أمس بدأ المؤتمر العام السابع للاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية بمصر تحت رعاية السيدة سوزان مبارك, للبحث في موضوع في غاية الأهمية وهو دور الجمعيات الأهلية في تمكين الأسرة, وحسب ما قال الدكتور عبد العزيز حجازي رئيس الوزراء الأسبق ورئيس الاتحاد فإن تمكين الأسرة ركز علي عدة محاور هي التمكين الاقتصادي والاجتماعي والقانوني ودور الإعلام.. في إطار إستراتيجية جديدة للأسرة تستهدف محاربة الفقر وتوفير الرعاية الصحية لكل أفراد الأسرة والقضاء علي الأمية والنهوض بمستوي التعليم. وهناك بالطبع الكثير من التفاصيل والمحاور التي تبناها المؤتمر, وعلي رأسها قضية التفكك الأسري بما تضمه من ظواهر مثل زيادة نسبة الطلاق, وانتشار الزواج العرفي, وظواهر مستحدثة مثل تبادل الزوجات إلي جانب غياب الثقافة الجنسية وغير ذلك كثير. ويحسب للاتحاد أنه فكر ولأول مرة في تغيير خارطة عمل الجمعيات الأهلية لتركز علي الأسرة باعتبارها عماد المجتمع, وليس بالطريقة التي تعمل بها الجمعيات حاليا من التركيز علي فئات بعينها مثل المرأة أو الشباب أو الأطفال, لكن في نفس الوقت يضعنا هذا التوجه أمام ضرورة مراجعة سياسة العمل الأهلي التطوعي في مصر. وحسب برنامج الأممالمتحدة الإنمائي, فإن التنمية في مختلف دول العالم لم تعد حكرا علي الحكومات وحدها, وإنما نشأ مثلث جديد متساوي الأضلاع يتكون من الحكومات ومنظمات المجمتع المدني ومجتمع الأعمال, ويعمل هذا المثلث بتناغم وتنسيق كامل لتحقيق التنمية المستديمة التي تعتمد فيما تعتمد علي تمويل حكومي, وعمل أهلي مواز له, ورجال أعمال يتحملون عن طيب خاطر حصتهم من قطار التنمية فيما يعرف باسم المسئولية الاجتماعية. لكن حتي ينشأ هذا المثلث في مصر ويعمل بكفاءة فإنه يحتاج إلي قانون جديد ينظم عمل المنظمات الأهلية, وينهي التدخل الحكمي في أعمالها, فالأصل في هذا النشاط أنه أهلي وقائم علي التطوع وليس علي سيطرة الإدارة عليه. كما يحتاج هذا القانون إلي إضفاء الديمقراطية الغائبة عن آليات ومنظمات المجتمع المدني بحيث لا تصبح منظمات عائلية أو شخصية, وإنما تتحول إلي مؤسسات اجتماعية ديمقراطية في الإدارة وتتمتع بالشفافية وتخضع لقواعد محاسبية واضحة. في مصر الكثير من تجارب منظمات المجتمع المدني الناجحة والمبهرة, مثل مشروع المائة مدرسة الذي نفذته جمعية الرعاية المتكاملة, وتطوير العشوائيات الذي شاركت فيه منظمات أهلية عديدة, والمدارس الصديقة للفتيات للقضاء علي أمية البنات وتسربهن من التعليم. وفي مصر مشروعات خيرية أيضا تعمل في معظم المحافظات المصرية, ويثق فيها الناس, الذين حين يشعرون بأهمية العمل ويثقون في القائمين عليه لا يتأخرون في تمويله كما حدث في ملحمة بناء مستشفي سرطان الأطفال الذي أصبح أهم صرح تعليمي طبي في العالم لعلاج سرطان الأطفال. لكن مع كل ذلك لا يزال المجمتع الأهلي في مصر يحتاج إلي الكثير, إلي أن يصبح شريكا للحكومة في الخطط التنموية, التي تغير من حياة البشر, ومن أفكارهم ومعارفهم.. وحتي يحدث ذلك علينا جميعا خاصة الإعلام أن نبرز تلك التجارب الناجحة وأن نشجع المبادرات الفردية والجماعية لتنشيط المجتمع المدني ليأخذ دورا رائدا في بناء مصر المستقبل التي نريدها. في مصر الكثير من المؤمنين بثقافة التطوع, وبعض من يعملون في صمت وبعيدا عن الصخب, لكن أن الآوان, ليحتل المجتمع المدني مكانته في الخارطة المصرية.. يغير حياة الناس ويساعدهم اقتصاديا واجتماعيا وقانونيا.. ويدفعهم إلي المشاركة السياسية والعامة.. وهذا هو النجاح الأكبر الذي ننتظره من المجتمع المدني في مصر. [email protected]