الكاتب سعيد الكفراوي قاص من نوع فريد ينتمي إلي جيل الستينيات الذي قدم الكثير للإبداع المصري والعربي, لكن الكفراوي لم يسلك طريق جيله فلم يكتب الرواية ولا أي شكل أدبي آخر غير القصة القصيرة التي جذبته ورأها منفذا للتعبير عن تجربته الادبية, وحديثا تلقي الوسط الثقافي كتابه الجديد زبيدة والوحش- مختارات قصصية الصادر عن الدار المصرية اللبنانية بكل ترحاب. ويضم الكتاب المجموعات الست الأولي التي كتبها خلال مشواره الأدبي منذ الستينيات وحتي الآن, وقام بإخراجه وتصميم غلافه ورسم اللوحات المصاحبة للقصص الفنان عمرو الكفراوي, لذلك يقدم سعيد الكفراوي وابنه عمرو تجربة فنية وابداعية جديدة لها بعد بصري بما يتناسب والقصص المختارة, وحول هذه التجربة كان حوارنا معه. لماذا فكرت في جمع أول ست مجموعات قصصية في عمل جديد؟ - هذه هي المرة الثانية التي أنشر فيها هذه القصص, وكان السعي لتجميع المجموعات في عمل واحد من اختيار ابني الفنان عمرو الكفراوي الذي قدم رسوماته المستوحاة من القصص, فكانت تجربة عن التعبير عن الأدب بالفن التشكيلي, وهذا اتضح في اللوحات المرفقة والتي خلق من خلالها رؤية تشكيلية تتوازي مع السرد الأدبي واعتقد ان الكتاب استطاع ان يوصل هذا المعني للمتلقي. وما الخيط الأساسي الذي يجمع تلك المختارات؟ - القصص ابواب مفتوحة علي عالم القصة القصيرة الذي اتناوله ومحاولة للتعبير عن المنطقة الغامضة من الواقع المصري الذي اهتم بها منذ أن بدأت الكتابة حتي الآن ومن خلالها دائما احاول ابراز ما يدور في تلك المنطقة من الاحلام والخرافة ومن الأسطورة المصرية ومن سؤال الحياة والموت الذي ينفتح علي مصير الإنسان. وما تأثير تلك المنطقة الغامضة علي القاريء؟ - نحن لا نكتب الواقع ولكن نكتب بالواقع فانا اكتب ما وراء الحكاية ما وراء الألم, ما وراء الحلم, ما وراء السعي نحو المستحيل, وهذه المنطقة تسمي الابداع الذي يقدمه التخييل ويراه الكاتب ما يراه في الواقع, واغلب القصص تسعي للامساك بلؤلؤة المستحيل وهي ليست موجودة في الدنيا هي رؤية المبدع لما بعد الدنيا, يتتناول الدلالة وسعي المعني والرغبة في الوصول لما وراء الحدث هذه هي منطقة الابداع. وماذا عن اهتمامك الدائم بالتعبير عن من هم بالهامش؟ - أنا واحد من الكتاب الذين اهتموا بالكتابة عن الهامش هؤلاء الذين يطلبون الستر في الضواحي بالقرية المصرية والمدينة المصرية وهم عندي مثلما هم عند تشيكوف جماعته من الاطباء وخدم البيوت, ومثل يوسف ادريس هؤلاء اهل الستر والجماعة المقهورة, وطوال كتابتي للقصة القصيرة أمنت بأنه لا يوجد موضوع افضل من آخر ولكن أهم ما في الكتابة هي طريقة كتابة الموضوع نفسه اي الاسلوب والبناء والمسعي وآمنت بأن أي قاص ناجح عليه أن يختار قصصه من حياة الناس العادية, وانا مع مقولة الكاتب الارجنتيني خوليو كورتاثر الذي يري اي القصة الخالدة هي مثل البذرة التي تنام في داخلها شجرة عظيمة سوف تنمو هذه الشجرة بيننا وتلقي بظلالها علي الانسان. لماذا اكتفيت بكتابة القصة ولم تتجه لكتابة الرواية مثل باقي كتاب جيلك؟ - جيل الستينيات أغرته الرواية باعتبارها قماشة واسعة, بينما مكثت أنا في مكاني واستطعت, أن أعبر عن تجربتي في12 مجموعة قصصية, وفي زبيدة والوحش تأكيد معني ممارستي كتابة القصة باعتبارها الجنس الوحيد الذي اخترته للتعبير عن تجربتي, الجنس الذي له لغته الخاصة والتي تبدو عندي كأنها شقيقة للشعر وأيضا هذه المختارات القصصية تأكد نجاحها اذا كانت كذلك بانها تقوم بطرح سؤال انساني وتكون صادقة. وانا من المؤمنين طوال كتاباتي لهذا الفن بأن أي قصة لكي تحقق جماليتها تبدأ من أول جملة بحيث تكون تلك الجملة حاسمة للدخول في قلب النص, وانا امنت أيضا بأن اي قصة ناجحة لا بد أن تكون لها إيقاعها الخاص وبحثها المضني عن نبرة تعبر عنها.