تلقيت دعوة من تلميذتي الفنانة مني حسن أبوعبدة لحضور اللقاء الشهري بعنوان( مصر تاني) وهو يضم نخبة كبيرة من شباب المصورين المحترفين والهواة وهدفهم تسجيل أحداث مصر وأماكنها اقتداء بكتاب( وصف مصر) الذي سجل كل الأحداث وأصبح مرجعا أساسيا لأي دارس لهذه الحقبة من الزمن, وذهبت وأنا أتوقع عملا ساذجاأو قل عملا سطحيا ولم أكن أتخيل كيف لمجموعة بسيطة تستطيع أن تسجل بكاميراتها أحداث مصر الكثيرة المتشعبة, إلا أنني فوجئت بشباب طموح قد وضع لنفسه هدفا وهو إكمال العمل علي أكمل وجه وهم لا ينتظرون ربحا ماديا من أحد, فقط وضعوا مستهدفا أمام أعينهم ويصلون الليل بالنهار من أجل تحقيقه, فوجئت بعدد كبير من الشباب قد حضروا لاستعراض ما تم إنجازه من لقطات تسجل أماكن وأحداث مصرية, وفوجئت بأن لهم زملاء في أكثر من محافظة يتابعون معهم إنجازاتهم, والكل يعمل بدأب واهتمام منقطع النظير فهم ينزلون في الطرقات والأسواق ويسافرون إلي أماكن عديدة من أجل التقاط ما يخدم فكرتهم, وكم انشرح صدري وأنا أري بريق الأمل في عيونهم, قد يكون أملا بسيطا في نظر البعض ولكنهم يطمحون أن يخرج عملهم إلي النور خادما لمصر وتاريخها, ورغم عدم تخصصي في مجال التصوير إلا أنني استفدت استفادة كبيرةمن أستاذ الفنون الناقد علاء الباشا الذي كان يتناول كل صورة بالنقد والتحليل رغم كثرة المعروض واستمتعت بثلاث ساعات قضيتها مع شباب عنده أمل, ولا أبالغ أنهم زرعوا في نفسي أنا الأمل, ففي وسط العتمة يأتي بصيص من النور ليحيي النفوس الكالة المرهقة, فكثيرا ما رأيت الشباب في قمة يأسه ورفضه لمجتمعه وشعاره دائما( ما فيش فايدة) أما هؤلاء فقد وضعوا هدفهم أمام أعينهم ليحيوا الأمل في نفوسهم ويبذلون من جهدهم ووقتهم بل ومالهم الكثير من أجل إنجاح مشروعهم, فأحسست أننا الكبار مخطئون في حق أبنائنا الشباب, لماذا لا ننزل إلي الشباب ونجمعهم تحت راية وتحت عمل خلاق, إن الشباب يملك طاقة تفوق خيالنا ولكنه يحتاج من يوظف هذه الطاقة, وهؤلاء بنوا أنفسهم بأنفسهم ووضعوا الخطط وشجع بعضهم البعض وانطلقوا يجوبون محافظات مصر من أسوان والأقصر إلي السلوم وسيناء دون كلل أو ملل ويرجعون من سفرياتهم فرحين بكنز ثمين من اللقطات المصورة ليجموعها حتي يأتي الوقت المحدد لإخراج عملهم, نريد نماذج كهؤلاء يحيون الأمل في النفوس ويلقون جانبا كلمات اليأس والإحباط, نريد أن نلقي الضوء علي كل عمل إيجابي لعل هناك من يقتدي به وينطلق في مجالات أخري, ويا وزارة التعليم والثقافة والشباب وغيرهم بثوا الأمل في نفوس شبابنا, تابعهوهم ووظفوا طاقاتهم الخلاقة وستجدون كل إبداع. وأناشد وسائل الإعلام المختلفة خصوصا المطبوعة أن تهتم بهؤلاء المبدعين وستخرج من بين أيديهم كنوزا, فهذه المجموعة الطموحة أخرجت كمية لا حصر لهم من اللقطات التي تصل إلي العالمية فقط نريد أن تخرجوها إلي النور ولتخصص صفحة ملونة في كل مطبوعة تعرض فيها بعض اللقطات التي تصور مصر بعيون شبابها الطموح فاللقطات في غاية الروعة والإبداع وتشعر بعيون الشباب وهي تري بلدهم الجميل, فمنهم من كان يهتم بالوجوه المصرية الأصيلة المعبرة, ومنهم من اهتم بجمال المبني التراثي من مساجد وكنائس وغيرها ومنهم من اهتم بطبيعة مصر الخلابة كما يرونها بعيونهم الأمل. باحث لغوي