليها بعد انحولتها إلي هياكل واشباح منازل. ويضيف أن الشركة قامت بتعيين خفير يقوم بابلاغها عن أي محاولات لتنكيس المنازل من جديد وتبلغ مساحة الارض التي تدعي الشركة امتلاكها26 الف متر ويصل سعرها الي150 ألف جنيه للمتر اما الشركة فتقدم تعويضا زهيدا مقابل الارض لا يضاهي ثمنها. منطقة بولاق حالها لا يختلف كثيرا عن منطقة معروف فهي تقع بالجهة المقابلة لمنطقة معروف بها أخطر منطقة عشوائية تم هدم عديد من المنازل بها وتدعي احدي الشركات ايضا امتلاكها للأرض وتدير العملية في العلن وهي مكونة من ثلاث شياخات وأكد الأهالي بها أنهم فشلوا في تنكيسها وتدعي إحدي الشركات الكويتية أنها تملك الأرض. شاهد عيان كريمة عبد النبي سيادة تجاوزت الثلاثين من عمرها لديها أربعة أطفال ومن ابناء المنطقة شاهدت بعينها عمليات الأزالة بالمنطقة ولكن رغم منحهم شقق بديلة في النهضة إلا أن بعد المكان يمثل عائقا لهم وتكلفة زائدة في المواصلات متسائلا ما المانع من اعادة تطوير المنطقة مع الاحتفاظ بجزء من الأرض لبناء شقق بديلة للأهالي كما حدث في مساكن زينهم؟ اما عم مجدي صاحب أحد المقاهي فيقول أنه سبق وأن قدم الأهالي أكثر من طعن لمنع هدم المحال لكن تم هدمها وقامت الشركة بتحويط الأرض بسياج لمنع دخول الأهالي لها. محمود شعبان مدرس وأحد سكان المنطقة أكد أن الأسبوع الذي سبق ثورة25 ينايرهدم20 عقارا في أسبوع وتمت مخاطبة منظمة العفو الدولية بهذا الشأن موضحا ان القلق من اعلان الحكومة من جديد عن تطوير المناطق العشوائية ويتخوف الأهالي من تجدد مطالبتهم بالرحيل. مشروعات مرفوضة وبسؤال أسامة زين الذين محامي الأهالي أكد أن شركة القاهرة للاسكان والتعمير تقدمت للمحافظة بمشروع متكامل للمحافظة أكثر من مرة وهو يشمل انشاء مسارح ومولات تجارية ومدارس وقوبلت المشروعات المقدمة بالرفض مؤكدا ان الشركة ليس من حقها اخلاء المنطقة وتهجير أهلها ويجب فتح التحقيق لماذا كانت قرارات تنكيس العقارات موقوفة ولمصلحة من؟ أضاف ان هذه المهزلة بدأت منذ25 عاما بوضع اليد وكلفت الشركة مدير الشئون القانونية الخاص بها للتفاوض مع الناس مقابل الأخلاء وهو مبلغ زهيد جدا لا يتناسب مع قيمة الاراضي الحقيقية ومن خلال كشف العوائد يثبت ان الارض ملك لشخص يدعي الجداوي وقامت الشركة باخلاء ما يزيد علي4 آلاف نسمة من الأهالي حيث من المعروف انها منطقة تعج بالأهالي والشركة لم تقدم في السابق أي ورقة تثبت ملكيتها للارض ليستعين بها الخبراء وكانت تتم عمليات الهدم في ساعات متأخرة من الليل ومن المعروف ان المنطقة في حيز تطوير المحافظة لكن لم يعلن عن خطة واضحة مؤكدا ان هذه التصرفات باطلة ومخالفة للقانون والثابت من الاوراق انها ارض اوقاف اي اهلية خيرية وذلك استنادا علي ان مجلس الدولة يقر بعدم ولاية المحافظين علي ارض الاوقاف وان الولاية فقط لوزارة الاوقاف ولم يتم حل هذا الوقف حتي الان مما يؤكد انها ليس لها اي صفة قانونية في التصرف في ادارة العقار.