في أجواء يغلب عليها الإصرار من جانب الانفصاليين الموالين لروسيا علي فرض أمر واقع علي الأرض باستخدام القوة المسلحة مدعومين بكل أنواع المساعدات من موسكو قبل الجلوس علي طاولة المفاوضات, وجهود دبلوماسية ماراثونية أوروبية لوقف نزيف الدم والوصول إلي حل عاجل للصراع الدائر في أوكرانيا منذ ما يقرب من العام سقط خلاله حوالي550 قتيلا من الجانبين, يلتقي اليوم زعماء فرنسا وألمانيا وروسياوأوكرانيا في العاصمة البيلاروسية مينسك لبحث سبل التوصل إلي حل سلمي للأزمة, في الوقت الذي قام فيه الانفصاليون أمس بمحاولة جديدة لعزل مركز للسكك الحديدية شرق البلاد متعهدين بعدم وقف إطلاق النار حتي تتم لهم السيطرة علي مزيد من الأراضي, بينما سقطت صواريخ علي مقر العملية العسكرية المحلية للجيش الأوكراني علي بعد30 كيلومترا شمالي خط المواجهة في بلدة كراماتورسك الواقعة تحت سيطرة قوات كييف, وعلي منطقة سكنية قريبة منها نفي الانفصاليون مسئوليتهم عن إطلاقها. قمة اليوم تهدف لبحث المبادرة الفرنسية الألمانية لوقف القتال الذي تجدد خلال الأسابيع القليلة الماضية, وسط آمال أوروبية شبه معدومة من إحراز أي تقدم في المحادثات لتيقنهم من غياب أي دافع للانفصاليين ولموسكو لوقف القتال مع مواصلة سيطرتهم علي أراض جديدة, مع تواصل سقوط ضحايا آخرهم33 قتيلا وجريحا من المدنيين وإصابة10 جنود أوكرانيين خلال اشتباكات أمس فقط, رغم ما أعلنه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند من عزم بلاده علي إنجاح تلك المحادثات بالوصول إلي اتفاق عالمي لوقف الصراع الدامي. يأتي ذلك في الوقت الذي جري فيه تبادل قذائف المدفعية بين القوات الأوكرانية والانفصاليين حول بلدة فوليريسك التي يسيطر عليها الانفصاليون منذ أسبوع مع سعيهم لتطويق قوات كييف المدافعة عن بلدة ديبالتسيف القريبة وهي الهدف الرئيسي لزحف الانفصاليين. وقال قائد وحدة استطلاع أوكرانية إن فقاعة ديبالتسيف أحكم غلقها ولن نسمح لهم بالخروج. الكرملين من جانبه أعلن أمس بدء مناورات عسكرية تستمر شهرا علي الجانب الروسي من الحدود, في إشارة إلي جاهزيته للتدخل الفوري لدعم الانفصاليين عند الحاجة, بينما تنفي روسيا طوال الوقت ضلوعها في القتال, واتهم الولاياتالمتحدة علي لسان نيكولاي باتروشيف رئيس مجلس الأمن في الكرملين بمحاولة جر بلاده إلي صراع عسكري لإحداث تغيير بالقوة في السلطة وتفكيك بلادنا. كييف لم تقف مكتوفة الأيدي وأعلنت أمس أنها شنت هجوما مضادا لتخفيف ضغط الانفصاليين علي ماريوبول التي ما زالت تحت سيطرة الحكومة. قمة اليوم ستحاول التركيز علي سحب الأسلحة الثقيلة وبدء حوار بين كييف والانفصاليين, إلا أن النقطة الشائكة الرئيسية ستكون إقامة منطقة منزوعة السلاح شرق أوكرانيا وهو ماتريد منظمة الأمن والتعاون في أوروبا وفرنسا وألمانيا أن تشرف روسيا عليها, ولا يطمح المشاركون فيها إلي توقيع وثيقة بالاتفاق, وأقصي ما يسعون لتحقيقه بيان مشترك للقمة. الهرولة الأوروبية من أجل وقف الصراع لا تهدف فقط إلي إطفاء حريق مشتعل في بلد أوروبي يسعي للانضمام إلي منطقة اليورو يمثل منطقة عبور مهمة جدا للغاز والبترول الروسي إلي عواصم القارة العجوز, ولا بسبب الخوف من احتمالات انتقال الحريق إلي دول الجوار وتوريط أوروبا في حرب شرسة مع الدب الروسي وهو أمر وارد جدا, بل أيضا لتحقيق مصالح اقتصادية كبيرة باستئناف عمليات التبادل التجاري بين دول الاتحاد وروسيا المعطلة بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة علي موسكو. وبين العناد الروسي وإصرار الانفصاليين علي موقفهم, لا يبدو أن قمة اليوم ستحرز النتائج التي يرجوها القادة الأوروبيون الذين يشاركون في القمة بروح شبه يائسة من تحقيق تسوية نهائية للأزمة.