وقع المتمردون الحوثيون في ساعة متأخرة من الليلة الماضية اتفاقا سياسيا للسلام في اليمن برعاية الاممالمتحدة ينص علي تشكيل حكومة جديدة وخفض اسعار الوقود ووقف اطلاق النار ورفع الاعتصامات. وجاء ذلك بعد يوم من الاحداث المتسارعة تمكن المتمردون خلاله من السيطرة علي عدد كبير من المؤسسات السياسية والعسكرية في صنعاء في ظل عدم ممانعة من جهات حكومية. وشهد اليوم الدراماتيكي الطويل في اليمن اعلان رئيس الوزراء محمد سالم باسندوه استقالته وسط اتهامات وجهها للرئيس عبدربه منصور هادي بالتفرد بالسلطة, فيما طلب وزير الداخلية من اجهزة الامن عدم مواجهة الحوثيين. الا ان وكالة الانباء اليمنية افادت ان الشرطة العسكرية بدات في نهاية اليوم الطويل بتسلم المقار التي سيطر عليها انصار الله, وهو الاسم الذي يتخذه الحوثيون. وذكرت الوكالة انه جري مساء أمس في دار الرئاسة وبحضور الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية ومساعد أمين عام الأممالمتحدة ومستشاره الخاص لشؤون اليمن جمال بن عمر وممثلي الأطراف السياسية بمن فيهم انصار الله الحوثيون التوقيع علي اتفاق السلم والشراكة الوطنية بناء علي مخرجات مؤتمر الحوار الوطني. ووقع عن الحوثيين مهدي المشاط, وهو مدير مكتب زعيم التمرد عبدالملك الحوثي وحسين العزي عضو المكتب السياسي لانصار الله, وهو الاسم الرسمي للحوثيين. وتم التوقيع بعد اجتماع استمر ساعتين بين ممثلي الحوثيين وهادي وبن عمر. وينص الاتفاق بحسب النص الذي قرأه بن عمر وبثه التلفزيون اليمني الرسمي, علي ان يجري الرئيس مشاورات تفضي الي تشكيل حكومة كفاءات في غضون شهر فيما تستمر الحكومة الحالية التي استقال رئيسها محمد سالم باسندوه في وقت سابق أمس بتصريف الاعمال. وبحسب الاتفاق, يعين هادي رئيسا للوزراء في غضون ثلاثة ايام كما يتم تعيين مستشارين سياسيين للرئيس من الحوثيين والحراك الجنوبي. ويفترض ان يكون رئيس الوزراء الجديد شخصية محايدة ولا حزبية فيما تقدم المكونات السياسية اسماء مرشحيها للحكومة الي رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء. وبحسب الاتفاق يعين رئيس الجمهورية وزراء الخارجية والداخلية والدفاع والمالية بعد اجراء مشاورات. وينص الاتفاق علي ان يتم خفض سعر الوقود ليصبح3000 ريال لصفيحة العشرين لترا, ليكون بذلك قد تم خفض نحو نصف الزيادة السعرية التي طبقت علي اسعار الوقود اعتبارا من نهايةيوليو. وفي الجانب الامني, ينص الاتفاق علي ان تتسلم الدولة المنشآت الحيوية وان تزال مخيمات الاحتجاجات من صنعاء ومحيطها, علي ان يتم وقف جميع اعمال العنف فورا في صنعاء. وكان المتمردون الحوثيون الشيعة سيطروا أمس بوتيرة صاعقة علي مقر الحكومة والاذاعة ومقار عسكرية ووزارات مهمة في صنعاء في مشهد اظهر تراجعا كبيرا للسلطة بحسب ما افادت مصادر رسمية واخري من الحوثيين. وتتالت الانباء غير المؤكدة سقوط الوزارات والمؤسسات العامة في يد الحوثيين, من دون مقاومة في بعض الاحيان, بما في ذلك وزارة الدفاع والمصرف المركزي والبرلمان. وقال مصدر رسمي لوكالة فرانس برس ان الحوثيين سيطروا علي مقر رئاسة الوزراء الحكومة وعلي الاذاعة اضافة الي مقر اللواء الرابع. من جهته, اكد المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام عبر صفحته علي فيسبوك ان الجهات العسكرية والأمنية التي ايدت الثورة الشعبية وانحازت إلي خيار الشعب هي: القيادة العامة للقوات المسلحة, معسكر الإذاعة, المؤسسات الرسمية المتواجدة بمنطقة التحرير ورئاسة الوزراء. واشارت مصادر متطابقة الي ان الحوثيين سيطروا علي وزارة الاعلام ووزارة الصحة, كما سيطروا علي مقر الفرقة السادسة ومقر القيادة العامة للقوات المسلحة بعد حصول مواجهات بالاسلحة. وفي وقت لاحق, اعلن عبد السلام السيطرة علي مقر الفرقة الاولي مدرع( سابقا), اي مقر اللواء علي محسن الاحمر الذي يبدو انه تمكن من الفرار, مع العلم انه من الد اعداء الحوثيين. وقال ان اللجان الشعبية اعلنت التطهير الكامل والكلي لمقر الفرقة الأولي مدرع المنحلة وتعلن أن علي محسن الأحمر مطلوب للعدالة. واكد شهود عيان ومصادر سياسية لوكالة فرانس برس ان عددا كبيرا من المقار العسكرية والسياسية التي سيطر عليها الحوثيون لم تشهد اي مقاومة من جانب الجيش. وفي الاثناء, قدم باسندوة استقالته متهما رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي بالتفرد بالسلطة, وذلك بعد اكثر من شهر علي بدء المتمردين الحوثيين الشيعة تحركهم للدفع نحو اسقاط الحكومة والتراجع عن قرار رفع اسعار الوقود. وقال باسندوه في رسالة الاستقالة التي حصلت عليها وكالة فرانس برس من مصدر من الامانة العامة لرئاسة الوزراء لقد قررت ان اتقدم اليكم باستقالتي من رئاسة الوزراء. واشار باسندوه الذي يرأس حكومة وفاق وطني شكلت بموجب اتفاق انتقال السلطة الذي وضع حدا لحكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح انه بالرغم من ان المبادرة الخليجية( اتفاق انتقال السلطة) وآليتها المزمنة نصتا علي الشراكة بيني وبين الاخ الرئيس في قيادة الدولة, لكن ذلك لم يحدث الا لفترة قصيرة فقط ريثما جري التفرد بالسلطة لدرجة انني والحكومة اصبحنا بعدها لا نعلم اي شيء لا عن الاوضاع الامنية والعسكرية ولا عن علاقات بلادنا بالدول الاخري. من جهته, دعا وزير الداخلية اليمني عبده حسين الترب أمس الاجهزة الامنية الي التعاون وعدم مواجهة المتمردين الحوثيين في بيان نشر علي موقع وزارة الداخلية. وجاء في البيان ان وزير الداخلية اللواء عبده حسين الترب دعا كافة منتسبي الوزارة الي عدم الاحتكاك مع أنصار الله( الحوثيون) أو الدخول معهم في أي نوع من أنواع الخلافات. كانت وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة دعتا في وقت سابق أمس منتسبي الوحدات العسكرية المرابطة في إطار إمانة العاصمة وما حولها إلي البقاء في وحداتهم بجاهزية عالية والحفاظ علي الممتلكات والمعدات ومختلف العهد العسكرية وعدم التفريط فيها كونها من ممتلكات الشعب. الا ان شهودا عيان اكدوا لوكالة فرانس برس ان الحوثيين تمكنوا من السيطرة علي كميات كبيرة من الاسلحة, خصوصا من مقر اللواء الرابع. وينشر الحوثيون الافا من المسلحين وغير المسلحين في صنعاء وحولها منذ اعلن زعيم التمرد عبد الملك الحوثي في18 اغسطس تحركا احتجاجيا تصاعديا للمطالبة باسقاط الحكومة والتراجع عن قرار رفع اسعار الوقود اضافة الي تطبيق مقررات الحوار الوطني. واستمرت المواجهات في صنعاء منذ اعلان المبعوث الدولي جمال بن عمر مساء أمس الأول التوصل الي اتفاق بين الحوثيين والرئاسة اليمنية لانهاء الازمة الحالية.