ظهرت بوادر أزمة بين وزارة التعليم العالي ونقابة الأطباء بعد إعلان الأخيرة رفضها الاعتراف بشهادات الماجستير أو الدبلوم الصادرة من كليات الطب الخاصة أو بروتوكولات التعاون الموقعة بين هذه الكليات والجامعات الحكومية لقبول خريجي الخاصة بالجامعات الحكومية مقابل رسوم باهظة. وحذرت نقابة الأطباء من لجوء الجامعات الحكومية إلي حل مشكلاتها المالية والبحث عن تمويل ذاتي عن طريق التوسع في قبول طلاب الجامعات الخاصة في الطب بالدراسات العليا علي حساب خريجي الجامعات الحكومية. ومن جانبها اعتبرت الجامعات منح الشهادات أمرا خاصا بالمجالس الجامعية العليا ولا علاقة للنقابات المهنية بها وتأكيد أن الاعتراف بمعادلة الشهادات أمر خاص بالمجلس الأعلي للجامعات. وقال الدكتور جمال نوارة الأمين السابق للمجلس الأعلي للجامعات الخاصة أن هناك معايير قوية تضمن وجود دراسة جادة في مرحلة الماجستير والدبلومة لكليات الطب الخاصة وغيرها من كليات الجامعات الخاصة, مشيرا إلي أن تلك المعايير التي تم وضعها في عام2006 تجعل دراسة الماجستير في الكليات الخاصة اصعب كثيرا من الماجستير في بعض كليات الجامعات الحكومية. وأوضح نوارة الذي غادر منصبه مطلع الشهر الجاري أن هناك كليتين فقط للطب بالجامعات الخاصة واحدة منها وقعت اتفاقية مع جامعة عين شمس لتدريب وتأهيل خريجيها واستكمال دراساتهم العليا بما يعني إخضاع خريج الطب التابع لها لنفس معايير القبول بالدراسات العليا في جامعة عين شمس. واشار إلي أن هناك10 معايير اعتمدها مجلس الجامعات الخاصة يجب توافرها قبل افتتاح أي برامج للدراسات العليا في الجامعات الخاصة منها اشتراط أن يكون هناك في كل قسم من اقسام الكلية عضوا تدريس علي الأقل بدرجة أستاذ و3 آخرون بدرجة أستاذ مساعد علي الأقل بما يعني توافر أكثر من30 أستاذا و90 أستاذا مساعدا علي الأقل في كلية مثل كلية الطب التي يزيد اقسامها علي30 قسما وهو رقم قد لايتحقق في كثير من كليات الطب في الجامعات الحكومية. كذلك يشترط أن يكون هناك عضو تدريس من جامعة حكومية بين المشرفين الرئيسيين علي رسالة الماجستير فضلا عن قيود المجموع التي تمت إضافتها في السنتين الأخيرتين التي اصبح معها القبول بالجامعات الخاصة غير خاضع للقدرة المادية فقط بل أصبح التفوق شرطا رئيسيا في قبول الطلاب بالكليات العملية في الجامعات الخاصة. وأضاف أن الجامعات الخاصةيتوافر لها الآن ظروف أفضل للتدريب والتأهيل والمعامل من الجامعات الحكومية لكن المسألة في النهاية ترتبط بمدي استعداد الطالب لاستكمال دراسته العليا والمعايير الموجودة كافلة لوجود دراسات جادة من ذلك النوع متي تحققت في الجامعات الخاصة. وعلي الجانب الآخر, قال الدكتور خالد سمير أمين نقابة الأطباء إن مشكلة التعليم الطبي تمثل تهديدا حقيقيا لصحة المصريين و تتسبب في كثير من حالات سوء الممارسة الطبية التي تؤثر علي حياة المرضي وصحتهم وعلينا جميعا ان نبدأ فورا في ايجاد حلول سريعة وواقعية لمنع الكارثة المؤكدة التي تقترب كل يوم مشيرا إلي انه بعد دخول كليات الطب الخاصة الي التعليم الطبي ازدادت الأوراق اختلاطا حيث يشكل عدم وجود امتحان موحد للترخيص لمزاولة المهنة كما هو موجود في كل الدول الغربية علامات استفهام كبيرة حول تباين مستوي الخريجين بين كليات الطب سواء كانت عامة او خاصة, أو وجود تضارب مصالح بين الحصول علي مكاسب مادية وعلاقة ذلك بالمستوي و التقديرات الممنوحة للحصول علي الاسبقية عند التوظيف. وأضاف أن كليات الطب المصرية تخرج كل عام نحو11 الفا من الاطباء بمعدل نحو60 خريجا لكل ألف طبيب عامل و هو ثلاثة أضعاف المعدل العالمي وتظهر الاحصاءات أن اكثر من260 الف طبيب مقيد في مصر اي بمعدل نحو3 اطباء لكل1000 شخص وهو ايضا ثلاثة اضعاف المعدل العالمي بل اكبر من بلاد متقدمة مثل اليابان و كندا التي يوجد بها طبيبان لكل1000 شخص لافتا إلي أن تكدس الأطباء في القاهرة و الجيزة و الاسكندرية يجعلها أكثر اماكن العالم تكدسا بالاطباء بمعدل يصل الي7 اطباء لكل1000 مواطن في القاهرة و تصل في أحياء منها الي اكثر من15 طبيبا لكل1000 شخص. وأكد سمير ان أماكن التدريب لا تكفي ربع الخريجين و أن التدريب يفتقر لوجود تقييم موضوعي موحد علي مستوي القطر لضمان ان المتدرب آمن للمرضي ويزيد الأمر إعطاء شهادات أكاديمية كالدبلوم و الماجستير و الدكتوراه و الاعتراف بها كشهادات اكلينيكية بل وقبول الجامعات تحت الضغط لأعداد رهيبة من الطلبة تتعدي فرص التدريب الحقيقي للمقاييس الدولية, مما يهدد بإعطاء شهادات صورية و يشكل خطورة بالغة علي حياة المرضي.