النظام التعاوني أصبح يحتل مكانة لائقة علي امتداد163 دولة في العالم, ويعتبره خبراء وعلماء الاقتصاد والاجتماع السبيل الوحيد لتجدد المجتمع. المنظمات التعاونية الشعبية لها أهداف اقتصادية واجتماعية علاوة علي انها مدارس لممارسة الديمقراطية السليمة من خلال الانعقاد السنوي للجمعيات العمومية والممارسة الصحيحة لدور مجالس الإدارة. والحركة التعاونية العالمية طبقا لاحصائيات بداية القرن الجديد كما سجلتها المنظمات الدولية للأمم المتحدة والحلف التعاوني الدولي تضم مليار أسرة تعاونية في إطار مليون ونصف المليون منظمة تعاونية شعبية, ويمثل التعاون الاستهلاكي مركز الثقل علي خريطة التطبيق التعاوني حيث يمثل50% مع التعاونيات الائتمانية, ويمثل التعاون الزراعي35%. والحركة التعاونية أصبحت جزءا من الخطط الاقتصادية لمعظم بلاد العالم, إن لم يكن كلها سواء إختلفت هذه الأنظمة في أحوالها التاريخية والاقتصادية والاجتماعية, أو في نظام الحكم وطرق الحياة ومستويات التقدم الفني والثقافي, وظل الدور الذي تؤديه المؤسسات التعاونية مطرد النمو, ويبلغ شأنا كبيرا في معظم بلاد العالم. والنظام التعاوني في المنطقة العربية أصيل كأصالة العرب والانسان العربي, ويضم حوالي40 مليون أسرة تعاونية في نطاق50 ألف منظمة تعاونية شعبية. وبقدر نجاح المنظمة التعاونية في أي مجتمع يكون استقرار الوضع في ذلك المجتمع وازدهار اقتصادياته وتخفيف أوضاعه الاجتماعية.. وبذلك يعيش المجتمع سعيدا قانعا وراضيا. التعاون هو نظال المشتغلين سواء في الزراعة أو الصناعة أو المستهلكين وهم مجموع أفراد الشعب وذلك للقضاء علي الاستغلال في جميع صوره وأشكاله. والتعاون اعتماد علي النفس وفق الامكانات المتاحة مهما كانت ضئيلة. فالاعتماد علي النفس مع التخطيط التعاوني الحر السليم البعيد عن أية وصاية كفيل بالتطور القوي السريع الذي يؤدي الي الحرية الاقتصادية.. وهما اساس كل الحريات السياسية والاجتماعية. إن بناء القطاع التعاوني ذاته يجعله اكثر قبولا للاعتبارات الأخلاقية والانسانية والتضامنية التي تكون موضع اعتبار كبير عند اتخاذ القرارات. النظام التعاوني يتطلب في أعضائه الغيرة والإخلاص والإيثار وانكار الذات والتطوع بتقديم التضحيات في وقت الشدائد.. وهي كلها صفات فريدة غير موجودة في اي أنظمة أخري. التعاون.. يبقي علي الملكية الخاصة التي لن تكون حافزا علي المنافسة الهدامة بقصد الحصول علي أكبر ربح عن طريق استغلال الطبقات الضعيفة, ولن تكون مدعاة للسيطرة أو التفوق كما هو الحال في النظام الرأسمالي. وفي ظل التعاون لا يعتمد الفرد علي الدولة في تحقيق ما يصبو اليه من أهداف إذ تقوم الفكرة التعاونية علي أساس المساعدة الفردية المتبادلة للأعضاء التعاونيين. تعتبر كثير من الدول أن المنظمات التعاونية أداة صالحة من الأدوات التي لابد من الاستعانة بها في تنفيذ خططها الاقتصادية والاجتماعية وذلك للأسباب التالية: أولا: إن المنظمات التعاونية بطبيعتها تهدف الي تحقيق الصالح العام وأداء الخدمة دون النظر الي الربح. ثانيا: إن المنظمات التعاونية متغلغلة في شتي نواحي الحياة الاجتماعية وتصل في إنتشارها الي كل مكان وهي بذلك تكون اكثر معرفة من غيرها بالاحتياجات المحلية فضلا عن صلتها لتنفيذ ما ترسمه الدولة من سياسات في مختلف المناطق دون ان تضطر الحكومة الي انشاء أجهزة جديدة للقيام بهذه المهمة. وقد استعانت الدولة بالمنظمات التعاونية في مجال تنظيم الأسعار والتموين وتنظيم الانتاج. ما هو دور القطاع التعاوني علي خريطة عالم القرن الحادي والعشرين.. الذي يبحث عن نظام عالمي جديد.. وعن طريق ثالث بعيدا عن الاشتراكية.. والرأسمالية وهل يمكن ان يكون التعاون طريقا للحياة الاقتصادية في عالمنا المعاصر وفي ظل المتغيرات السريعة المتلاحقة في القرن الجديد ؟ لقد أستطاع التعاون أن يبني لنفسه نظاما للانتاج والتوزيع, وأن يتدخل في أعمال البنوك والخدمات وكل صور الرعاية الصحية والتعليمية والسياحية وتوزيع الكهرباء وإدارة مرفق النقل والسكك الحديدية ورعاية المسنين والمعاقين.. وخدمات الإنترنت وكل الخدمات الموجهة بصفة خاصة لصالح المجتمع. التعاون لا يهدف الي الربح الفردي, والربح لكل أعضاء التعاونية, ويتضمن المساواة الشخصية علي أساس الحرية. برهن النظام التعاوني علي قدرته وكفايته الفنية, وعلي قدرته في منافسة المنشآت الخاصة وذلك دون الدخول في معركة سياسية, ويتميز هذا النظام بمرونته وترابطه مع الحياة الاقتصادية وإن كان قائما علي أسس أخري. وتؤكد الشهادات الواقعية صمود السلاسل التعاونية في المنافسة مع الشركات المتعددة الجنسية والعابرة القارات في الولاياتالمتحدة وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وانجلترا واليابان.. وأصبحت تملك صناعات غذائية ولكل متطلبات الأسرة لكي تقدم السلع والمنتجات من المنتج للمستهلك بعيدا عن الوسطاء طبقا لفلسفة النظام التعاوني. الأسرة التعاونية العالمية تعتبر اليوم أكبر قوة اقتصادية واجتماعية وديمقراطية.. وتمثل أروع صور المجتمع المدني. لقد ساعد النظام التعاوني علي صنع نظام للتعليم في النظم الديمقراطية, وكذلك علي تحمل المسئولية والتسامح, كما ساهم في تدريب العمال فنيا في القرن التاسع عشر وتدريبهم سياسيا في القرن العشرين وحتي الآن. ويلعب النظام التعاوني من خلال منظمات الأممالمتحدة وعدد كبير من المؤسسات الاجنبية وخاصة الاتحاد الأوروبي ومنظمات الولاياتالمتحدةالأمريكية دورا كبيرا في تدريب وتعليم وتنمية إنسان العالم الثالث. لقد أحدث النظام التعاوني عديدا من أسباب الكفاية والرضا بعيدا عن الصالح الاقتصادي بما في ذلك من توفير روح عائلية بالكرامة والقوة والعزة نتيجة عدم وجود الأهداف الشخصية التي غالبا ما تتسبب في جو من التطاحن والمنازعات والكراهية. وقد أثبتت التجربة التعاونية العالمية علي امتداد164 عاما ان القوي البشرية هي رأس المال الأساسي للمشروعات التعاونية.. وأن الشرط الأول لنجاح التطبيق التعاوني السليم.. إعداد التعاونيين.. وكان شعار العالم التعاوني أعدوا التعاونيين قبل إنشاء الجمعيات التعاونية. وتؤكد الدراسات العلمية العديدة أن أبرز أسباب تعثر التطبيق التعاوني في العالم الثالث أن يقوم علي أكتاف عضوية ضعيفة غير واعية بالعقيدة التعاونية والفلسفة التعاونية والمباديء التعاونية العالمية. واليوم أوجد الحلف التعاوني الدولي القيادة التعاونية العالمية لكل تعاونيات العالم بوصلة ودليلا لنجاح التطبيق التعاوني.. تمثلت في وثيقة الهوية التعاونية, التي صدرت عن المؤتمر العام للحلف التعاوني الدولي الذي عقد في مانشستر بالمملكة المتحدة عام1995 والتي تضمنت: * التعاونية جمعية مستقلة مؤلفة من أشخاص اتحدوا معا بملء إرادتهم لاستيفاء احتياجاتهم وتحقيق طموحاتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المشتركة عن طريق منشأة يملكونها معا ويشرفون عليها بصورة ديمقراطية. * تبني التعاونيات علي أساس قيم المساعدة الذاتية والمسئولية الذاتية والديمقراطية والمساواة والانصاف والتضامن وفاء منهم للروح التي حدت بمؤسسيها, بالقيم الأخلاقية المبنية علي النزاهة والانفتاح والمسئولية الاجتماعية والاهتمام بالآخرين. المبادئ التعاونية هي مبادئ توجيهية تستهدف بها التعاونيات وضع قيمها موضع التنفيذ. إن المهمة الأولي لكل المنظمات التعاونية في العالم وخاصة في العالم العربي إعداد برنامج إعلامي ينشر القيم والمبادئ التعاونية.. بجانب أن تكون الهوية التعاونية جزءا أساسيا في برامج التدريب والتعليم والتثقيف والتوعية التعاونية. وعلي العالم العربي ومصر علي وجه الخصوص أكبر دولة عربية تطبق التعاون منذ أكثر من قرن من الزمان وتملك المعاهد والجمعيات العلمية التعاونية أن يبادر الي إعداد هذا البرنامج كوثيقة أساسية بالتنسيق بين الاتحاد التعاوني العربي والاتحاد العام للتعاونيات ومكتب الحلف التعاوني الدولي الإقليمي.. والاتحادات التعاونية العربية.