اختار المولي عز وجل شهر رمضان المبارك واصطفاه من بين الشهور, ليكون ميقاتا لنزول كتبه ورسالاته, فرمضان شهر الصلة بين الأرض والسماء, أنزل الله فيه كلامه, وخاطب فيه خلقه, فعن واثلة بن الأسقع أن رسول الله صلي الله عليه وسلم, قال: أنزلت صحف إبراهيم أول ليلة من رمضان, وأنزلت التوراة لست مضت من رمضان, وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة مضت من رمضان, وأنزل الزبور لثمان عشرة خلت من رمضان, وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان اصطفي الرحمن شهر رمضان واختصمه بنزول أعظم كتاب لأعظم أمة, فالقرآن الكريم الذي أخرج الله به الناس من الظلمات إلي النور أنزل في شهر رمضان, قال تعالي: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدي للناس وبينات من الهدي والفرقان البقرة.185 ما أجمل ليالي رمضان وما أعظمها!, فيها ليلة خير من ألف شهر, ليلة مباركة أنزل الله فيها القرآن, ليلة القدر التي تتنزل فيها الملائكة, قال تعالي: إنا أنزلناه في ليلة مباركة الدخان.3 وقال تعالي: إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتي مطلع الفجر سورة القدر. وإنه لفضل عظيم أن يدرك المسلم ليلة القدر, فيكون قد أدرك فضل ثلاث وثمانين سنة أو أكثر. جعل الله صيام شهر رمضان مضاعفا علي سائر الصيام لشرف زمانه, شهر تملأ فيه المساجد ويخشع فيه الراكع والساجد وينهض إلي الخير كل قاعد, جعل الله صيامه أحد أركان الإسلام التي بني عليها. عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلي الله عليه وسلم, قال: بني الإسلام علي خمس: شهادة أن لا إله إلا الله, وأن محمدا رسول الله, وإقام الصلاة, وإيتاء الزكاة, وحج البيت, وصوم رمضان. الصيام جنة, أي وقاية وستر يقي الصائم في الدنيا من الاثام, وفي الآخرة من النار, فقد روي عن النبي صلي الله عليه وسلم, أنه قال: الصيام جنة يستجن بها العبد من النار, وصح عن النبي عليه الصلاة والسلام, أنه قال: من صام يوما في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا. والصوم يقي العباد من الشهوات, عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج, فإنه أغض للبصر, وأحصن للفرج, ومن لم يستطع فعليه بالصوم, فإنه له وجاء.