لاتزال أوكرانيا مسرحا للتجاذبات بين روسيا والغرب, ففي الوقت الذي تستمر فيه المعارك بين القوات الأوكرانية وبين الانفصاليين في الشرق, اندلعت اشتباكات أمس بين متظاهرين وقوات الأمن الأوكرانية في ميدان الاستقلال بوسط العاصمة كييف والشوارع القريبة منه إثر محاولة السلطات إزالة المتاريس, لكن تداعيات الصراع بين روسيا والغرب يبدو أنها بلا سقف. فقد ردت روسيا علي العقوبات الغربية التي بدأت وتيرتها في التصاعد حتي وصلت إلي الصناعات التقنية والعسكرية بعد أن فرضت علي رجال أعمال وشركات أقل أهمية, بفرض حظر كلي لمدة عام كامل علي واردات اللحوم والخضراوات والفواكه من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وأستراليا وكندا والنرويج, حيث أكد رئيس الوزراء الروسي دميتري ميدفيديف خلال اجتماع للحكومة الروسية ان روسيا فرضت حظرا كليا ولمدة عام كامل علي واردات لحوم الأبقار والخنازير والطيور والأسماك والحليب ومشتقاته, والخضراوات والفواكة من الدول المذكورة. ويأتي هذا القرار بعد أن وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قرارا أمس الأول بتطبيق بعض الإجراءات الاقتصادية الخاصة بغية ضمان أمن روسيا الاتحادية قد يصل إلي صناعة الطائرات والسفن والسيارات. ومن المتوقع أن تبلغ خسائر الاتحاد الأوروبي نحو12 مليار يورو سنويا, نتيجة لفرض روسيا حظرا علي استيراد بعض المواد الغذائية والزراعية من الدول الغربية التي شاركت في فرض عقوبات ضدها ووفقا لبيان تحليلي صادر عن مؤسسة رايفايزن للبحوث, فإن حجم واردات روسيا من دول الاتحاد الأوروبي من المنتجات الغذائية والزراعية يتراوح ما بين10 12 مليار يورو سنويا, ما يعني أن دول الاتحاد الأوروبي ستتكبد خسائر بهذه القيمة في حال فرضت روسيا حظرا كاملا علي واردات هذه المواد الغذائية والمنتجات الزراعية من هذه الدول. وفي أول رد فعل علي هذا القرار أعربت بيلاروسيا عن استعدادها التام لتعويض روسيا ببعض المنتجات الغذائية التي تم حظر استيرادها من بعض الدول الغربية. ولم تكتف السلطات الروسية بفرض الحظر بل أعلنت أن المواد الغذائية التي تم حظر استيرادها من بعض الدول الغربية سيتم الاستعاضة عنها في شهر أو شهرين من أسواق كمصر والمغرب, حيث ان البلدين لم يكونا من الدول الداعمة للعقوبات علي روسيا بالاضافة إلي الصين ودول أمريكا اللاتينية ودول أخري. من جانب آخر, مددت روسيا إقامة سنودن الموظف السابق في وكالة الأمن القومي الأمريكية ثلاث سنوات في أراضيها حسبما أفاد محاميه, وأشار في الوقت نفسه إلي أن سنودن قد يطلب منحه الجنسية الروسية في المستقبل. وفي سياق متصل, منعت روسيا شركات الطيران الأوكرانية من تنفيذ رحلات تزانزيت عبر أراضيها إلي مجموعة من الدول, مضيفا أن هذا الحظر ممكن أن يمتد ليشمل شركات طيران دول أخري, وذلك ردا علي العقوبات التي فرضتها دول غربية ضد روسيا. وقد رد الأوروبيون حسبما أفاد مصدر دبلوماسي أوروبي بأن الاتحاد الأوروبي سيسعي عبر منظمة التجارة العالمية إلي الغاء حظر روسيا لاستيراد المواد الغذائية من بعض دول الاتحاد, مشيرا إلي أن معايير وقواعد منظمة التجارة العالمية تمنع فرض أي منع أو حظر بدوافع سياسية, مضيفا أنه سيتم تحليل الإجراءات التي اتخذتها روسيا بشكل دقيق ومن ثم سيتم تقديم الشكوي إلي منظمة التجارة العالمية. وقد أكد الممثل الرسمي للمفوضية الأوروبية ان الممرات الجوية تم تحديدها وفقا لاتفاقيات دولية يجب الامتثال لها, وأضاف أن روسيا ستنتهك القانون الدولي في حال إغلاق أجوائها في وجه رحلات الترانزيت. من جانبه أكد ماريو دراجي رئيس البنك المركزي الأوروبي أن الأزمة في أوكرانيا تشكل تهديدا لاقتصاد منطقة اليورو رغم عدم التيقن بشأن التأثير المحتمل للعقوبات الأوروبية علي روسيا والعقوبات التي فرضتها روسيا ردا علي ذلك.