يالها من مفارقات, وأمور تثير العجب العجاب, وها هم المحللون وقد أسقط في أيديهم, إذ كيف يفسرون هذا الجنوح من قبل زعيم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تصعيد وتيرة الوعيد للدولة العبرية, في الوقت الذي يعكف فيه دبلوماسيو الخارجية التركية علي وضع اللمسات الأخيرة علي الملفات التي سيبحثها الوزير أحمد دواد الذي يبدأ غدا زيارة رسمية الي العاصمة الأمريكيةواشنطن وجميعها تستهدف إزالة بؤر التوتر التي شابت العلاقات بين البلدين الحليفين والتي انطلقت أساسا من الأزمة الناشبة بين أنقرة وتل أبيب ومساندة أنقرة لطهران في تحديها للمجتمع الدولي, وفقا لما ذكرته وسائل الإعلام يأمل المسئولون الأتراك أن تسهم المباحثات المفترض أن يجريها أوغلو مع نظيرته هيلاري كيلنتون وعددا من أقطاب البيت الأبيض في تحسين صورة تركيا في الأوساط السياسية الأمريكية, وكذا الرأي العام الي هنا أشار مراقبون الي أن الفتور الحاصل لن يتبدد إلا بوقف تردي العلاقات مع إسرائيل قائلين أنه ينبغي علي الذين يرغبون في معرفة طبيعة سير العلاقات التركية الأمريكية أن يعلموا بأن إسرائيل بطرف, والعالم أجمع بطرف آخر بالنسبة للولايات المتحدةالأمريكية وبالتالي فمخاصمة إسرائيل تعني الاساءة لأمريكا, ومن ثم فمصير العلاقات التركية الأمريكية يمر من العلاقات التركية الإسرائيلية. مراقبون سياسيون أشاروا الي ان تركيا ربما تعتقد انها تتبع سياسة صحيحة غير أن هذا يكون من وجهة نظرها فمحور واشنطن تل أبيب يري الصورة من زاوية مختلفة, ولهذا السبب بدأت تركيا تفقد مكانتها بأمريكا, ويلعب اللوبي اليهودي دورا مهما في هذا الصدد, إذ أنه أصبح مدركا بأن تركيا باتت دولة غير مرغوب بها خاصة من بعد وقوفها لجانب إيران التي تخطط للقضاء علي إسرائيل وبعد سفينة مرمرة, ولفت هؤلاء النظر الي ان انقرة قد تنجح في اقناع مسئولي الخارجية وكذا الدفاع والبيت الأبيض ببعض جوانب سياستها الخارجية ولكنها لا يمكن أن تقنع أعضاء مجلس الشيوخ في ظل وجود اللوبي اليهودي الذي يعتبر العنصر المهم والمؤثر بالكونجرس الأمريكي ومهما كان ثقل تركيا بالمنطقة وأهميتها الاستراتيجية إلا أن المهم لدي الكونجرس هو هل الاتراك أصدقاء الإسرائيليين أم العكس في السابق كم ساند الكونجرس الاناضول في أكثر من قضية علي رأسها مذبحة الأرمن وقبرص وغض النظر عن انتهاكات لحقوق الانسان ليس ذلك فحسب بل ساند انقرة في مجال الطاقة والاقتراض من صندوق النقد الدولي, المصادقة علي صفقة مبيعات الأسلحة كل هذا جاء نتيجة حميمية العلاقات مع إسرائيل, وما أن تراجعت أواصر الصداقة وراح المسئولون الأتراك ينحون منحي مغايرا ويقفون بجانب اعداء تل أبيب, بدأ اللوبي اليهودي يتصيد الأخطاء وكم هي عديدة وهكذا صار يؤثر سلبا علي جميع مجالات التعاون مع تركيا التي خانت أمريكا قبل إسرائيل. من جانبها لمحت الصحف التركية نفسها ونقلا عن مصادر سياسية أمريكية الي أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يشعر بخيبة أمل تجاه أردوغان المصر علي حد قول أحد المسئولين بالوقوف لجانب إيران واستمرار لهجته الشرسة ضد إسرائيل, الطريف ان أوباما وفي مستهل رئاسته كان يولي أهمية كبيرة لتركيا ووصفها بالشريك النموذجي, أما اليوم فنادرا أن يتطرق أو يتلفظ أي مسئول أمريكي الي الشراكة الاستراتيجية أو الشريك النموذج, بل العكس, فغالبية الساسة الأمريكيين صاروا يصفون وريثة الأمبراطورية العثمانية ب الدولة الصديقة المفقودة عضو حلف شمال الأطلسي غير الموثوق, البلد الذي يتحرك في طريق آخر بعيدا عن شركائه.. والسؤال الي متي؟ يبدو أن القائمين علي إدارة أمور البلاد قد أسكرتهم نشوة شعارات التأييد التي تنطلق من بعض الحناجر في عدد من بلدان الشرق الأوسط إلا أن هذا قد يكون له ثمن باهظ فبعض الكتاب اشاروا الي ان بقاء اردوغان علي سدة السلطة ومعه وزير خارجيته قد لا يدوم بل من الممكن أن ينتهي إذا استمرا علي النهج المناهض للسياسة الأمريكية وبمعني آخر لسياسة اللوبي اليهودي. وخلص المحللون السياسيون الي ان الولاياتالمتحدةالأمريكية هي الدولة العظمي الآن وتمتلك امكانيات وقدرات هائلة وتؤثر بشكل واضح علي التطورات الاقتصادية في معظم بلدان العالم, وان غالبية الارتباطات التركية العسكرية تتم معها بالاضافة الي ان نسبة كبيرة من الاستثمارات القادمة الي الاناضول تعتمد علي اشارة من أمريكا, وأضاف هؤلاء انه دون الدعم الأمريكي قد تواجه أنقرة موقفا صعبا للغاية مطالبين بضرورة اعادة النظر في السياسة الخارجية للبلاد.