أصدرت مكتبة الإسكندرية طبعة جديدة تضم كتابي تحرير المرأة لقاسم أمين, وتربية المرأة والحجاب لطلعت حرب, وذلك في إطار مشروع إعادة إصدار مختارات من التراث الإسلامي الحديث في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين/التاسع عشر والعشرين الميلاديين. يأتي الكتابان في سياق الرأي و الرأي الآخر, في حقبة شهدت بزوغ وتطور فكرة الحرية وقضية التحرر كقضية وطنية شاملة, تتضمن تحرر الإنسان, وتحرر الوطن من قيود التخلف والتبعية والاحتلال. ومن ثم جاءت قضية تحرر المرأة كجزء من سياق أشمل لتحرر الإنسان الفرد, و تثبيت قيم المساواة. صدر كتاب تحرير المرأة لأول مرة عام(1316 ه/1899م), و عقب نشره نشبت معركة فكرية واجتماعية في المجتمع العربي بأكمله, ونال قاسم أمين قدرا لا بأس به من الهجوم الشخصي والموضوعي بلغ حد أن منع من دخول قصر الخديوي, وانبري العديد من الكتاب للرد عليه, وكان من أبرز هؤلاء طلعت حرب في كتابه تربية المرأة والحجاب الذي طبع لأول مرة عام(1317 ه/1899م). ترك قاسم أمين ثلاثة كتب رئيسية, هي: المصريون و الذي كتبه في1894 م ردا علي كتاب مصر والمصريون الذي هاجم فيه دوق داركور المصريين, ثم تحرير المرأة في1899 م, الذي لاقي هجوما من قطاعات مختلفة, واستوجب أن يكتب أمين كتابا اخر يفند فيه آراء معارضيه وهو المرأة الجديدة في1900 م. يبدأ قاسم أمين كتاب تحرير المرأة من منطلق أهمية وضرورة النهضة والإصلاح للأمة, ويشير إلي أن تحرير المرأة من أبواب إصلاح الأمة. ويعكس ترتيب كتاب تحرير المرأة الأفكار الرئيسية التي حاول قاسم أمين أن يطرحها ويدعو لها, فهو يبدأ بالحديث عن تربية المرأة أي تعليمها, ثم حجاب النساء و الدعوة إلي التخفف منه, ثم يتحدث عن المرأة والأمة, و أخيرا العائلة ليبين أهمية التعليم لكل من الأمة أولا ثم العائلة بصفتها اللبنة الأولي للأمة. أما فيما يخص طلعت حرب ورده علي قاسم أمين في كتابه تربية المرأة والحجاب, فيعتمد طلعت حرب علي عدة مصادر منها مقالات فريد وجدي التي قال فيها بعدم مساواة المرأة للرجل, ويقتبس مقاطع مطولة من هذه المقالات. كثير من حجج هذا الرأي كانت من كلاسيكيات خطاب تحرير المرأة والخطاب المناهض له, بل أن نفس الحجج تستخدم في أوائل القرن الحادي والعشرين بالرغم من تكرار نقدها علي مر هذه السنوات. وجدير بالذكر أن طلعت حرب لا يعارض دعوة قاسم أمين إلي تعليم البنات من حيث المبدأ, ولكنه يختلف معه في التفاصيل تبعا لاختلافه عنه في الرؤية من حيث الأفضلية والأولوية بين الذكور والإناث, و نوع التعليم الذي يجب أن يتلقاه كل منهما. يذكر أن الكتاب من تقديم الدكتورة أمينة البنداري أستاذ الحضارات العربية والإسلامية بالجامعة الأمريكية في القاهرة.