كمواطن مصري لا يخالجني أدني شكك في قدرة الدولة المصرية العريقة وفي قدرة أجهزتها علي التصدي الواثق لأية مخاطر محتملة من جانب إثيوبيا في بناء سدهم علي نهر النيل! إن الإرادة التي أطاحت بأحلام الإسرائيليين بتدمير خط بارليف المنيع لهي نفس الإرادة التي سوف تقهر مماطلة الإثيوبيين ومن ورائهم في بناء سد نهضتهم. ولكن ما يقلقني حقا هو الاعتداء من المصريين أنفسهم علي شواطئ نهر النيل لأغراض تتنافي مع جلال وجمال وحرمة النهر العظيم علي مدي مسار النهر بين محافظتي القاهرة والجيزة كل المدن الواقعة علي نهر النيل. فحيثما مررت تشاهد خليطا كبيرا من الإنشاءات تضم لمرافق المياه وأجهزة الامن. ولكن اللافت للنظر أن النوادي الترويحية التابعة للوزارات تمثل النسبة الغالبة.. والأسوأ أنه لا توجد أية مواصفات لما ينشأ علي شاطئ النيل في قلب القاهرة وأجمل مناطقها! ويمكن توجيه اللوم إلي الدولة التي سمحت بهذا النوع من التجاوز لأية جهة كانت. مما تسبب في تشويه أجمل معالم القاهرة وكذلك عدم وضع القواعد والمواصفات التي تضمن الحد الادني من المظهر الخارجي ودون حجب منظر النيل عن سائر المواطنين. ولا أعرف إذا كانت المشكلة ترجع الي عدم وجود التشريعات التي تنظم استغلال الشواطئ أم الي ضعف الجهات القائمة علي التنفيذ وعجزها عن الوقوف في مواجهة هيئات وجهات تضع نفسها فوق القانون. وتعطي لنفسها مطلق الحرية في استخدام المواقع المخصصة لها كما تشاء.. وقديما قال هيرودوت مصر هبة النيل وهو يقصد أن النيل هو من وهب مصر الحياة والوجود وأنه لولا النيل ما قامت علي هذه البقعة من أرض الله حضارة مذهلة. حتي أصبحت شواطئ النيل هبة لفئات يعلوها الزهو ويطغي عليها نزعة الاستئثار والتميز عن الشعب المصري. وأيا كانت الأسباب فلا بد من وقفة لوضع حد لتلك المأساة وإزالة تلك الوصمة علي وجه نهر النيل وعن جبين العاصمة وغيرها من المدن من أقاصي الصعيد إلي أعالي الدلتا. إنها صرخة إلي رئيس الجمهورية وإلي نواب الشعب إلي الاعتناء بحرمة نهر النيل. إن نقطة البداية تكمن في وجود تصور واقعي لدي الدولة لما ينبغي أن يكون عليه استخدام ضفاف نهر النيل. هل نريد أن تستأثر بعض الفئات بالحق في استخدام الشواطئ أم أن هناك حقوقا لجمهور المواطنين لا يجوز الافتئات عليها. وعند وضع المواصفات توجد تجارب للبلاد الأخري يمكن الاستفادة منها والاستعانة بما عندنا وفي الخارج من خبراء في هذا المضمار. وقد بات واضحا أن حماية شواطئ نهر النيل لا يمكن أن تترك للسلطات المحلية وحدها فالمشكلة اكبر مما لديها من إمكانيات وقدرات. كما أنها عاجزة عن الوقوف في وجه الجهات التي تجيز لنفسها تسلطا ما لا يجوز في ظل القوانين القائمة. وقد آن الأوان أن تنظر الدولة في تركيز كل ما يتعلق بنهر النيل في رعاية جهة واحدة ولتكن( الهيئة العليا لحماية نهر النيل) علي أن تكون تابعة لرئيس الجمهورية وتكون مسئولة عن حمايته من التلوث وحماية شواطئه من الاعتداءات. ومن الأهمية بمكان إقناع الهيئات الحائزة للشواطئ أن الأوضاع الحالية غير مقبولة ولا تتفق مع ما ينبغي أن يكون عليه نهر النيل. أنقذوا النهر من براثن الفوضي وعنجهية الاستئثار.. نداء ورجاء إلي الرئيس ومجلس النواب.. عظموا نيلكم ولا يهونن عليكم بعض أمره فما هان عندنا إلا كان عند غيرنا أهون. عضو المجالس القومية المتخصصة [email protected]