زيارة الرئيس للصين لها أبعادها الاستراتيجية في وقت يعاد فيه تشكل النظام العالمي الجديد, لانه باعتراف جميع المحللين ومراكز الدراسات العالمية التي تتحدث عن الصين كأضخم بلد من حيث التصدير والتصنيع بالاضافة الي كون الصين اكبر بلد علي مستوي العالم في الاحتفاظ بالأصول الاحتياطية. وهي من المتوقع أن تتجاوز الولاياتالمتحدةالأمريكية كأضخم اقتصاد( يتم قياسه طبقا للمساواة في القوة الشرائية) هذا العام والآن تستخدم الصين نفوذها المتزايد من أجل إعادة تشكيل النظام الاقتصادي العالمي. أن الأيام التي كانت فيها الصين تتبع وصية دينغ كيساوبينغ بإخفاء اللمعان وتبني الغموض قد ولت منذ زمن بعيد. وأنه بعد عقود من المشاركة الفعالة في المؤسسات الاقتصادية العالمية, أصبحت الصين تشبه القوة التطويرية التي تسعي لإيجاد نظام عالمي جديد. ومصر القوة الاقليمية الكبري وإن كانت بحاجة إلي الصين فإن الصين بحاجة إلي مصر لإنجاح المحور الاستراتيجي للسياسية الصينية في الشرق الاوسط ومنطقة البحر الابيض المتوسط, وتوفير الدعم الاستراتيجي لزيادة تعزيز التعاون الودي بين الصين والدول العربية ودول شمال إفريقيا أيضا. وباختصار, فإن مصر بحاجة إلي الصين, والصين بحاجة الي مصر أيضا. والواقع ان الترحيب كان لافتا بالرئيس المصري وحارا بدرجة كبيرة ليس فقط باعتبار أن الصين ومصر حضارتان قديمتان علي مستوي العالم, فكلاهما يتمتع بثقافة لها تاريخ عريق, وتربط الدولتان علاقات ثنائية تاريخية وعميقة جدا. وقد كان أول لقاء تشو آن لأن رئيس الوزراء الصيني, والرئيس المصري جمال عبد الناصر خلال مؤتمر باندونغ في أوائل عام1955 بمثابة لقاء بين صديقين وضع حجر الاساس لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وفي30 مايو عام1965, أصبحت مصر أول دولة عربية وإفريقية تعترف بالصين, وتقيم علاقات دبلوماسية معها. في وقت كانت الصين تتعرض لعزلة قاتلة وتتعرض الدول التي تتعاون معها لحملة هجوم منظمة وضغوط رهيبة ولان مصر تأبي بموقعها وهامتها وقامتها كل أنواع الضغوط فانها تحدت الغرب وأقدمت علي توطيد علاقاتها مع الصين, وقد أفاضت وسائل الإعلام الصينية في تبيان أنه منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية, لم يتوقف الطرفان في تعزيز التعاون الودي الثنائي بين الصين ومصر. و بعد توقيع البلدين علي اتفاق التعاون الاستراتيجي في عام1999, دخلت علاقات التعاون الودية القائمة بين مصر والصين مرحلة جديدة. وفي عام6002, وقع الجانبان علي الاتفاق علي تعميق الشراكة التعاونية الاستراتيجية الثنائية. وكذلك التعاون في إطار منتدي التعاون الصيني العربي, والصيني الإفريقي لتعزيز التعاون الودي بين الصين ومصر في مختلف المجالات.ولكما كان إحياء الاقتصاد المصري أحد المهام العاجلة التي تواجهه الحكومة المصرية الحالية. فقد كان الهم الاقتصادي هو المهيمن علي زيارة الرئيس السيسي ولذا فإن الزيارة, لم تقتصر فقط علي المباحثات بين زعيمي الدولتين في مجال تطوير العلاقات الثنائية, بل شارك السيسي شخصيا في اجتماع التبادل التجاري بين الصين ومصر علي طريق الحرير الجديد, والتقي مباشرة رجال الأعمال الصينيين, متطلعا إلي تعزيز استثمار الشركات الصينية في مصر في مجال الطاقة والزراعة والبنية التحتية, والاتصالات وغيرها من المجالات الأخري, وتعزيز التعاون الاقتصادي بين الصين ومصر. وأكدت زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلي الصين أن تخلص مصر من المأزق الاقتصادي بالحاجة إلي تطوير البنية التحتية, بما في ذلك تطوير قناة السويس والمناطق المحيطة بها, بناء السكك الحديدية وتوسيع الطرقات, توسيع وتحديث الموانئ, وبناء محطات الطاقة الكهرومائية والحرارية للتغلب علي نقص الطاقة, وتطوير طاقة الغاز الطبيعي وهلم جرا. وقد بذلت الصين ما في وسعها للترويج لمشروعها الاستراتيجي الطريق والحزام الذي يصفه الغرب في إطار مخططه لشيطنة الصين بأنه خطة ماريشال الصينية, وزاد هذا الوصف حرارة بعد اعلان الصين دفع40 مليار دولار لصندوق بناء طريق الحرير. وهذا الوصف يغضب الصينيين التي تري أنه ولو ان خطة مارشال أحيت أوروبا الغربية, فانها بنت جدارا حديديا اقتصاديا في أوراسيا. وكان جوهرها حرب اقتصادية, ونتيجتها مواجهة الحواجز.في حين يري الصينيون أن استراتيجية الحزام والطريق الصينية هي من أجل نشر السلام و الفوز المشترك,, بالإضافة إلي دمج أفكار جديدة ضمن استراتيجية جديدة للتكامل الاقتصادي العالمي. وتري الصين أن مشروع تنمية ممر قناة السويس والسكك الحديدية التي تربط بين شمال مصر وجنوبها يمكن وصفهما بمبادرات عظيمة علي حد سواء, سيسهمان في تحقيق الإلتحام والتناسق. وإذا كان الامر كذلك, فإن سور الصين العظيم والأهرام الصينية لا يقفان وينظران بعضهما البعض فقط, وإنما يمكن الربط والتواصل بينهما خبير في الشئون السياسية والاستراتيجية