في دراسة قصيرة وجدت الزميلة مروة كمال ان مساحة تغطية النشاط الفني التشكيلي في الصحف المصرية يتفاوت بشدة بين الصحف الصادرة بالعربية وتلك الصادرة باللغات الاجنبية, سواء من حيث الكم او الكيف, حيث تبلغ التغطيات المنشورة في الصحف الصادرة بالانجليزية والفرنسية في مصر علي قلتها اضعاف المنشور في الصفحات العربية. وربما كانت هذه الملاحظة ذاتها هي التي دفعت المؤسسة الثقافية السويسرية بالقاهرة بالتعاون مع إحدي الصحف المستقلة لتنظيم ورشة خاصة تجمع بين محرري الفنون التشكيلية من الشباب في الصحف المصرية الصادرة باللغة العربية وبين مجموعة من الفنانين المعاصرين تحت عنوان:'نحو تأسيس خطاب نقدي عربي عن الفن المعاصر', بمقر النادي السويسري بحي الكيت كات. وبدأت انشطة الورشة التي استمرت لثلاثة أيام انتهت امس الأول' الاثنين', بندوة أدارها الكاتب الصحفي جمال الجمل, عرض فيها المشاركون للعلاقة بين أجهزة الاعلام والفنون المعاصرة في مصر, ومن بين الاوراق التي نوقشت في اليوم الأول للورشة: الخطاب الغربي حول الفنون في العالم العربي' للفنانة هالة القوصي والتي عرضت فيها لتصورها للاسباب التي تسير فيها حركة الفنون البصرية في مصر في اتجاه معاكس لاتجاه الاهتمام الاعلامي بها من خلال المقارنة بين موقف الفنون البصرية في الغرب وفي المجتمع المصري.. فتري هالة القوصي أن الفنون البصرية في مصر شهدت نشاطا كبيرا خارج القطاع الحكومي خلال الخمسة عشر عاما الماضية مما انتج جيلا جديدا من الشبان الذين ينتجون ويتواصلون مع جمهور هذه الفنون عبر ساحات جديدة بالقاهرة والاسكندرية ووجدوا فرصهم لعرض أعمالهم بالخارج بعيدا عن الدعم الحكومي. وبالتالي مجدت أعمال هؤلاء الفنانين طريقها الي الصحف الغربي عبر رؤي نقدية تنظر اليها كمرآة للمجتمات العربية, ولكن الاشكالية تكمن في بقاء هذه الأعمال مترجمة عبر قاموس غربي خالص وبالاعتماد علي نظريات وقراءات غربية تغفل تماما البعد الثقافي المختلف لهذه الأعمال, وعلي الجانب المقابل تغيب الرؤي المحلية تماما. فتغيب المفاتيح اللازمة التي يمكن للكاتب الغربي اللجوء إليها كمرجع عند تناوله لهذه الأعمال. وتري هالة القوصي ان هذه الاشكالية' القراءة المنقوصة للعمل العربي لدي الناقد الغربي' يمكن حلها من خلال إيجاد الناقد العربي المتخصص القادر علي قراءة العمل بشكل اعمق واكثر وعيا من نظيره الغربي باعتباره ابنا لذات الثقافة التي يحملها الفنان. وتمنت في ورقتها أن تلعب الصحافة دورا اكبر في توسيع دوائر المتلقين للفنون البصرية عبر كتابة رفيعة المستوي تسهم في اثراء الحركة الفنية ويلجأ اليها الكتاب الغربيون لفهم الأعمال الفنية المصرية وتقييمها. وقدم الفنان د. شادي النشوقاتي الاستاذ بكلية التربية الفنية ورقة حول تدريس الفنون في مصر بين المؤسسات الرسمية والساحات الجديدة التي تقوم بدور تثقيفي داعم لهذه الفنون عبر الورش و'الفعاليات الخاصة' مقدما قراءة للدور الذي تلعبه كل من هذه المؤسسات مقارنة بالدور المطلوب منها بالفعل. كما شارك كل من علاء عبد العزيز ونادية ابو غازي في ورقة حول القراءة التحليلية للافلام السينمائية بناءا علي نظريات الواقع والابداع. وقدم الكاتب الصحفي جمال الجمل المشرف العام علي الملاحق والصفحات المتخصصة بالزميلة المصري اليوم الذي أدار جلسات الورشة, ورقة حول أثر الاعلام علي الثقافة البصرية. وقدمت الزميلة مروة كمال ورقتها التي أعدت فيها خريطة تناول الفن التشكيلي في وسائل الاعلام المصرية راصدة تراجع الاهتمام بهذا الفن في الصحف الصادرة بالعربية. بينما عرض الزميل ايهاب كامل لنماذج من اللقاءات الصحفية التي اجريت مع تشكيليين مصريين. وشهد اليوم الاخير تقديم شهادات من الفنانين المشاركين بالورشة وهم: هالة القوصي ودعاء علي واحمد الشاعر ود. هدي لطفي, وهاني راشد بحضور الصحفيين المشاركين. واعلنت هبة شريف المديرة الاقليمية للمؤسسة الثقافية السويسرية' بروهلفتسيا' بالمنطقة العربية ان هذه الورشة هي الأولي ضمن سلسلة ستعقد علي مدار الاعوام الثلاثة المقبلة وانتهت الي قبول توصية بعقد اللقاء بين الصحفيين والفنانين أربع مرات سنويا.