إن ما حدث في تركيا مساء يوم الجمعة2016/7/15 يصنف بأنه حدث جلل ليس لما فيه من أفعال وأعمال عنف غير تقليدية وإنما للآثار السلبية الكارثية للقوات المسلحة التركية ذاتها ليس لخروج مجموعة منها انشقت وقامت بما يسمي الانقلاب علي قيادة الجيش وهي رئاسة الأركان العامة وعلي سلطة رئيس الدولة أردوغان ولكن للآثار السيئة علي إعداد المقاتل التركي لمواجهة الأخطار والتهديدات الحالية والمستقبلية. القوات المسلحة التركية تتكون من عدة جيوش أهمها وأكبرها وأقواها الجيش الأول التركي ومقر قيادته في اسطنبول وهو الذي يعين منه القادة والقيادات في هيئات القيادة التركية لكبر الحجم وحداثة الأسلحة وارتباطه بالأفرع الرئيسية للقوات المسلحة كالقوات البحرية والقوات الجوية وأجهزة المخابرات والأمن وجميع الانقلابات السابقة كانت بالجيش الأول ولم تفشل بل حققت ما قامت من أجله. بالنظر للانقلاب الأخير نجده نفذ بواسطة رئيس أركان الجيش الثالث أي من جيش ليس له حجم من الاتصالات والعلاقات والقوة التنسيقية مع باقي أفرع عناصر القيادة العليا التي انضمت إليه كانت ضعيفة. إن أول مطالب أردوغان لمقاومة الانقلاب هي دعوة الشعب للنزول إلي الميادين لدحر الانقلاب والتمسك بالشرعية ويقصد هنا بالشعب أساسا الميليشيات الإخوانية لحزبه والدليل علي ذلك أنه أمر بضرب قوات الانقلاب التي أغلقت المدخل الشرقي لكوبري البوسفور الذي يوصل شرق اسطنبول( وهي هضبة الأناضول التي تتميز بالأكثرية المسلمة والمؤيدة لحزب العدالة والتنمية معقل الإسلاميين والإخوان) بغرب اسطنبول وتم الضرب والتدمير لقوات الانقلاب بالطيران مما اتاح تدفق المؤيدين بالعبور للحشد كماطلب اردوغان كما قاموا بالاعتداء علي الجنود في مشاهد غريبة وقاسية شملت ضرب وقتل وذبح وتعرية ودهش بالأقدام للإذلال وسلب الكرامة لمجموعة من الجنود قليلي الحيلة لعدم التصديق لهم باستخدام السلاح وإطلاق النار علي المدنيين أو قتالهم ومنهم الميليشيات الإخوانية الأردوغانية التي فاجأت الجنود بما لا يتوقعونه هم أو غيرهم من هذه الأعمال المشينة والتي لها تأثير سلبي علي تكوين ركائز العقيدة القتالية لهذا الجيش ومكانته وكرامته. عندما اندلعت الثورة الإيرانية بقيادة الخوميني كان من أهم أهدافها السيطرة علي الجيش لأنه من ادوات القوة للشاه فتم تحييده أولا ثم محاكمة قادته بواسطة الحرس الثوري( ميليشيا الخوميني) بكل مهانة ومذلة وأعدم خلال الستة أشهر الأولي ما يقرب من800 جنرال وضابط كبير ولم يراع فقد وخسارة معنويات وضياع كفاءة والقدرات القتالية للجيش وممانته بين جيوش الدول الجوار وهنا بدأت التهديدات لإيران تظهر ومنها قيام صدام حسين باسترداد شط العرب واستمرت الحرب العراقية الإيرانية ثماني سنوات لم تستطع إيران إلا الصمود فقط وانتهت الحرب وخسائر إيران عظيمة بسبب ما حدث للجيش فهل أدرك أردوغان هذا أو أمن التهديدات المحيطة بتركيا وعلاقاتها المتوترة مع جيراها وتنظيم داعش الذي يحصل علي احتياجاته عن طريق تركيا.. إذن هو يحتاج الجيش التركي ذا القوة والمهابة لقدراته القتالية وروحه المعنوية العالية التي تدفع جنوده للتضحية من اجل بلده فكيف ذلك وقد حدث له ما حدث ومشاهد الذل والعار له علي يد الميليشيات الأردوغانية تملأ الميديا فهل يتعظ أردوغان من التجربة الإيرانية حتي تسلم وتأمن بلاده من نفس المصير وتدفع ضريبة الكبر والتعالي والتمسك بالمطامع الشخصية؟ مستشار أكاديمية ناصر العسكرية العليا