في مواجهة التهديدات الإسرائيلية بشن حرب علي لبنان, فرض استئنناف عقد جلسات مؤتمر الحوار الوطنيطاولة الحوار لبحث الاستراتيجية الدفاعية للبلد نفسه علي أجندة لبنان السياسة والطائفية. ويجري الرئيس ميشال سليمان مشاورات مع قيادات البلد حول تشكيل طاولة الحوار تمهيدا لتوجيه الدعوة لاستئناف جلساته لبحث هذا الموضوع, وكانت طاولة الحوار قد عقدت جلسة عام2006 برئاسة الرئيس اميل لحود السابق وانجزت بالاجماع11 موضوعا يتعلق بقضايا الاصلاح السياسي والدستوري, ولم يتبق علي اجندتها سوي موضوع الاستراتيجية الدفاعية. ومن المعروف ان مؤتمر طاولة الحوار ليس هدفه اتخاذ قرارات او اصدار تشريعات وانما هدفه تبادل الرأي والنقاش حول القضايا الوطنية من جانب التيارات السياسية والطائفية في البلاد جميعا, وإحالة ماقد يصل المشاركون فيه لاتفاق إلي مؤسسات الدولة المعنية.
وتأتي هذه المشاورات في وقت يتمحور فيه الحديث الخاص بالاستراتيجية الدفاعية حول سلاح حزب الله المقاومة, وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم1559, ويتركز السجال السياسي في هذا الصدد في اتجاهين رئيسيين, الأول: وتعبر عنه قوي14 آذار الاكثرية خاصة الحلفاء المسيحيين والتي تطرح الموضوع تحت عنوان إنهاء وجود السلاح خارج اطار مؤسسات الدولة الجيش بدعوي عدم منح إسرائيلالذريعة لشن عدوان جديد, والثاني, وتعبر عنه قوي الثامن من مارس المعارضة التي تتمسك بشرعية سلاح المقاومة ضد الاحتلال والتي كفلتها المواثيق الدولية, والقانون الدولي, واستخدمتها الدول التي تطالب اليوم بنزع سلاح المقاومة ضد الاحتلال الأجنبي لأراضي بلدانهافرنسا ضد النازية, كما تعتبر المعارضة ذلك العنوان مظلة تتخفي وراءه رغبات بنزع سلاح الحزب, برغم التوافق الوطني الذي ترجمة البند السادس من البيان الوزاري لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة سعد الحريري بمناقشة هذا الموضوع في مؤتمر الحوار, ومنح المقاومة الشرعية, وبمنح إسرائيل صفة المحتلالعدو لأراضي لبنانية مزارع شعبا, وتلال, وكفر شوبا, والقسم اللبناني من قرية الغجر, أو بالاحري شدد علي هذه الصفة.
وامتدادا لهذا الموضوع تشدد قوي14 مارس علي أن القرار1559 فيما يتعلق بالبند الخاص بسلاح الحزب هو قرار دولي ملزم, وأن ملصحة لبنان في نزع سلام المقاومة, وان بقاء القرار قد يساعد لبنان علي التوصل إلي حل بشأن هذا السلاح, بينما تشدد قوي الثامن من مارس علي ان القرار بات منتهيا ويجب سحبه من التداول الدولي بوصفه تدخلا سافرا في شأن لبناني وطني داخلي خاصة ان الموضوع مطروح علي طاولة الحوار.
وتتزامن مشاورات رئيس الجمهورية مع مطالب قيادات14 آذار منهم بتوجيه الدعوة بعقد جلسة استثنائية لطاولة الحوار فورا لبحث الاستراتيجية الدفاعية علي الأقل لبحث مايجب عمله ازاء التهدايات الإسرائيلية بشن حرب علي كل لبنان لتجنب كارثة جديدة. وقد زاد من شعور قوي14 آذار ابأن الدولة لاتقوم بماينبغي القيام به ابلاغ وزير الخارجية علي الشامي من حركة امل, البعثات الدبلوماسية الأجنبية في لبنان باعتبار القرار1559 منتهيا, الامر الذي اعتبرته تصرفا منفردا وتجاوزا من الشامي لصلاحياته.
هذا التباين الحاد في المواقف جعل الشكوك تحوم حول إمكانه دعوة الرئيس بالفعل لعقد طاولة الحوار في وقت قريب خاصة بعد اعلان زعيم التيار الوطني الحر العماد ميشال عون ان الحوار في المؤتمر حول سلاح المقاومة لافائدة منه لأن هناك اجماعا وطنيا علي بقاء هذا السلاح ضمن المعطيات الحالية التيلن تتغير, وان الغالبية الساحقة تؤيد ابقاء السلاح حتي تحصل تغييرات جديدة.
ويضعف موقف المطالبين بنزع سلاح المقاومة إذن الانقسام في الموقف داخل الكتلة الشعبية بين اغلبية بزعامة عون تربط استمرار بقاء السلاح المقاومة ببقاء الاحتلال الإسرائيلي, وتتمسك بالسلاح للدفاع عن لبنان وليس كما يريد البعض للدفاع عن امن اسرائيل, ومن ثم يري هذا التيار وتكتل الاصلاح والتغيير النيابي ان سلاح الحزب مفيد للبنان وان القرار1559 هو قرار مرفوض ادخل لبنان في صدام عنيف مع سوريا, فضلا عن كونه أصبح اداه للضغط علي لبنان بعد فشل السياسة والاقتصاد والحرب في مواجهة المقاومة.
وبموازات ذلك فهناك القسم الثاني اقلية الذي يضم حزب الكتائب بزعامة الرئيس الاسبق أمين الجميل, وحزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع المدعوم من البطريرك نصر الله صفير, ويرفض هذا القسم موقف عون وتصرف الشامي, ويشدد القرار1559 لان ماقام به الأخير لم يطرح علي الحكومة التي يصدر منها الموقف الرسمي للبنان. ومن ثم فإن التدخلات الأمريكية والفرنسية تصعب مهمة الفرقاء اللبنانيين, فضلا عن كونها صعبة التسويق.