دائما, هناك فجوة بين الصورة والحقيقة, وكثيرا مانجد مساحة من الاختلاف القليل أو الكثير بين حقيقة الشيء وصورته, ونكتشف أن هناك قدرا من التباعد وعدم التطابق بين حقائق الأشياء كما هي علي أرض الواقع, وبين تصوراتنا الذهنية عنها. جهاز أمن الدولة, مثل أجهزة كثيرة, ومثل أشخاص كثيرين, تنطبق عليه وعليهم هذه القاعدة التي تبدو فلسفية, كما تبدو واقعية. لم أعرف, ولم أقابل اللواء أحمد رأفت, لكن تصادف قبل أسابيع من رحيله إلي لقاء ربه, أن كنت طرفا في حديث عابر عن احدي كريماته, التي رفضت وترفض أن تستفيد من موقع أبيها في مجال العمل, صورة مثالية من الأدب النادر..اجتمع المصريون في جنازته, علي مدفنه, في عزائه, تقريبا الجميع كانوا هناك, كانوا معه, كانوا قريبا منه, أجمع المصريون علي رجل منهم, قيادة أمنية في موقع بارز وخطير, مسئول, مثقف, صاحب رؤية, محل ثقة, يحترم الكلمة ويصون العهد.باختصار: اللواء أحمد رأفت مثال لرجل الأمن, الذي يجمع بصورة متوازنة بين أمن الدولة و ما يلزم لحمايته, وأخلاق الدولة ومايستدعيه التقيد بها.وفاته, وماحظيت به, من اهتمام داخل المجتمع السياسي والاعلامي, تلقي الأضواء علي رجال يعملون في صمت, ولانشعر بهم الا يوم خسارتنا لهم.. هكذا قال مفكر إسلامي كبير حرص علي تشييع الجنازة, وأن يحضر العزاء, مصر خسرت خسارة كبيرة.رحيل قيادة أمنية مثقفة في وزن اللواء أحمد رأفت, يأتي بمثابة استفتاء حر مباشر علي وطنية هذه المؤسسة..استفتاء لم أكن أتخيله في الواقع أبدا, كل من يمكن ان تتخيل أو تفترض أنهم خصوم لهذا الرجل وخصوم لهذا الجهاز, هم الذين يتقدمون لشهادة حق وكلمة صدق في رجل تخلي عن السلطة والهيلمان وذهب الي لقاء مولاه..الصديق والقيادي البارز المهندس أبو العلا ماضي خصني بشهادة لم استأذنه في نشرها, فقد أحسست بأن حبه وثقته وإعجابه باللواء أحمد رأفت أغلي وأكبر من أن أبادر بنشرها.. إلا بإذن منه..خلاصة الكلام: واقع وحقيقة جهاز أمن الدولة أروع وأشرف وأصدق من صورته الذائعة لدي الكثير من الناس.