اللغة هي هوية, والحفاظ علي اللغة العربية هو جزء من الحفاظ علي الهوية, ومحاولة الالتزام بالحد المناسب من اللغة الأصلية لا يعني تقعيرا ولا يعني محاولة للتعامل بتعال أو بعلياء مع الآخر, ولا يعني أيضا إعطاء الإحساس للآخرين بالجهل, والأكيد أنه لا ينبغي أن يكون عائقا عن التواصل أو خالقا لفجوة في العلاقة أو الفهم. أقول هذا بمناسبة ذلك الانتشارلغير المحمود لتجاوز أو لنقل لانتهاك اللغة العربية, بل أساسيات اللغة العربية, في العديد من التعاملات والمكاتبات ووسائل الإعلام, بل وامتدت الأمور حتي لشعارات الأحزاب, آخر هذه الانتهاكات عندما قرر الحزب الوطني أن يكون شعاره في مؤتمره السابع' عشان تطمن علي مستقبل ولادك', لا أظن أن في الأمر جفوة أو انعزالا أو تعاليا أو عدم قدرة علي التواصل لو قلناها بشكل آخر' لتطمئن علي مستقبل أولادك' أو' لكي تطمئن علي مستقبل أولادك', أيضا عندما اختار التليفزيون المصري أن يضع إعلاناته بعنوان' حصري عالتليفزيون المصري', ولا أظن أبدا أن استخدام حرف' علي' بدلا من العين, سوف يسيء إلي المعني أو يحدث جفوة بين المشاهد المستهدف والتليفزيون. بدأ هذا التوجه نحو الاستخدام المفرط للغة العامية الأكثر من دارجة في صحافتنا المطبوعة منذ عدة سنوات, وظن البعض بعد ذلك أن هذا هو الطريق الصحيح للوصول إلي القارئ, وانساق وراء ذلك العديد من الكتاب والصحفيين, بل وبعض الصحف التي كان من واجباتها والتزاماتها أن تحافظ علي اللغة العربية, وأزيد بالقول أنه في بعض الأحيان كان استخدام اللغة العربية البسيطة يحدث أثرا كبيرا في نفس المتلقي حتي لو كان هو نفسه بسيط المعرفة. لا أطالب بالتقعر في استخدام اللغة, فاللغة العامية البسيطة تقترب كثيرا إن لم تكن تتطابق في معظم الأحيان مع اللغة العربية البسيطة, هي دعوة سبقني إليها كثيرون قبلي للحفاظ علي هوية أمة اللغة هي مكون رئيسي لها.