تتشابك الأمور في المنطقة العربية وإقليم الشرق الأوسط ككل, بات تشابكها معقدا تطرحه وتبرهن عليه ما يحدث من مواقف الدول وما نسمع عنه من تحالفات وما يصلنا من أخبار. فقدنا حتي القدرة علي الاندهاش وسط هذا الزخم المريب من الأحداث. ولكن ورغم هذا علينا ألا نفقد تركيزنا علنا نمتلك القدرة علي تحليل الامور والتنبؤ ببعض مما سيأتي به الغد القريب. ولذا دعوني أطرح معكم بعضا من تلك الأحداث التي مرت بنا مؤخرا وتاهت رغم اهميتها بين عدم الانصات والتغييب وتفاهات الأمور. تركيا تبني قاعدة عسكرية في قطر.. نعم هذا ما تم الاتفاق عليه في شهر ديسمبر الماضي وفقا لوكالات الأنباء العالمية. فبعد تحالفها مع السعودية واعلانهما عن تعاون اقتصادي تستثمر فيه الرياض مليارات الدولارات في أنقرة, وإعلان تركيا الدخول في التحالف العسكري السني بقيادة السعودية, أعلنت أنقرة نيتها إنشاء قاعدة عسكرية جديدة لها في قطر التي توجد بها قاعدة أمريكية في العيديد وتعد من أكبر القواعد العسكرية الأمريكية. أي أن الأمر ليس بجديد علي الدوحة الطائعة دوما لواشنطن, إلا أن هذا الخبر يعني السعي الحثيث لحلف الأطلنطي عبر تركيا العضو بالحلف منذ العام1952 علي بسط مزيد من نفوذه العسكري في منطقة الخليج, ومنح تركيا مساحة استراتيجية جديدة تمكنها من التحرك العسكري بين دول الخليج إن أرادت بعدما بات لها نفوذ في سوريا والعراق. ليس هذا وحسب ولكنه يؤكد أيضا علي الإصرار القطري علي اللعب خارج إطار المصالح العربية بمزيد من الارتباط والشراكات مع قوي استراتيجية وعسكرية تابعة لحلف شمال الأطلنطي. سواء كان هذا لمواجهة تزايد النفوذ الايراني أو مقاومة أي تهديد اقليمي. قريبا من هذا المشهد كانت زيارة ولي ولي العهد السعودي ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان مؤخرا إلي باكستان لتقريب وجهات النظر السعودية الباكستانية ومحاولة اقناع باكستان بالتعاون العسكري مع المملكة. فعلي الرغم من المساعدات السعودية منذ عقود طويلة لباكستان, إلا أن النفوذ الإيراني في تلك الدولة النووية لا يخفي علي احد في ظل وجود نسبة لا يستهان بها من الشيعة في باكستان بل وداخل الجيش ذاته. وهو ما دفع باكستان للاعتذار عن المشاركة في التحالف العربي ضد الحوثيين في اليمن العام الماضي. ونفيها ما اعلنته السعودية من انضمامها لما اسمته المملكة مؤخرا بالتحالف الإسلامي لمحاربة الارهاب. ولذا تابعت مواقع الاخبار العالمية تلك الزيارة لمعرفتهم رغبة السعودية في الحصول علي الدعم الباكستاني وعقد تعاون عسكري معها, وهو ما تم الاعلان عنه باقتضاب دون توضيح لماهية هذا التعاون. إلا أن بعض التقارير الدولية أشارت الي رغبة الرياض في شراء صواريخ وأسلحة أخري من باكستان لمواجهة النفوذ الايراني. يأتي كل هذا بينما تتوارد الأخبار عن حقيقة مسار الحرب في اليمن والمتداولة في كثير من التحليلات السياسية العالمية والإقليمية. فقد نشر تقرير لموقع معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدني مؤخرا تقريرا جاء فيه:قيام إيران بتزويد حلفاءها الحوثيين الشيعة بصواريخ سي 802, وقد استخدمت هذه الأخيرة في عدد من الضربات التي استهدفت السفن الحربية الإماراتية في الحرب التي تقودها السعودية في اليمن. والواقع أن الحوثيين ينزلون أضرارا جسيمة بالجيش السعودي ويدمرون أعدادا كبيرة من دبابات المعارك الرئيسية المقدمة من الولاياتالمتحدة وغيرها من الآليات المدرعة, مستخدمين الصواريخ الموجهة المضادة للدروع التي أمدتهم بها إيران. وهو ما يفسر اعلان مجلس الأمن المصري مؤخرا استمرار دعمه للمملكة العربية السعودية في حربها ضد الحوثيين في اليمن. لابد أن تقرأ تصريحات الظواهري الأخيرة التي بثها منذ ساعات وحرض فيها السعوديين علي التمرد علي نظام الحكم السعودي الذي اتهمه بقتل المجاهدين بعد اعدامه نحو40 من قيادات القاعدة بالسعودية مؤخرا. كما دعا الميليشيات السنية المسلحة في سوريا, وعلي رأسها جيش أحرار الشام وجبهة النصرة, لرفض العملية السياسية التي ترعاها الرياض معربا عن رفضه لها لانها لا تخدم سوي مصالح الأمريكان والصهاينة علي حد زعمه متوعدا بالانتقام من المملكة لاعدامها تابعين له. وهكذا تتقاطع الخيوط السياسية يا سادة بين ميليشيات مسلحة تخوض حرب الوكالة وتمولها قطبا السنة والشيعة في المنطقة, وبين مصالح الدول التي لا تدرك خجم التلاعب بها لأخر قطعة سلاح. ولذا ورغم كل هذا التعقيد وجبت الاشارة للعلم لا لمحاولة فك الطلاسم. وللحديث بقية....