كلام في الموضوع! ما احوجنا هذه الايام الي فكر واحد مثل الدكتور لويس عوض ذلك الرجل الذي ملأ الدنيا ضجيجا وفلسفة ليبرالية وهو الذي اضاف الي اللغة المصرية كثيرا من المصطحات. وحاول ان ينزل بفكر وليام شكسبير الي الشارع المصري والشارع العربي!! واطلقوا عليه المعلم العاشر في تاريخ البشرية بعد اولهم ارسطو ويجيء الدكتور محمد مندور المعلم الحادي عشر. يشدني ويثير الازدواج في الموضوع انه واحد من الجيل النبيل كما يقول عبد الرحمن عوف الجيل المأساوي الذي عاش الغليان والقلق السياسي والثقافي قبل انهيار النظام الملكي وبقايا حكم اسرة محمد علي وشهد النظام السياسي المصري الملكي الليبرالي. عاش لويس عوض وجيله في وداع الليبرالية المصرية. حياة لويس عوض وفكره في حاجة ماسة الي اقامة ندوة تليفزيونية توضح لنا الي اين نحن ذاهبون...!! لقد عبر عن صراع الشاعر مع الناقد وكان ذلك في مقدمة ديوانه بلوتلانيو لقد فتح لويس عوض دوامة صغيرة من دوامات الفكر وسط التوهان في ذلك الوقت. نحن الان في حاجة الي التوسع في الابداع والخلق والابتعاد عن الحلول التقليدية.. نحن في عالم يبحث عن تحقيق المستقبل! وبالمناسبة: اين مكتبة الدكتور؟! المكتبة التي تحتوي علي: همه الأساسي الدفاع عن حرية الفكر وحرية البحث العلمي كتب نحو خمسين كتابا تتوهج بالعقلانية والاستنارة والابداع. مكتبة عبارة عن نصوص مراجع نحو ثمانية الاف كتاب في الاداب العربية والعالمية. غير مكتبة الموسيقي الكلاسيكية وهي مكونة من نحو الف اسطوانة في الموسيقي الاوركسترالية والاوبرالية وموسيقي الحجرة.. اتذكر ذلك في حديث بيني وبين الاستاذ هاني شكر الله ابن الشاعر الرقيق السفير ابراهيم شكر الله والذي كان صديقا حميما للدكتور لويس عوض.. في انهما اتفقا علي كتابة قاموس لغة عربية مع لغة عامية وانهما لم يتما هذا العمل واهداني الاستاذ هاني بعض اوراق هذا القاموس واعود واتذكر ما قاله عنه الاستاذ محمود السعدني عافاه الله محمود السعدني.. يضحكنا!! هو شيخ النقاد.. اديب كتب الرواية والمسرحية والشعر.. ومن قبل هذا وبعد هذا مثقف صاحب موقف... ومن اجل موقفه تعرض للفصل من الجامعة وشرب المر في ليمان ابو زعبل. له معي حكاية صارت حديث المجالس والنوادي سنوات وسنوات. لقد زاملني في سجن القلعة مع مئات اخرين من المثقفين والفنانين واصحاب الرأي وحدث في احد الايام ان التقينا في فناء السجن.. وكان الجو حارا والرطوبة شديدة وجدران سحب تسد النفس وتكسر القلب وخطر لي ان اسأل الدكتور لويس عوض عن النهاية التي يتوقعها للحال التعيس الذي نعيش فيه فقد خيل لي انه باعتباره عالما في الادب فهو ايضا لابد وان يكون عالما في السجون. واجاب الدكتور لويس علي الفور وبثقة شديدة وبدون اي تردد او تفكير. هابيدس توبورسي ولم اسمع جيدا ما نطق به الدكتور فتصورت انه نطق باسم شخص يمت له بصلة قرابة. فسألته من جديد: متي تخرج من هذا الحب يا دكتور؟ فقال علي الفور وبلا تردد او تفكير: لازم نطلع بعد ثلاثة ايام!! فلما استفسرت منه عن مصدر معلوماته همس قائلا هابيوس.. كوبورس عندئذ ايقيت ان هابيوس كوبورس هذا لابد ان يكون من اقارب الدكتور وبالتاكيد لابد انه قريب الدكتور يشغل منصبا مهما في المباحث العامة او في المخابرات ومن المؤكد انه ارسل الي الدكتور يطمئنه علي ان الافراج بات وشيكا وانه المحنة ستزول عما قريب وعشت ثلاثة ايام بعد هذا اللقاء احلم في زنزانتي بالرحلات التي سأقوم بها عندما اخرج من السجن وبالاقامة الحلوة, التي اشتاق اليها. الذي حدث بعد ثلاثة اسابيع انه طابور خرجت من السجن ولكننا وجدنا نفسنا في معتقل العزب في صحراء الفيوم وذهب الي عنبر واحد وانا في عنبر4 ومضت شهور طويلة لم اقابل الدكتورلويس وبل اخذونا الي سجن الواحات. وقابلت الدكتور لويس وسألته لماذا لم يفرج عنا بعد ثلاثة ايام هل قريبك كان كاذبا... ام ماذا وذكرته بقريبه صاحب الاسم الغريب. وفجأة اجد الرجل الجاد الذي لا يعرف الهزار ويقول وهو؟؟ هابيوس كوبورس معناها ان قانون روماني قديم يمنع السلطة من اعتقال اي مواطن اكثر من ثلاثة ايام معناه: ابرز الجثة. وراح بشرح لي القانون.. وقال انه ان لم ينفذ القانون فإن المحامي يذهب الي المأمور ويشرح وجهة نظره ويقول هابيوس كوربوس وان لم ينفذ فإن المحامي يعتبر انهم قتلوه!! هو.. والوفد عند إنشاء حزب الوفد الجديد إنضم لويس عوض إليه ولكنه بعد فترة قصيرة استقال.. لماذا؟ يقول الدكتور لويس.. لقد فوجئت في الفترة الأخيرة بتصريحات علي مستوي القمة في قيادة حزب الوفد الجديد تعلن رفض الحزب للعلمانية التي أؤمن بها أساسا للعقد الاجتماعي وبناء عليه فقد قررت للأسف الشديد الاستقالة من عضوية حزب الوفد الجديد. وأحب أن أقول أن فؤاد سراج الدين لا يري الوفد إلا بحكم وضعه الطبقي. ولابد أن يقول الوفد رأيه واضحا في قضية التأميمات والانفتاح الاقتصادي وكامب ديفيد وكل ما يؤثر في الرأي العام. نص الاستقالة السيد الأستاذ فؤاد سراج الدين رئيس حزب الوفد الجديد تحية طيبة وبعد, فأتشرف بابلاغكم أني انضممت إلي الوفد الجديد عند تأسيسه في1978 اعتقادا مني بأن الوفد الجديد قائم علي أساس الديمقراطية العلمانية التي قام عليها الوفد القديم منذ1919. هذه الأسس, في اختصار شديد ودون لف أو دوران, هي أن الأمة مصدر السلطات, لا أن الله مصدر السلطات, وبالتالي فإن شئون البشر تنظمها دساتير وقوانين وضعية من صنع البشر بالحق الطبيعي بحسب تطور المجتمعات, لا دساتير وقوانين الهية واجبة النفاذ في كل زمان ومكان بالحق الالهي, ولا يجوز تعديلها بأغلبية ثلثي الاعضاء أو بأغلبية النصف زائد واحد. وقد فوجئت في الفترة الاخيرة بتصريحات علي مستوي القمة في قيادة حزب الوفد الجديد تعلن رفض الحزب للعلمانية التي أؤمن بها أساسا للعقد الاجتماعي, بما اقنعني بأن الوفد الجديد الذي تشرفت بالانضمام إليه في1978 يختلف اختلافا جوهريا عن الوفد الذي أسسه سعد زغلول وقاده مصطفي النحاس في فترة ما بين الثورتين. وبناء عليه فقد قررت مع الأسف الشديد الاستقالة من عضوية حزب الوفد الجديد, متمنيا أن تثبت الأيام خطأ مخاوفي وتقديراتي, وأن يتمكن الحزب تحت قيادتكم الرشيدة من المشاركة في بناء الوطنية المصرية والديمقراطية المصرية في ظل سياسته الجديدة وتفضلوا بقبول وافر احترامي وتمنياتي د. لويس عوض كيف يراه شباب الصحفيين لم تكن أفكارك وهما في وهم! مع بدايات القرن الحادي والعشرين ساد شعور لدي قطاع كبير من النخبة المثقفة في ربوع المحروسة بأن نظرة إلي الوراء في ثنايا القرن المنصرم مهمة وضرورية حيث ان البداية تصبح واقعية وأكثر ارتباطا بالواقع لو أن تجارب وخبرات وتراث القرن العشرين الفكري والثقافي ورموزه الأحياء منهم والأموات أصبحت حاضرة كي تكون زادا لطريق طويل يمتد مائة عام أخري. إلا أن النظرة إلي الوراء كانت مؤلمة فقد سقط الكثير من حملة الأفكار والفكر الحقيقيين في هذا البلد, من بين هؤلاء صاحب المد الفكري والوطني وأيضا الليبرالي الراحل لويس عوض, الذي عاش حياة طويلة من الكفاح مؤمنا بأفكار كانت جديدة علي الساحة الادبية والسياسية التي صاحبت بدايات القرن العشرين, ثم صارت نظريات وعقائد تحكم شعوبا وتحدد مصائر أمم في منتصف هذا القرن المحوري في تاريخ البشرية, فما بين صراع الشيوعية والرأسمالية والنازية والفاشية والثورة الثقافية والقومية العربية وحركات عدم الانحياز سارت حركة السياسة العالمية تحل صراعات وحروبا, تموت الضحايا وتزول الأمم وتتشكل الكيانات, وتظل الفكرة حية لا تموت.