أعلنت الصين مؤخرا إلغاء سياسة الطفل الواحد والسماح لكل أسرة بطفلين بدلا من طفل, وكانت الصين قد فرضت في عام1979 قانونا صارما يحدد الإنجاب بمعدل طفل لكل أسرة مع السماح لبعض المناطق الريفية بزيادة العدد لطفلين لو الأولي أنثي.. وبفضل التطبيق الحازم لهذا القانون أمكنهمتثبيت تعداد السكان عند واحد وربع بليون بل يخطط التنين الصيني أن يتناقص التعداد إلي بليون واحد بحلول2100( قارن مع مصر حيث التعداد الحالي يقارب90 مليونا ويتوقع وصوله إلي نصف بليون بحلول2100).. ساهم تحديد النسل والعديد من الرؤي الأخري الجريئةفي تحول الصين من أفقر دول العالم عام1980 إلي ثاني أكبر اقتصاد عالمي بحلول..2010 أجل كانت هناك بعض السلبيات أبرزها لجوء بعض الأسر إلي الإجهاض لو المولود الأول أنثي وهو الأمر الذي أدي إلي الإخلال بتوازن نسبة الذكور إلي الإناث لكن الفوائد كانت هي الأرجح بما لا يقاس. مما لا شك فيه أن الانفجار السكاني هو إحدي المشاكل الخطيرة التي تعاني منها مصر فهو يلتهم جميع خطط التنمية, وقد حذرت منه جميع الأنظمة منذ خمسينيات القرن الماضي. ويكفي هنا أن نلقي نظرة علي حقيقتين: الأولي: وصلت كثافة الفصول الابتدائي في بعض مدارس الجيزة إلي120 طالبا, وهو الأمر الذي وصفه وزير التعليم بأنها تتعدي الكثافة في عنابر تربية الدجاج! والسؤال: ماذا أعددنا عندما يصل تعداد الأطفال إلي أكثر من مائة مليون بعد ثلاثة أو أربع عقود من الآن وهل نعتقد أن بناء بضعة آلاف مدرسة سيكفي؟! الثانية: دخلت مصر حيز الفقر المائي منذ أكثر من عقد من الزمان( يحدد الفقر المائي بمتوسط مياه يقل عن1000 متر مكعب للفرد في العام) وإذا استمرت الزيادة السكانية بالمعدل الحالي وبفرض استمرار حصول مصر علي حصتها الحالية من نهر النيل غير منقوصة فسنصل إلي المجاعة المائية بعد أربعة عقود حيث ستقل حصة الفرد عن250 مترا مكعبا في العام. الأمثلة كثيرة ولكن برغم هذا فهناك وجهات نظر تعارض تحديد النسل. أولاها وجهة نظر تتساءل: لماذا ننظر إلي كل مولود جديد علي أنه عالة علي المجتمع وليس يدا منتجة أو عقلا مبتكرا؟.. أجل, المولود الجديد سيكون بالفعل يدا منتجة أو عقلا مبتكرا لو استطعنا أن نوفر له التعليم الجيد والرعاية الصحية والمستوي الاقتصادي اللائق. أما في ظروفنا التعليمية والصحية والاقتصادية الحالية فمزيد من المواليد يعني المزيد من التكدس السكاني في العشوائيات, أطفال شوارع أكثر, شباب يغرق في البحار أثناء محاولات لهجرة غير شرعية. ثانيها رؤية تري أن تحديد النسل حرام لا تقتلوا أولادكم خشية إملاق. وهي رؤية خاطئة فتحديد النسل غير الإجهاض أو الوأد( في الجاهلية) كما أنها رؤية شديدة الاتكالية وتخالف نص الحديث الشريف: اعقلها وتوكل وأنتم أعلم بشئون دنياكم. هناك أيضا ثقافات ريفية واعتبارات عملية في الأوساط شديدة الفقر حيث تري بعض الأسر أن الطفل هو مشروع استثماري إن أمكن تشغيله في المنازل أو حتي في أعمال الشحاذة!. كيف يمكن تقليل الزيادة السكانية؟.. تغيير مفاهيم المجتمع وذلك من خلال حملات توعية مكثفة, تعليم الفتيات ورفع سن الزواج, التوسع في توفير موانع الحمل بأسعار رمزية, تصحيح مفاهيم تري أن تحديد الانجاب حرام, قصر الدعم والامتيازات التعليمية علي عدد محدود من الأطفال لكل أسرة, دراسة سن القوانين التي تحظر الزيادة لكل أسرة عن عدد معين وليكن اثنان أو ثلاثة.. وأخيرا لابد من وجود جهة متخصصة تعمل بدأب علي تحقيق هذا الهدف القومي, وتضع السياسات والخطط وتنفذها وتتابع مؤشرات الأداء.