يعتقد الكرملين أنه لقن واشنطن درسا في كيفية التعامل مع المتشددينفي سوريا, وعقب الزيارة التي لم يعلن عنها مسبقا للرئيس السوري بشار الأسد لموسكو هذا الأسبوع, يتطلع الكرملين الآن لقيادة المساعي الدبلوماسية هناك. وقد أثارت تحركات روسيا في سوريا من شن ضربات جوية إلي الترحيب الرسمي بالأسد استياء البيت الأبيض الأمريكي الذي لا يريد أن ينظر له باعتباره من خفف الحصار علي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد أزمة أوكرانيا. لكن هناك احساسا متزايدا في موسكو وبين دبلوماسيين وساسة في بعض دول الشرق الأوسط والغرب بأن روسيا لديها فرصة أفضل من معظم الدول للجمع بين نفوذها المتزايد علي الأسد وقوتها العسكرية في سماء سوريا للتوسط في اتفاق لإنهاء الصراع السوري. وقال إيفان كونوفالوف مدير مركز دراسات التوجهات الاستراتيجية في موسكو: في اللحظة الراهنة روسيا لديها فرص أكثر من أي دولة أخري لحسم هذه العملية. وتابع قوله: لا يمكنها أن تقوم بذلك بمفردها بالطبع ولا يمكن لروسيا أن تسيطر علي الأسد لكنها تستطيع توجيهه وعقد الصفقات معه وتقديم النصح له كحليف. وأضاف: انها مهمة كبيرة لكن هناك احتمالا بأن تستطيع روسيا تحقيق ذلك. وقال جمال خاشقجي المدير العام لقناة العرب الإخبارية: إن موسكو علي الأقل قد تكون وسيطا مقبولا لدي السعودية أكثر من إيران. وقال خاشقجي إنه فيما يتعلق بإيران فإن الموضوع هو الدين والتوسع الشيعي أما بالنسبة لروسيا فالأمر يتعلق بالجغرافيا السياسية والمصالح لذا من الممكن أن يتحاور السعوديون مع الروس. ويعتقد محللون روس أن سلطة بلادهم كصانع محتمل للسلام زادت بسبب ما يرونه استعراضا فعالا للقوة العسكرية في سوريا ورفضها المتكرر إبرام صفقة مع الغرب تتضمن تنحي الأسد. ويتفق دبلوماسيون غربيون في أحاديثهم الخاصة علي أن هناك فرصة لبوتين لتولي زمام المبادرة الدبلوماسية حتي إذا كانت فرصه في النجاح غير مؤكدة. وقال دبلوماسي غربي يعمل علي ملفي سوريا والعراق: بالنسبة لي السؤال ليس لماذا يقوم بوتين بذلك بقدر ما هو لماذا هو قادر علي القيام بذلك؟, والإجابة هي: سواء أعجبنا ذلك أم لا أنه يملأ فراغا خلفه احجام الولاياتالمتحدة عن التعامل مع الموقف. وسيحاول وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن يطرح مرة أخري مبادرة موسكو التي لم تلق قبولا حتي الآن بتشكيل تحالف دولي موسع ضد المتشددين في سوريا خلال اجتماع في فيينا أمس. وسيحضر الاجتماع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلي جانب وزيري خارجية تركيا والسعودية. وترفض واشنطن انتقادات موسكو لسياساتها في الشرق الأوسط كما ترفض التقارير التي تقول إن الضربات الروسية فعالة وتقول إنها تركز في الاساس علي مواقع الحكومة السورية الأكثر تعرضا للخطر ولم تحقق تقدما يذكر لهزيمة داعش. وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جون كيربي للصحفيين هذا الأسبوع: الوزير كيري سيكرر مجددا قلقنا العميق بشأن استمرار الدعم العسكري لنظام الأسد. وتابع قوله: من وجهة نظرنا لن يكون هناك حل عسكري للحرب الاهلية وأي محاولة لإيجاد حل- ولا سيما حل يدعم الأسد- لن يسهم سوي في إطالة أمد هذه( الحرب) وزيادة خطر التطرف في سوريا. وقالت ماريا زاخاروفا والمتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية, إن موسكو تتوقع أن يتمخض الاجتماع عن تبادل صريح وموضوعي لوجهات النظر بشأن الوضع مما سيتيح فرصة لتحديد مسار واضح لتفعيل الجهود بهدف تحقيق حل سياسي شامل. لكن فكرة أن يظهر بوتين- وهو رجل يحب الغرب أن يكرهه- في نهاية المطاف ككبير الوسطاء الدبلوماسيين في الأزمة السورية يصعب تقبلها بين القوي الغربية في المنطقة. وربما خفت حدة الإصرار علي ضرورة تنحي الأسد فورا لا سيما من واشنطن وأنقرة لكن الرغبة في رحيله لا تزال موجودة وهي تتناقض مع موقف روسيا التي تري أن الأسد هو الزعيم الشرعي لسوريا. وقد أبدت السعودية التي تمول بعضا من مقاتلي المعارضة الذين يحاربون الأسد اعتراضها علي تدخل روسيا. وفي كلمة للصحفيين عشية اجتماع فيينا, وصف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير التدخل الروسي بأنه خطير جدا واتهم موسكو بتصعيد الصراع ودعم زعيم تلوثت يداه بالدماء وبتأجيج الصراع الطائفي.