ما ان اشتعلت الحرب العالمية الثانية حتي لجأت الصهيونية السياسية الي تغيير أسلوبها العام بشأن تحقيق الغاية الصهيونية وإنشاء الدولة اليهودية واعتبرت هذه الحرب حدثا مناسبا لتحقيق أغراضها ومطامعها مستكملة ما حققته الحرب العالمية الاولي بصدور وعد بلفور. من هنا جاء تركيز الصهيونية علي ضرورة إنشاء قوة مقاتلة يهودية بصفة رسمية وبتأييد كامل من الحكومة البريطانية. ولا شك ان التغيير الجوهري في الاساليب الصهيونية قد تبلور اثناء انعقاد المؤتمر الصهيوني الحادي والعشرين في جنيف( اغسطس1939). فما ان انفض المؤتمر حتي توجه وايزمان بخطاب الي رئيس الحكومة البريطانية نيفل تشمبرلن قال فيه انه رغم الاختلافات مع حكومة الانتداب فسوف تقدم الوكالة اليهودية الي الحكومة جميع القوي البشرية اليهودية والكفاءات الفنية والمصادر التي تحت أيديها للاشتراك في الصراع المقبل. لكن الحكومة البريطانية رفضت العرض غير ان الرفض لم يقعد الوكالة اليهودية عن السعي لتحقيق هدفها فأقدمت علي اتخاذ خطوات عملية- لإثبات جدية عرضها- فأنشأت مكتبا لتسجيل المتطوعين اليهود الخدمة الوطنية أثناء فترة الطواريء ودعت يهود فلسطين الي التطوع حتي يكونوا تحت طلب القيادة العسكرية البريطانية في فلسطين. عززت الصهيونية سياستها الرامية الي التقرب من بريطانيا دون التخلي عن الأهداف الصهيونية باعتبار ان بريطانيا تحارب ألد أعداء اليهود وهم الألمان. وتحت تلك الظروف يكون من الخطر علي الصهيونية إضعاف الجهود البريطانية في الحرب ضد العدو المشترك. وقد واجهت الجهود الصهيونية في بادئ الامر مشكلة الرفض البريطاني خشية ردود الفعل العربية والتي عبر عنها إيجال ألون في قوله:كانت المشكلة الرئيسية هي البحث عن وسيلة تجعل البريطانيين يقبلوننا كحلفاء لهم ويرضون عن اشتراكنا في القتال الفعلي الدائر بينهم وبين الألمان والايطاليين في الصحراء الغربية المصرية علي ألا يكون موقفنا قد يفسر في لندن علي انه قبول لما جاء في الكتاب الابيض. كانت الصهيونية السياسية تمثل وجهين لعملة واحدة, فبينما تمسكت برفضها الكتاب الابيض ومقاومته وذلك حتي لا تتعرض المطامع الصهيونية الاساسية للانهيار, كانت في نفس الوقت تصر علي أن تضع كافة إمكانياتها في خدمة بريطانيا ليس حرصا علي مصلحة بريطانيا ذاتها ولكن أملا في إنشاء قوة مسلحة يهودية تتحول بعد انتهاء الحرب الي أداة لتحطيم أي مقاومة في وجه المطمع الصهيوني الاساسي, وهو فرض الدولة اليهودية, وهذا واضحا في مقولة بن جوريون سوف نقاتل الألمان وكأنما لا يوجد كتاب أبيض وسوف نقاتل الكتاب الابيض وكأنما لا يوجد ألمان قالها في مايو1940 وهو متوجه الي لندن لمعاونة حاييم وايزمان في مسعاه لإنشاء الجيش اليهودي وقدم الخطة الصهيونية الي ونستون تشرشل والتي اشتملت علي: عدم تعرض القوات البريطانية في فلسطين لقوات الهاجاناه..الإسراع بإنشاء قوتين مقاتلتين من اليهود إحداهما من يهود فلسطين والاخري من يهود الدياسبورا(الوافدين)..إنشاء مصنع للأسلحة في فلسطين..إعداد مائتي يهودي فلسطيني( من الضباط وضباط الصف) ليشكلوا كادر القيادة اللازم للجيش اليهودي. وافقت الحكومة البريطانية في الثالث عشر من سبتمبر1940 علي إنشاء القوة المقاتلة اليهودية من عشرة آلاف رجل بشرط أن يجند منهم ثلاثة أو أربعة آلاف رجل من يهود فلسطين, وفي هذا اليوم صرح حاييم وايزمان انه ليوم عظيم لا يقل عن يوم إعلان وعد بلفور غير ان الحكومة البريطانية لم تف بوعدها حتي لا تغضب العرب مما دفع بن جوريون الي التوجه الي حليف آخر وصاحب القوة الجديد في العالم وهو الولاياتالمتحدةالامريكية والاستعانه بهم في المطالبة بإنشاء القوة المقاتلة اليهودية.