كثيرة هي الآيات التي تحث الإنسان علي التأمل والتدبر والتعقل; ليكشف أسرار المخلوقات; وليقف علي عظمة تدبيرها, من ذلك قول الله تعالي: إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب, آل عمران:190]. وأخرج البخاري عن ابن عباس- أن رسول الله تحدث مع أهله ساعة من الليل ثم رقد, فلما كان ثلث الليل قعد فنظر إلي السماء, فتلا قول الله تعالي: إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب. ثم قام فتوضأ, ثم استن, ثم صلي إحدي عشرة ركعة, ثم أذن بلال فصلي ركعتين, ثم خرج فصلي بالناس الصبح. قال أيضا: ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها. والقرآن الكريم يمدنا بتفصيلات للتفكير في عظيم مخلوقات الله تعالي, من ذلك قوله تعالي: الذي خلق سبع سماوات طباقا ما تري في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل تري من فطور, الملك:3]. والتفاوت: الاختلاف وعدم التناسب, والخلل. والفطور: الخلل من شقوق وصدوع... إلخ. ومن آيات القدرة أيضا والتي يلفت أنظارنا إليها ما جاء في الآية: قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلي يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون(71) قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلي يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون(72) ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون, القصص:71-73]. ثمرات التفكير في خلق الله: وإن كان أحدنا يقف متأنيا أمام إنجازات البشر, من لوحات فنية أو مشروعات عظيمة يقلب نظره وعقله بين جمالها وعناصر تكوينها ومنافعها.. إلخ, فكيف بالإنسان يمر بالآيات الإلهية في كون الله تعالي, ولا يلتفت إليها ولا يفكر في عظمتها.. ولا يتأملها تأملا إيمانيا ليري في عظمة المخلوقات دليلا علي عظمة الخالق تعالي, وأيضا ليثمر التفكر والوقوف علي قيمة مخلوقات الله تعالي التي سخرها للإنسان, والوقوف علي قيمة هذه النعم يحمل الإنسان علي شكر المنعم عليها. ولقد ربط القرآن الكريم بين مسألة الخلق والإيمان بالله هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ضلال مبين, لقمان:11].