كان هدف الثغرة محاولة معادلة بعض آثار النصر المصري في الحرب وفتح باب التبادل وفقا للمفهوم الإسرائيلي.اعتاد الإسلوب الإسرائيلي عبر تاريخ طويل نسبيا كسب الوقت وفرض أمور واقعة تدفع به عادة إلي نقطة أعلي لتحقيق أهدافه, التاريخ حكايات متكررة, ودروس التاريخ تقول ذلك, ولكن دروس الصراع العربي الإسرائيلي تقول أكثر, حيث تقول أما آن الأوان لتدارك إسلوب إسرائيلي طال تكراره, والوصول إلي صيغة عربية اسمها قبل أن يفوت الأوان. عندما عدنا إلي الدائرة المفرغة الحالية والتي تتمثل في موقف إسرائيلي يطالبه الجميع بالتراجع والاعتدال, وجهود أمريكية تواصل حركتها لإثناء إسرائيل عن بعض مواقفها بما يسمح بفتح الطريق أمام مواصلة جهود التسوية السياسية بما يمكن أن تصل معه لنتائج فعلية أكثر عدلا وأكثر استقرارا علي الأرض, في الوقت الذي مازالت فيه إسرائيل وواشنطن تغازلان سوريا في مفاوضات سياسية جادة مع إسرائيل, نقول عموما عدنا إلي هذه الدائرة المفرغة وقبل الحكم علي أهدافها ونتائجها وجدنا من المفيد التذكير بالعديد من المواقف لعل التاريخ القريب والبعيد يكون به بعض الأصول المرشدة. اعتاد الإسلوب الإسرائيلي عبر تاريخ طويل نسبيا كسب الوقت وفرض أمور واقعة تدفع به عادة إلي نقطة أعلي لتحقيق أهدافه, وقد شاهدنا ذلك أولا عندما أعلن اليهود قيام دولتهم علي أرض فلسطين وذلك قبل ساعات من إعلان بريطانيا إنهاءها للإنتداب ليلة15 مايو1948 وعندما قامت الحرب العربية الإسرائيلية الأولي تخللتها هدنة تمكنت إسرائيل قبل إنتهائها من إعادة دعم موقفها وقدراتها إستعدادا لإستكمال الحرب التي إنتهت بإنشاء إسرائيل, بل وتمكنت قبل إنتهائها أيضا من الوصول إلي موقع ميناء إيلات الحالي في قرية أم الرشراش كهدف تمكنت من تحقيقه قبل التوصل إلي الهدنة الثانية ووقف إطلاق النار, هذا في القديم القريب أما في الحديث المعاصر فإن إسرائيل لم تكمل حصار مدينة السويس لمحاولة إستكمال حصار الجيش الثالث في حرب1973 ولا التمكن من إستكمال ثغرة الدفرسوار إلا قبيل أوقات زهيدة من وقف إطلاق النار حيث كان هدف الثغرة محاولة معادلة بعض آثار النصر المصري في الحرب وفتح باب التبادل وفقا للمفهوم الإسرائيلي. كذلك فقد إعتادت إسرائيل أن تعطي للعالم ولنا أو يصدر عنها أكثر من صوت حول الموضوع الواحد بين معتدل ومتشدد وهو ما نطلق عليه عادة توزيع الأدوار وإن كان نتيجة مواقف مبدئية وفعلية حقيقية وهو الأمر الذي نذكر معه ما ذكره موشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلي في بعض المراحل بإعلانه الشهير بأن شرم الشيخ بدون سلام تعد أفضل من سلام بدون شرم الشيخ, ثم يدور الجدل المعتاد حول مدي جدية هذه التصريحات وما إذا كانت تعتبر فردية ولا تعكس مجمل الموقف الإسرائيلي ويأخذها عادة محللو السياسة علي أنها بالونات إختبار لقياس المواقف منها. وغيرها من الأمثلة الكثير عن تعدد الأصوات في إسرائيل ولكن الخلاصة الآن تشير إلي بعض الحقائق خاصة في ظل الحكومة الحالية التي تغلب عليها الإتجاهات اليمينية بأكملها وما يبدو من تعبير الأفكار اليمينية المتشددة عن فكرة أكثر من تعدد الأصوات وتوزيع الأدوار حيث أصبحت تكاد تعبر عن مواقف أكثر تأثيرا وأصبحت تعبر عن اتجاهات تخدم مجمل الموقف الإسرائيلي في التشدد وطلب المقابل في حالة التنازل كما أصبح وزير الخارجية افيجدور ليبرمان مجالا خصبا لطرح أفكار بعيدة عن الواقع يقال بعد ذلك أنها لاتعبر عن الموقف الرسمي الإسرائيلي.. وإن كانت في النهاية تترك تأثيرا ما. الأفكار السابقة وغيرها أصبحت مدعوة وبقوة لتقديم تفسير وفهم للموقف والتصرفات الإسرائيلية الحالية وخاصة حينما قاد الوزير سلفان شالوم جماعات المستوطنين لإقامة منشأة دينية في مدينة الخليل تبعها سيل من التصرفات الاستيطانية في العديد من المناطق وذلك قبل ساعات من إعلان نتنياهو الموقف الرسمي وإشارته إلي ضرورة الإلتزام في هذه المسألة والحد من التصرفات الإستيطانية. من ناحية أخري فقد أصبح الأمر الواقع مرة أخري هو البطل في قمة المشهد السياسي للتحركات الخاصة بتسوية القضية الفلسطينية بما سوف يشمله من تطورات وتحديات سواء للموقف الفلسطيني المعلن بعدم التفاوض في ظل الإستيطان أو مجمل الموقف العربي صاحب التفويض للسفطينيين والمقرر أن يعقد إجتماع خاص بهذه المسألة في مستهل أكتوبر القادم, وهي بالتأكيد تحديات مزدوجة تعد أكثر من مطروحة خلال الفترة القليلة القادمة ولا سيما كذلك مع الحوارالمتصاعد أخيرا حول تفاوض إسرائيلي سوري تسعي إليه واشنطن أيضا وما إذا كان تشكل من حيث الدرجة والتوقيت مزيدا من الهدايا المجانية لإسرائيل.