هل تواجه حرية التعبير عن الرأي في الولاياتالمتحدةالأمريكية خطرا حقيقيا؟. هل بات من يعبر عن رأيه في هذا البلد الديمقراطي معرضا للتعذيب والقتل؟. الواقع أن هذا ما حدث لفنانة أمريكية شابة بالفعل بسبب لوحة رسمتها وعبرت من خلالها عن رأيها, ولكن هل يمكن أن تتكرر هذه التجربة مع غيرها؟. سؤال ستظهر إجابته في المستقبل القريب جدا إذا لم تواجه هذه الظاهرة بجدية. قد يبدو هذا الحكم المتعجل مبالغة نسبية, واستباقا للأحداث, لو وقع الحادث الذي ستأتي تفاصيله في السطور القليلة القادمة في بلد آخر غير الولاياتالمتحدة, ولكن وقوعه هناك له دلالات وأبعاد خطيرة جدا بالنظر إلي أن مرتكبه لا يملك سلطة من أي نوع, مما يعد مؤشرا جادا إلي ما ستؤول إليه الأوضاع لو لم تتخذ إجراءات حكومية مناسبة لمنع وقوعه مرة أخري. فبعد ما تعرضت له الفنانة التشكيلية الأمريكية إلما جور24 عاما, من ضرب مبرح علي أيدي أحد مؤيدي المرشح الجمهوري المحتمل لانتخابات الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب بسبب رسمها صورة عارية للملياردير الذي لا يتوقف عن إثارة الجدل بآرائه وتصريحاته السياسية الغريبة والمتهورة, يمكن القول إن حرية التعبير في هذا البلد الديمقراطي أصبحت علي المحك!. العلقة الساخنة التي تلقتها إلما تركت هالة سوداء كبيرة حول إحدي عينيها, حيث عمد الجاني إلي تسديد عدة لكمات قوية لوجهها مباشرة, مما أحدث بها إصابات واضحة, بخلاف ما لحق بها من أضرار نفسية ومخاوف من تعرضها للمزيد من الاعتداءات من جانب باقي مؤيدي ترامب الأكثر تطرفا. جور أعلنت تفاصيل الاعتداء من خلال صفحتها علي موقع إنستجرام قائلة: اليوم تعرضت لضرب مبرح من قبل رجل اندفع من سيارته صارخا ترامب2016 في لوس أنجلوس بعد أيام قليلة من وصولي من لندن, في مكان بالقرب من منزلي. وأضافت: رغم أنني أشجع التسامح وحرية الرأي والتعاطف, خصوصا عبر الفن, فإنني أعتقد أن العنف أمر بغيض. واتهمت إلما موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك بالتورط في كشف مقر إقامتها, مما جعلها تشعر بأنها مشردة أو بلا مأوي, حيث لم تعد تشعر بالأمان لوجودها فيه لأن عنوانها أصبح متاحا للجميع, وبالأخص لكل من يستهدفها ويسعي لإيذائها. وقالت: العيش في مكان يمكن لفيس بوك تقديم معلومات عنه لأي شخص غريب يجعلني أشعر أنني مشردة مرة أخري. وعبرت إلما جور عن شعورها بالحزن الشديد بسبب عجز ترامب وكثير من مؤيديه عن التعبير عن آرائهم بالكلمات فقط, وبدلا من ذلك يلجأون للتعبير عن غضبهم بتعذيب مخالفيهم في الرأي بإيهامهم بالغرق, وتسديد اللكمات إليهم, واستخدام الحوائط لتأديب خصومهم, وطالبتهم بالتوقف عن تجميل اللجوء إلي العنف كوسيلة للتواصل أو التنفيس عن الغضب, في إشارة منها لما لحق بها من أذي نفسي وجسدي خلال العلقة الخاطفة التي تعرضت لها علي يد أحد مؤيدي ترامب. ووجهت إلما رسالة مباشرة لمؤيدي ترامب تدعوهم فيها إلي أن يجعلوا الولاياتالمتحدة دولة عظمي مرة أخري. وكأن الفنانة الشابة أرادت أن تقول لمؤيدي ترامب: كفوا عن ممارسة البلطجة ضد خصومكم ومخالفيكم في الرأي, لأن هذا الأسلوب لا يتفق مع كونكم مواطنين تنتمون إلي دولة عظمي هي الولاياتالمتحدةالأمريكية, ولا يجوز لكم أن تتصرفوا علي هذا النحو المتخلف, واقتبست مقولة الفنان العالمي الراحل بابلو بيكاسو التي قال فيها: الفن هو الكذبة التي تجعلنا نري الحقيقة. يذكر أن إلما جور خطفت الأضواء خلال الأسابيع القليلة الماضية بعد عرض لوحتها المسماة ترامب العاري للبيع في معرض مادوكس بحي مايفاير في العاصمة البريطانية لندن, بعدما فشلت في عرضها في الولاياتالمتحدةالأمريكية بسبب غضب أنصار ترامب, علي حد قولها, مما اضطرها لعرضها علي موقع فيس بوك قبل السفر بها إلي لندن لعرضها للبيع هناك. اللوحة التي جلبت لصاحبتها المشاكل, وتلقت بسببها تهديدات بالقتل, اجتاحت الشبكة العنكبوتية فور عرضها علي فيس بوك في فبراير الماضي, وارتفع سعرها ليصل إلي أكثر من1.33 مليون دولار, ولعل هذا ما دفع بها إلي القول, إن تعرضها للضرب لن يثنيها عن الرسم, بل أعلنت أيضا أنها بصدد رسم لوحة أخري للمرشح الجمهوري تيد كروز, الذي أعلن انسحابه من السباق إلي البيت الأبيض.