أوضحت نشاط الصهيونية السياسة من أجل إقامة الوطن القومي لليهود في فلسطين حيث تحددت الغاية الصهيونية في المؤتمر الصهيوني الأول في خلق وطن للشعب اليهودي في فلسطين ولا غيرها يضمنه القانون العام مع استغلال الفكر الصهيوني السياسي والوسائل التي تحقق ذلك. بدأت فكرة العودة إلي صهيون تتحول إلي حركة صهيونية سياسية عالمية تسعي إلي إنشاء العلاقات مع الهيئات السياسية الأخري وخلق الاتصالات مع الحكومات المختلفة وتنظيم اليهود وتنمية روح التعصب العنصري في نفوسهم وشحن معنوياتهم بالآمال العريضة لأرض الميعاد وأحاطت نشاطها بغلاف من الكتمان والتمويه خشية أن يؤدي اكتشاف المخطط إلي ردود فعل عالمية قد تتسبب في تعثره حيث تميزت هذه النشاطات بالاتصالات التي قام بها هرتزل مع ملوك ورؤساء الدول المعنية والمسيطرة علي فلسطين مثل محاولاته مقابلة السلطان عبدالحميد رئيس الدولة العثمانية وفشله في ذلك ومتابعة المحاولة بواسطة امبراطور ألمانيا( ولهلهم الثاني) للحصول علي حكم ذاتي لليهود في فلسطين وفشل أيضا وتعددت المطالب والوعود والأراضي المقترح إقامة الوطن القومي لليهود فيها ما بين العريش وسيناء وأوغندا, أو إقامة مستعمرات في سوريا والعراق, وكذلك قبرص فتم الرفض لها جميعا والإصرار علي فلسطين, وذلك في المؤتمر الصهيوني السابع عام1905 بعد وفاة هرتزل عام.1904 بعد الحرب العالمية الأولي واستكمالا لهذا النشاط استغلت الصهيونية السياسة علاقاتها مع الغرب عموما وبريطانيا خاصة لتقنين وتمكين أعمالها في الاستيلاء والاغتصاب لأرض فلسطين بتنفيذ الفكر الاستيطاني لليهود, وكذا من خلال مبدأ الرئيس الامريكي ويلسون ووعد بلفور بالتعاون مع الاحتلال البريطاني. مبدأ ويلسون:وضعه الرئيس الأمريكي وودر ويلسون عام1918; ويتألف من14 نقطة, ويركز علي مبدأ الاهتمام بصورة أكبر بمستقبل السلم والأمن في الشرق الأوسط, وكان هذا المبدأ ينص علي علنية الاتفاقيات كأساس لمشروعيتها الدولية, وهو ما كان يحمل إدانة صريحة لاتفاقية سايكس بيكو التي سبقت إعلانه بسنتين, ولمبدأ الممارسات الدبلوماسية التآمرية التي مارستها تلك الدول..وأكد ضمن بنوده علي منح القوميات التي كانت تخضع للدولة العثمانية كل الضمانات التي تؤكد حقها في الأمن والاستقلال, وطلب من حلفائه الأوروبيين التخلي عن سياساتهم الاستعمارية واحترام حق الشعوب في تقرير مصيرها(!). ولما اصطدمت مبادئه بمعارضة حلفائه الأوروبيين في المؤتمر الذي عقد بعد الحرب العالمية الأولي في باريس, أمكن التوفيق بين الموقفين بالعثور علي صيغة( الانتداب الدولي) المتمثل في إدارة المناطق بواسطة عصبة الأمم وبإشراف مباشر منها, علي أن توكل المهمة لبريطانيا وفرنسا نيابة عن العصبة(!). وعد بلفور:عزيزي اللورد روتشيلد:يسرني جدا أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته, التصريح التالي الذي ينطوي علي العطف علي أماني اليهود والصهيونية, وقد عرض علي الوزارة وأقرته:إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلي إقامة مقام قومي في فلسطين للشعب اليهودي, وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية, علي أن يفهم جليا أنه لن يؤتي بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين, ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر وسأكون ممتنا إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علما بهذا التصريح. وبهذا وجدت الصهيونية السياسية في الانتداب البريطاني علي فلسطين الحل للنزاع القائم بين الدول الاستعمارية لتقسيم غائم الحرب في اتفاقية سايكس بيكو لتخصيص وطن لليهود من حصة اي دولة منهم( أوغندا-الأرجنتينانجولا-العريش-...) وتم اتفاقهم جميعا علي الانتداب علي فلسطين..والي اللقاء القادم. مستشار أكاديمية ناصر العسكرية العليا