تشكل التطورات الأخيرة في سوريا والأردن التي تتطور بسرعة كبيرة نحو ثورة شاملة لتغيير السلطة تحديا كبيرا لسياسة الرئيس الأمريكي باراك أوباما وللمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط وفي أهم دولتين في المنطقة وذلك مع مواصلة قوات التحالف غاراتها الوحشية علي معاقل القذافي. ومع تعميق الاضطرابات والاحتجاجات في سوريا; حذر محللون سياسيون من تبدد الأمل الأخير لتحقيق السلام في المنطقة والتوصل لاتفاقيات تسوية كما أن تصاعد المظاهرات في دمشق يؤدي إلي حدوث تغييرات في السياسة الأمريكية مما يؤثر علي خطوط التحركات الأمريكية لمواجهة سعي إيران لبناء ترسانتها النووية. وفي لقاءات مع مسئولين أمريكيين; حذر هؤلاء المسئولون من الثورة السورية ومن امتدادها خاصة من قبل الجماعات الدينية وخاصة الإخوان المسلمون في جنوب البلاد وفي المدن الساحلية مثل المناطق السنية الموالية ومعاقل الرئيس السوري بشار الأسد كما سعي السفير الأمريكي الجديد روبرت فورد لإقناعه بوقف إطلاق النار من قبل القوات السورية علي المتظاهرين خاصة بعد سقوط عشرات القتلي في مدينة درعا. كما حذر مسئولون أمريكيون من أن تصاعد الاضطرابات في سوريا ينذر بتفاقم الأوضاع مما يهدد استقرار المنطقة وامتدادها إلي لبنان وإسرائيل.. وكان حوالي61 شخصا قد قتلوا في مدينة درعا برصاص القوات السورية خلال مظاهرات شكلت بداية انطلاق الثورة التي تهدد بنهاية حكم الأسد. وكانت واشنطن قد سعت سعيا مكثفا خلال العامين الماضيين لاحتواء سوريا بعيدا عن علاقتها الاستراتيجية مع إيران من خلال إبرام اتفاقيات سلام في المنطقة وهي الجهود التي باءت بالفشل من جانب الرئيس أوباما, كما تعرضت تلك الجهود لانتقادات من جانب أعضاء الكونجرس الذين يعتبرون سوريا من الدول التي تمارس أبشع الأساليب القمعية. كما تخشي واشنطن من أن استمرار الاضطرابات في سوريا والأردن ينذر بفرض عزلة علي إسرائيل التي ينتابها الخوف من التطورات في مصر بعد نجاح ثورة25 يناير في الإطاحة بحكم الرئيس السابق مبارك ومن حدوث تغييرات في سياسة مصر والتخلي عن اتفاقيات كامب ديفيد التي تم التوصل إليها عام1979. وبينما يبدو أن إسرائيل قد نجحت في أن تنأي بنفسها عن العاصفة الثورية التي تنتشر وتزحف علي جميع النظم في المنطقة وتهدد بنهاية حكمها لكن حادث مقتل إسرائيلي وجرح30 آخرين في هجوم صاروخي علي القدسالمحتلة أطلق من غزة عزز المخاوف من عودة الحرب مع حماس باستغلال مرحلة الغموض الحالية. كما سيطر القلق علي مسئولي الإدارة الأمريكية بعد اشتعال الاضطرابات في الأردن التي لديها معاهدات سلام مع إسرائيل; حيث حذر مسئول أمريكي بارز من أن الاحتجاجات الأردنية التي أسفرت عن مقتل أردني وإصابة المئات; تشكل تحديا كبيرا لحكم العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الحليف القريب من واشنطن. لكن سوريا تبدو في أزمة أكثر خطورة حيث أن التوقعات من تكرار مذابح الرئيس السوري حافظ الأسد حيث قتل حوالي10 آلاف سوري معظمهم من الإخوان المسلمين بالدبابات في حماة في عا م1982. وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن التساؤلات تتزايد حول احتمالات التدخل الأمريكي في سوريا في حالة تفاقم الأوضاع علي غرار الحظر الجوي الذي أقرته قوات التحالف الغربي لحماية الليبيين في بني غازي. صحيح أنه لا أحد يتحدث عن فرض حظر جوي علي سوريا رغم اعتراف المسئولين في إدارة أوباما بتشابه المواقف بين بشار الأسد ومعمر القذافي; كما برر مسئولون أمريكيون الموقف الحذر لأوباما من الثورة السورية بالخشية من تولي الحكم حكومة سورية رادياكالية ذات توجه إسلامي خلفا لحكم العلويين الحالي في دمشق. وأشار المسئولون إلي أن مستقبل حكم بشار يبدو غامضا, مشيرين إلي أن اللجوء للقمع ينذر بفقد السيطرة علي الأمور. وأكد مسئول أمريكي صعوبة التوصل إلي اتفاقيات سلام شاملة بدون سوريا, كما أن فقد الأسد للحكم يؤخر إمكانية التوصل لتسوية. وقال مسئولون إن إدارة أوباما لديها حماس كبير علي عكس الإدارة السابقة لجورج بوش; في كسر الجمود الحالي في عملية السلام, وأنه في حالة عدم التوصل لذلك سيتم التحول نحو إجبار بشار علي إجراء إصلاحات سياسية من خلال اللجوء لسلسلة من العقوبات. كما حذر مسئولون من سعي إيران لجني مكاسبها من فقد واشنطن لحليف قوي في مصر بعد سقوط نظام مبارك.