المعلم هو عصب العملية التعليمية وهو ركيزة البناء الثقافي والفكري لاي مجتمع وكان المعلم المصري طوال تاريخه القدوة والمثل لطلابه, ومازلنا جميعا نتذكر المعلمين الذين درسوا لنا في الابتدائية والإعدادية والثانوية خصوصا معلمي المرحلة الثانوية الذين كان لهم الواقع الأكبر والتأثير الأعظم و كان معلم الجغرافيا والتاريخ واللغة الانجليزية يصحح لنا أخطاءنا في اللغة العربية عند الإجابة علي سؤال. وان مادفعني أن أتحدث عن الفرق بين المعلم زمان والآن عندما قرأت مذكرة كتبتها معلمة بالمرحلة الثانوية لمادة أدبية للأسف الشديد الي احد المسئولين بالتربية والتعليم تتظلم فيها من مشكلة وجدت ان المذكرة التي كتبت في صفحتين بها أكثر من عشرة أخطاء إملائية ولغوية فوقفت عاجزا أمام ذلك وقلت في نفسي أنا عرفت الآن سر الأمية القرائية بمدارسنا وأسباب الضعف الحقيقي لخريج التربية الذي سيعمل معلما ويكون مسئولا عن النشء وتربية أجيال وقلت في نفسي إن المثل الشعبي ينطبق علي تلك الحالة والقائل إذا كان رب البيت بالدف ضاربا فشيمة أهل البيت الرقص, فإذا كان معلم المرحلة الثانوية المؤهلة للجامعات بشكل عام وكليات التربية بشكل خاص ومن هنا تتضح الرؤية أمام القائمين علي التعليم أن المشكلة تنبع في المعلم وليس الطالب ولابد من اتخاذ عدة إجراءات وقائية وسريعة مثل عمل اختبارات في اللغة العربية والأجنبية قبل التعيين في التدريس لان من شروط المعلم أن يجيد القراءة والكتابة لأنه هو الأمين علي النشء وان الطالب يأخذه كقدوة في التصرفات في التعليم ولا يرقي معلم إلي المرحلة الثانوية إلا إذا توافرت فيه شروط اللغة وأيضا السلوكيات الحميدة والنجاح في التخصص والقيادة باعتباره القدوة كما قلنا من قبل, وان ذلك دور الأكاديمية المهنية للمعلمين باعتبارها المسئولة عن الترقي, وان تقوم بتصميم برنامج تدريبي في اللغة للمعلمين قبل إجراءات الترقية ولا يتم إدراجه في كشوف الترقيات, ولابد أن تقوم المديريات التعليمية ونقابات المعلمين بدور بالغ في إعداد دورات تدريبية في اللغات والكمبيوتر حتي يتسلح المعلم بكافة أسلحة التعليم الحديث. وأنا لا أقصد الغالبية العظمي من المعلمين المحترمين, ولكن أقصد ما تم تعيينهم في غفلة من الزمن دون رقابة فأثروا بالسلب في العديد من الأجيال التي تعلمت علي أيديهم فظهرت الأمية القرائية, رغم ان العديد من المثقفين يلقون بعبء التراجع اللغوي بالمدارس إلي إلغاء رافدين تعليميين هامين, هما الكتاتيب التي كانت تنتشر في أرباع مصر, خاصة في القري, فكان الطالب يتعلم القراءة والكتابة إلي جانب حفظ القرآن القاموس اللغوي والنحوي لأي مسلم يحفظ القرآن والرافد الثاني هو إلغاء دار المعلمين والمعلمات التي كانت تخرج معلمين علي اعلي مستوي من الكفاءة التربوية والتدريسية وجاءت كليات التربية بديلا لها فأصبح هم خريجيها ان يعمل المرحلة الإعدادية والثانوية تاركا أهم مرحلة في السلم التعليمي وهي الابتدائية والمسئولة عن بناء وتشكيل فكر الطفل تعليميا ونمطه السلوكي وكأن الابتدائية عار علي التدريس رغم اهميتها, واطالب الدكتور محب الرافعي وهو استاذ تربية ان يهتم بالمرحلة الابتدائية باعتبارها مرحلة التأسيس والبناء ولا يعمل بها إلا من هو قادر علي البناء واستبعاد كل من لاتنطبق عليه شروط التدريس اذا كنا نريد مجتمعا متعلما لان من وجهة نظري ان وصول التلميذ الا الاعدادية وهو لايجيد القراءة ولا الكتابة اهدار للمال العام لان كل مانفق علي التعليم بلا نتيجة في الوقت الذي تسعي فيه الوزارة الي وضع خطط علاجية لتلك المشكلة والتي تكلف الدولة ميزانيات جديدة مثل مشروع القرائية ولو وضعنا نظاما تعليميا صحيحا لتجنب اهدار اموالنا في ما هو غير نافع.