سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بعيدا عن تصريحات وزير الصناعة الأهرام المسائي تناقش القضية: ماذا لو تم تعويم الجنيه؟
ماهو التوقيت المناسب؟ وما الإجراءات التي يجب علي الحكومة اتخاذها قبل التنفيذ؟
بعيدا عن التصريحات التي تناولتها دوائر إعلامية الأسبوع الماضي حول تعويم الجنيه وهي التصريحات التي نفاها الوزير طارق قابيل في اليوم التالي وبعد تفاقم أزمة الدولار في السوق المحلية وزيادة معاناة المصانع من صعوبة الحصول عليه, شهد الوسط الاقتصادي حالة من الجدل حول تعويم الجنيه من عدمه, الأهرام المسائي طرحت تساؤلا أمام مجتمع الأعمال هل يحتاج الاقتصاد إلي تعويم الجنيه؟, فجاءت الإجابة بتأييد تعويم الجنيه بشروط. بينما تباينت آراء خبراء الاقتصاد, إذ رأي فريق انه ليس هناك مشكلة من تعويم الجنيه, وذهب الفريق الثاني إلي ان فكرة التعويم قائمة علي تخفيض قيمة العملة بهدف زيادة حجم الصادرات, ومصر ليس لديها من المنتجات التي تتهافت عليها الدول الأخري, ويري فريق ثالث ان التعويم يحتاج إلي دولة تمتلك اقتصادا قويا. يري الدكتور فخري الفقي, الخبير الاقتصادي, ومستشار صندوق النقد السابق, أن فكرة التعويم نوعان, وهما التعويم الحر, والتعويم المدار, موضحا ان التعويم الحر يترك فيه سعر العملة للعرض والطلب, ولا يكون للبنك المركزي تدخل في ذلك, اما هو ان يكون للبنك المركزي السيطرة والتحكم في سعر الصرف. وأضاف ان النوع الثاني من التعويم هو ما يتبعه البنك المركزي, حيث يطرح البنك كل اسبوع عطاء دولاريا للبنوك بواقع120 مليون دولار وذلك لتلبية الاحتياجات علي الدولار. واشار الي انه لا يوجد ما يسمي تعويم الجنيه, ولكن هو اتباع لسياسة مرنة لتوحيد سعر الصرف, فعلي سبيل المثال يوجد خمسة اسعار صرف للجنيه, سعر للبنك المركزي, وسعر للبنوك العامة والخاصة, وسعر لشركات الصرافة, وسعر في السوق السوداء, وسعر بالسوق السوداء بدول الخليج, وبالتالي يجب ان يتم توحيد سعر الصرف بحيث يكون هناك سعر صرف واحد. وأوضح أن هناك فرقا بين سعر البنوك وسعر السوق السوداء يبلغ اربعة جنيهات, وهذا يعني ان المستثمر الذي يرغب في توجيه استثماراته في مصر سوف يحقق خسارة من هذا الفارق في سعر الصرف بما يعادل اربعة جنيهات في الدولار, وهذا يؤدي الي احجام الكثير من المستثمرين عن التوجه باستثماراتهم الي مصر. ولفت إلي أنه لكي يتم توحيد سعر الصرف, فلابد من ان يكون هناك احتياطي اجنبي بالبنك المركزي لا يقل عن25 مليار دولار, حتي يتم تلبية جميع احتياجات المستوردين, وفي نفس الوقت يتم تضييق الفجوة في سعر الصرف بين السوقين الرسمي والموازي, وكلما زاد الاحتياطي الاجنبي, قل معه سعر الصرف بالسوق الموازي حتي يتم توحيد سعر الصرف, مشيرا الي اهمية وجود سعر توازني للجنيه لتوحيد اسعار الصرف الخمسة في سعر واحد, وهذا السعر التوازني يتراواح ما بين9.5 و10 جنيهات, بمعني ان الجنيه يفوق قييمته بنحو15%. ووجه الفقي عتابا الي وزير الصناعة والتجارة حين تحدث خلال مؤتمر اليورومني عن ان البنك المركزي سوف يتبع سياسة مرنة تجاه سعر الصرف, مؤكدا أن هذا الحديث ليس من اختصاص وزير الصناعة ولم يكن هناك داع في الخوض فيه, وكان يجب عليه ان يحدثنا عن الانتاج والتصدير ومثل هذه الامور المتعلقة باختصاصاته. قال الدكتور إبراهيم المصري, استاذ الاقتصاد والعميد الأسبق لكلية الادارة بأكاديمية السادات, إنه يرفض تماما فكرة تعويم الجنيه, موضحا انه منذ عام1952 وحتي الآن لم يحدث ان كان لمصر عملة بسوق الصرف للعرض والطلب. واضاف ان المعروض من العملة هي العملات الاجنبية فقط سواء كان الدولار أو اليورو او الاسترليني, ولكن الجنيه ليس من العملات العالمية المتروكة للعرض والطلب, وبالتالي فالجنيه ليس له قيمة لعدم وجود عرض وطلب عليه. وتساءل هل هناك سلعة مصرية يوجد تهافت عالميا عليها حتي يكون هناك طلب علي الجنيه, وهل السائح الاجنبي يقوم بتغيير عملة بلده الي الجنيه قبل مجيئه لمصر, موضحا ان الجنيه المصري لا يتم تداوله إلا في مصر فقط, فهو ليس عملة عالمية, ولذلك السبب ليس هناك قيمة محددة له. وأوضح ان المفترض ان يتم هو تخفيض قيمة الجنيه وليس تعويمه, لان التخفيض معناه رفع سعر صرف العملة الاجنبية, سواء الدولار او اليورو او غيرها من العملات العالمية. ولفت الي ان تخفيض قيمة الجنيه سوف يؤدي الي ارتفاع معدلات التضخم, في ظل عدم وجود سيطرة علي الاسواق سواء السلع أو الخدمات, وبالتالي يجب ان يصاحب هذا التخفيض إجراءات حازمة وحاسمة تجاه مراقبة الاسواق لمنع التلاعب في الاسعار. واشار الي ضرورة ان يصاحب تخفيض قيمة الجنيه زيادة في حجم الصادرات والاستثمارات, حتي ينعكس ذلك علي الاقتصاد المصري, ويحقق هذا الخفض في قيمة الجنيه الغرض منه. لا مانع شدد الدكتور هشام إبراهيم, استاذ الاستثمار والتمويل بجامعة القاهرة, علي أنه من المفترض ان فكرة تعويم الجنيه تتم بشكل متدرج عن طريق تخفيض قيمة الجنيه بين الحين والآخر, وهذا يتم عندما يكون تخفيض قيمة العملة افضل من بقائها كما هي. واضاف انه خلال الفترة الماضية تم تخفيض قيمة الجنيه ولكن هذا لم ينعكس إيجابيا علي الاوضاع الاقتصادية, موضحا انه من المفترض مع تخفيض قيمة العملة ان يزدد حجم الصادرات, ويقل حجم الواردات, وتزداد حجم الاستثمارات, وترتفع الاسعار, ولكن علي العكس تماما فلم تحدث زيادة في حجم الصادرات, ولم تنخفض حجم الواردات, ولم تزدد حجم الاستثمارات, والشيء الوحيد الذي حدث نتيجة لخفض قيمة الجنيه هو زيادة الاسعار. وأوضح انه ليس هناك مشكلة من تخفيض او تعويم الجنيه, ولكن هل سيتحسن الوضع الاقتصادي نتيجة لذلك, أم سيصبح أسوأ بسبب عدم مرونة الاقتصاد المصري ولفت إلي انه ليس هناك مانع من تعويم الجنيه بشرط ان ينعكس ذلك ايجابيا علي الاقتصاد المصري, وعلي زيادة حجم الاستثمارات, والذي ما يزال يعاني الكثير من المعوقات البيروقراطية. وقال: إن خفض قيمة الجنيه او تعويمه سيؤدي الي ارتفاع معدلات التضخم, وتابع: لابد قبل آخذ قرار التعويم ان يتم تحديد الأثر الايجابي من وراء ذلك سواء من ناحية زيادة حجم الصادرات او زيادة حجم الاستثمارات, او تقليل حجم الواردات, وإعطاء نسب تقريبية لكل ذلك, حتي يتم الاستفادة من قرار التخفيض او التعويم. واكد ان قرار تخفيض و تعويم الجنيه يعد اداة من ادوات البنك المركزي وليس الحكومة, وهذه الأداه لن يستخدمها إلا في ظل التأكد التام واثقة في قدرة الحكومة علي تحقيق الاجراءات التي تتحدث عنها.