لا شك أن الحديث عن الشباب ومدي تأثيره في عمليات التنمية بكل أشكالها من الموضوعات الرئيسية التي تسعي أي دولة تهدف إلي تحقيق نهضة حقيقية تقوم علي أسس علمية سليمة وتعتمد بشكل شبه كامل علي سواعد وعقول الشباب, ولذا فإن مؤتمر الشباب الأول بشرم الشيخ والذي انطلقت أعماله أمس الأول بمشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسي وفي وجود أكثر من ثلاثة آلاف شاب وفتاة يمثلون جميع الفئات العمرية والاتجاهات الفكرية المختلفة يمثل بارقة أمل حقيقية لمشاركة الشباب بصورة جادة في بناء المستقبل الذي نسعي جميعا إليه. وأعتقد أن مبادرة الدولة بعقد هذا المؤتمر الضخم والاستعدادات التي سبقته تؤكد أن الحكومة لديها رغبة حقيقية في توفير فرص مشاركة فعلية للشباب في تحقيق التنمية والمشاركة في دعم خطط الدولة للخروج من الأزمات الراهنة التي تواجهها وفي مقدمتها ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب, ولذلك فإن الحكومة تسعي إلي تأهيل أعداد كبيرة من الشباب للدخول إلي سوق العمل خاصة أن هناك شركات كبيرة تبحث عن شباب مؤهل لتولي مناصب أو العمل بها ولكنها تصطدم بواقع مر يتمثل في عدم وجود شباب مؤهل بدرجة كبيرة لتولي تلك المواقع أو العمل في تلك الشركات العالمية متعددة الجنسيات. والمؤكد أن المؤتمر بمحاوره المتعددة والعميقة والتي ناقشت جميع قضايا الشباب والمجتمع أيضا وجاء من بينها قضية التعليم وسبل تطويره حتي يتواكب مع احتياجات سوق العمل ويؤدي إلي تخريج شباب قادر علي التعاطي مع سوق العمل بشكل حقيقي وأيضا قضية تجديد الخطاب الديني وهي من القضايا الشائكة والمهمة في الوقت نفسه حيث تشغل بال الكثيرين من قيادات الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف خاصة أن الشباب ليس في مصر فقط بل في مختلف دول العالم ينظر إلي الأزهر علي أنه قبلة الإسلام الوسطي في العالم وهو وحده من يستطيع قيادة أي خطوات فعلية لتجديد الخطاب الديني والتأثير في أفكار الشباب بل والمساهمة في مطاردة ومواجهة الأفكار الهدامة التي باتت تهدد مستقبل الأمن والاستقرار في المنطقة في ظل انتشار الأفكار المتطرفة سواء من قبل تنظيم داعش الإرهابي أو من قبل تنظيم بوكوحرام أو الجماعات الإرهابية المتعددة والتي أصبحت تسيطر علي عدد غير قليل من عقول الشباب في أماكن متفرقة من منطقة الشرق الأوسط. ولا يمكن الحديث عن الشباب ومشاركته في التنمية دون الحديث عن جدوي المشاركة السياسية للشباب في الحياة النيابية سواء في مجلس النواب أو المجالس المحلية وهي النقطة الجوهرية التي شملها حوار الشباب خلال جلسات المؤتمر حيث جاءت مداخلات الشباب لتؤكد شعورهم بالتهميش خلال السنوات الماضية ورغبتهم في مشاركة حقيقة ووجود قوي في انتخابات المحليات المقبلة والتي ربما تنطلق مع نهاية هذا العام أو بداية العام المقبل وبمجرد اقرار مجلس النواب قانون انتخابات المحليات والتي تقدمت به الحكومة والتي تضمن تفعيل مواد الدستور فيما يتعلق بضرورة تمثيل الشباب في المجالس المحلية بنسبة لا تقل عن25% من عدد المقاعد وهو ما يمثل اضافة حقيقية وفعالة لتلك المجالس ويعطي فرصة لهؤلاء الشباب للمشاركة في صنع القرارات ومواجهة المشاكل التي تواجهها المحليات منذ سنوات عديدة. أعتقد أن مؤتمر الشباب في شرم الشيخ جاء ليؤكد اهتمام القيادة السياسية بالشباب وأهمية مشاركتهم في كل مناحي العملية السياسية وخطط التنمية أيضا ويبرز كذلك الاهتمام بالاستماع إلي رؤية هؤلاء الشباب لمواجهة مشاكلهم والسعي لوضع حلول تتناسب معها وأيضا ارسال رسالة مهمة تؤكد التواصل بين الحكومة والشباب من أجل بناء المستقبل.