شيء ظالم تلك الشهرة التي تطغي علي العبقرية, ومع أن المشاهير معروفون, لكن العباقرة, وإن كانوا لا يتمتعون بالقدر الكافي من المعرفة, فإنهم أكثر تأثيرا, لذلك فإن الموسيقار علي إسماعيل من بين النوع الثاني, امتلك عبقرية فذة وتأثيرا نافذا, لكن القليلون من يعرفون اسمه, وإن كانوا يعرفون أعماله بأذنهم فقط. العابرون من ميدان الدقي يمرون من شارع الموسيقار علي إسماعيل, دون التوقف كثيرا عند صاحب الاسم, فمنذ93 عاما ولد إسماعيل, أحد أفضل الموسيقيين المصريين والعرب, عاش منها52 عاما, استطاع خلالها أن يغير من شكل الموسيقي. رجل أقل ما يوصف به أنه معجون بالموسيقي, خاصة أنه مات وهو يقود فرقة موسيقية, حينما كان يجري بروفة لعمل جديد وقبل أن ينتهي سقط فجأة علي الأرض, في16 يونيو.1974 في معهد الموسيقي زامل إسماعيل,المطرب عبد الحليم حافظ والملحن كمال الطويل, وشملت دفعته أيضا المطربة فايدة كامل والموسيقي أحمد فؤاد حسن. بعد التخرج, من المعهد المعروف وقتها باسم فؤاد الأول, كانت رحلة علي إسماعيل مختلفة عن زملائه حيث مارس العزف علي الساكسفون والكلارنيت خلف المونولجستات وتدريب فرقة ثريا حلمي, حتي يعود من جديد ويهدي عبد الحليم أغنية يا عاشقين يا مغرمين. تفجرت ثورة علي إسماعيل الموسيقية بموهبة فاجأت الجميع بعد ذلك, من خلال التلحين لصديقه عبد الحليم عبر فرقة غنائية كاملة سيرأسها في الإذاعة التي رفضته في بداياته, وقدم أعمالا لشادية ووردة, وصنع نجاحا أسطوريا مع أشهر فرقة استعراضية مصرية في القرن العشرين. قدم موسيقي ألمع الاستعراضات مثل حلاوة شمسنا ورنة الخلخال والمجنونة, وعلي مستوي السينما كان له إنتاج كبير, سمعه الناس في نحو350 فيلما منها, الأيدي الناعمة, الأرض, الأخوة الأعداء, قصر الشوق, بين القصرين, حسن ونعيمة, مراتي مدير عام, معبودة الجماهير, البنات والصيف, الاختيار, أبي فوق الشجرة, صغيرة علي الحب, العصفور, عائلة زيزي. تفرد علي إسماعيل في الغناء الوطني فقبل عبور القناة في6 أكتوبر1973, طلب من علي إسماعيل أن يلحن عملا وطنيا عن استرداد الأرض, وكتبت زوجته الشاعرة والمونولوجست نبيلة قنديل كلمات النشيد الذي أصبح فيما بعد من الأشهر الأغاني الوطنية وسجل هو الأغنية وجهزها لفيلم سينمائي. عرض الزوجان الأغنية علي مسئولي الإذاعة, وعندما سمعوها وجدوها كم هي مناسبة لهذه اللحظة رايحين رايحين.. شايلين في إيدنا سلاح.. راجعين راجعين.. رافعين رايات النصر.. سالمين سالمين.. حالفين بعهد الله.. نادرين نادرين.. واهبين حياتنا لمصر. في اليوم التالي للحرب, أذيعت الأغنية علي المصريين, فأصبحت النشيد الرسمي الشعبي للحظة العبور في ذلك الوقت, وبعد ذلك عندما عرضت علي التليفزيون مع لقطات زحف الجنود للتحرير, أصبحت أشهر عمل وطني, وتغني بها التلاميذ والطلاب في المدارس. واليوم27 فبراير تحتفل الإذاعة بذكري ميلاده حيث يقدم برنامج نجمك نجمي في الواحدة بعد منتصف الليلة علي موجات إذاعة الأغاني في حلقته الرابعة المشوار الفني للراحل, وينفرد البرنامج بإذاعة مجموعة نادرة من أعماله لكبار المطربين, ونستمع إلي العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ في الأغنية النادرة في سكون الليل واسمر يا سكر بصوت كمال حسني وبكره ولا بعد بكرة بصوت نازك وقلبي كتاب لجلال فكري وحكاية مسعود للثلاثي المرح. ومفاجئة البرنامج لكل مستمعيه جانب من التسجيل الأول لقصيدة حبيبها توزيع علي إسماعيل وغناء عبد الحليم حافظ من الحفل الذي أقيم بنادي الشرطة بالإسكندرية احتفالا بأعياد الشرطة عام1966 م حيث يحدثنا العندليب في بداية الحفل عن علي إسماعيل, بالإضافة إلي مجموعة أخري من الأعمال لعبد الغني السيد وسعاد حسني, البرنامج إعداد سيد عبد العزيز وتقديم ناهد شلقامي وإخراج خالد أباظة.