تعرفت علي روبيرتو بينيني لأول مرة في نهاية الثمانينيات. عند مشاهدتي لفيلم المخرج الأمريكي جيم جارموش الخروج عن القانون وأدركت للوهلة الأولي القدرات غير الطبيعة لهذا الممثل الايطالي والذي ذكرني أداؤه بأسطورة أخري مرت في سماء السينما الإيطالية ولمعت لسنوات عدة في الخمسينيات والسينيات من القرن الماضي, المقصود هو النجم الايطالي الكوميدي المحبوب ( انطونيو دي كورتيز جالياردي جريفو) أو كما عرفه الجميع في السينما باسم توتو واقتنعت أننا أمام كوميديان جديد مخلص لمدرسة الكوميديا الإيطالية الشهيرة و المعروفة منذ القدم باسم( كوميديا دي لارتي), وهي كوميديا مسرح الشوارع و الكرنفالات, والتي تستمد جذورها من تراث مهرجي العوام في العصور الوسطي, حيث أنه كان للعوام مهرجون مثلما كان للبلاط المهرج الخاص, وقد قال ملك روماني قديم انه يستلزم لحكم الشعوب-farina?fino?feta?forca أربع حروف أف أي أعياد واحتفالات, ودقيق, وخبز, ونبيذ وخمور, وفي النهاية أن لم تفلح الثلاثة حروف الأولي, فان الحرف الأخير_ ويعني القوة والبطش والقمع سيكون هو الحل لسيادة النظام, وبالتالي فان للحواة والمهرجين و الاحتفالات مكانه كبيرة منذ الأزل في تاريخ الشعب الايطالي, ولكن بينيني اثبت بعد ذلك انه ليس مجرد مهرج شعبي بالمعني الذي أفصح عنه الإمبراطور. الروماني القديم, ولكنه تجسيد لكلمة شعبي بمعناها الايجابي, فهو خليط من شابلن مع جانب كوميديا النقد ذات الطبيعة اليسارية التي يتمتع بها بينيني, مع نوعية كوميديا اليوتوبيا الحالمة التي تتسم بها أعماله, وقد قال عنه فديريكو فيليني انه عبقري, ليصبح منذ مارشيللو ماستورياني أكثر ممثل ايطالي شهرة في العالم. ولقد حصل فيلمه الحياة حلوة علي سعفة كان الكبري, ولكن بفوزه بأوسكار أحسن ممثل عن نفس الفيلم يكون أول ممثل ايطالي يحصل علي الأوسكار في تاريخ المسابقة. ولد روبرتو بينينيي عام1953 في مقاطعة توسكانيا الإيطالية, وهو الابن الرابع علي ثلاث أخوات بنات للمزارعين لويجي بينيني و ايزولينا بينيني. عاش حياة فقيرة ليدخل المدرسة ولكنه يتركها من بعد الفيضانات التي حدثت في عام1966 يلتحق بينيني بالسيرك ليعمل كمساعد لساحر السيرك ويلتحق بعد ذلك بفرقة لارتجال الشعر ويجوب أنحاء توسكانيا مع هذا الفريق. في بداية عام1972 يسافر إلي روما ليؤسس مع بعض زملائه فرقة مسرحية صغيرة, حتي سنة1975 وهي السنة التي ستغير مجري حياته من خلال لقائه مع( جوزيبي بيرتولوتشي شقيق المخرج الكبير برناردو بيرتولوتشي الذي يكتب له مونولوج يقوم بغنائه ليحقق شهرة واسعة في كل ايطاليا. يقدم جوزيبي بيرتولوتشي فيلما مأخوذا عن المونولوج الذي كتبه لبينيني والذي يحكي فيه مسار فلاح من توسكانيا عاني الكثير في حياته قبل أن يعرف معني النضال في صفوف الحزب الشيوعي الايطالي. عنوان الفيلم هو بيرلنجوير أنا احبك, لقد كان بيرلنجوير هو اسم السكرتير العام للحزب الشيوعي الايطالي في الفترة التي شهدت شعبية ضخمة للحزب في ايطاليا, وقد بث التليفزيون الايطالي في ذلك الوقت صورا لبينيني يعانق بيرلنجوير أثناء مظاهرة للحزب الشيوعي الايطالي بنفس الطريقة التي ركع بها بينيني أمام مارتين سكورسيسيزي عندما تسلم منه السعفة الذهبية في مهرجان كان, وهو ما كان يعد في ذلك الوقت خروجا عن الوقار الذي كان يطغي علي رجال السياسة في ايطاليا. الازدهار في السينما يلعب بينيني دورا صغيرا في فيلم الوحش1978 من إخراج لويجي سامبا, وهو فيلم علي شكل اسكتشات, من النوعية الكوميدية التي اشتهرت بها السينما الإيطالية في الخمسينيات و الستينيات, ويحكي في ثمانية فصول علاقة الزوجات مع أزواجهن وتحولهن إلي مخلوقات شرسة عندما يدفعهن أزواجهن داخل نفق مظلم. شارك في الفيلم ممثلات كبيرات مثل أورسولا أندروس و مونيكا فيتي. كان لمعان بينيني خلال احد فصول الوحش سببا لترشيحه في دور صغير في فيلم صفاء امرأة من إخراج كوستا جافراس1979, ولكن كان أمامه ايف مونتان, ورومي شنايدر وهو ما يعد في حد ذاته إنجازا لممثل كوميدي ايطالي صغير. [email protected]