ثانيا: المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار وهي الدعامة الثانية التي أقام عليها رسول الله صلي الله عليه وسلم أمته في المدينةالمنورة, فقد كان كل منهم في حاجة إلي الآخر ليقوي بعضهم البعض أقام الأعداء سواء الكفار أو اليهود داخل المدينة وخارجها لذا كان موقف رسول الله صلي الله عليه وسلم موقفا دقيقا يتطلب التضامن والتآذر بينهما. أما المهاجرون فقد تركوا ديارهم وأهليهم وأحوالهم ليهاجروا بدينهم في سبيل الله تعالي وأما الأنصار فهم الذين أووا المهاجرين في محبتهم, مقدرين أحوالهم ومعاناتهم فآووهم ونصروهم, يقول تعالي في شأنهم,( والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) الحشر/.9 فعمل صلي الله عليه وسلم علي تنظيم صفوف المسلمين وتقويتهم حتي ربطهم برباط قوي وهو رباط الأخوة النادرة بين المهاجرين والأنصار بلغت قوة النسب وتمت المؤاخاة في دار أنس بن مالك وكانوا تسعين رجلا أو مائة رجل نصفهم من المهاجرين ونصفهم من الأنصار, آخي بينهم علي المواساة, ويتوارثون بعد الموت دون ذوي الأرحام وظل الرباط حتي بعد موقعة بدر الكبري, فأنزل الله جل وعلا( وأولوا الأرحام بعضهم أولي ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم) الأنفال/57 فانقطعت المؤاخاة في الميراث, ورجع كل إنسان إلي نسبه وورثه ذو ورحمه. وكان هذا سببا في وحدة الأمة الإسلامية الصغيرة وسط مجتمع تتلاطم أمواجه حولهم فكان رسول الله صلي الله عليه وسلم أخو علي بن أبي طالب, وحمزة بن عبدالمطلب عم رسول الله صلي الله عليه وسلم أخا زيد بن حارثة, وجعفر بن أبي طالب أخو معاذ ابن جبل, وأبو بكر الصديق أخو خارجه بن زيد, وعمر بن الخطاب أخو عتبة بن مالك الأنصاري.. وقد أظهر الأنصار قمة الكرم مع المهاجرين في هذا الصدد ما عوضهم عن فراق الأهل والعشيرة حتي إنهم عرضوا أموالهم وأزواجهم علي المهاجرين ولكنهم رفضوا فمنهم من عمل بالتجارة ومنهم من عمل بالمزارعة مع الأنصار في أراضيهم فكانت هذه الأخوة من نبوغ الهادي البشير حيث قوت من مجتمع المسلمين أمام جمع أعدائهم من اليهود, وقريش والأحزاب.. وغيرهم.