أصبحت سينما الديجيتال هي التعبير عن حركة الاستقلال في السينما المصرية بغثها وثمينها, ودخل جيل من الهواة ومحبي السينما لعالم السينما ليعبر عن أحاسيسه وأفكاره..و بدأ تيار جديد من الاستقلال. بدأت السينما المستقلة أو ما يعرف بهذا الاسم في مصر عام1990, و كانت نتاج مؤسسات البعض منها أجنبية( مؤسسة بروهلفسيا السويسرية) و( قصر السينما) ومعهد جوته. كانت البدايات تتسم بعدة سمات منها أن هذا الاتجاه الجديد جاء من بعد قيام مؤسسات ( سواء أجنبية أو مصرية) بالاهتمام بالتعليم والتدريب علي هذا النوع من التعبير الفني وليس نتاج لحركة تجمع للراغبين في خلق سينما مختلفة مثلما كان هو الحال مع أول تجمع أوروبي للسينما المستقلة أو حتي المحاولة المصرية المبتسرة و المعروفة باسم جماعة السينما الجديدة. بالتالي فإن بدايات السينما البديلة هي انعكاس لوجود رغبة عند العديد من الأجيال الجديدة من محبي السينما في التعبير عن أفكارهم وتوجهاتهم الفكرية عبر السينما سواء كانوا علي دراية( دراسة سابقة) بفنون السينما أو راغبين في الإلمام بعناصر هذا الفن, وجسد الاقبال علي دورات قصر السينما أكبر دليل علي ذلك, كان ظهور مؤسسات في المجتمع المصري للتعليم والتدريب علي فنون السينما سواء كانت أجنبية أو مصرية هو العنصر الجديد الذي عمل علي تكثيف وبلورة تلك الظاهرة في المجتمع المصري. ما نود أن نرصده من هذا العنصر هو أننا أمام تجمع من المهتمين والمحبين للسينما قوامهم الأكبر من الخارجين عن النظام السائد في المجتمع في مجال التصوتيات و المرئيات, بمعني أننا أمام فصيل من محبي السينما( في معظمه) لم يمر بالقنوات المعتادة للدخول الي مهنة العمل في مجال الصوتيات والمرئيات و التي تتمثل في دراسة السينما في معهد السينما والرغبة في الدخول في مجال الصوتيات والمرئيات سواء في القنوات التليفزيونية أو في تصوير الإعلانات أو حتي من خلال العمل في أفلام السينما التجارية, هذا الاستنتاج لا يمنع من وجود البعض لديهم تلك الرغبة ولا هو تقليل من شأن الكثير من يمرون بتلك المراحل من العاملين في مجال السينما المستقلة ويقدمون اعمالا مميزة في إطار السينما البديلة. من الملاحظ أن الكثير من أصحاب التجارب في مجال السينما البديلة ليسوا من خريجي معهد السينما( دون التقليل من موهبة الكثيرين من الخريجين) بل هم من قاموا علي عاتقهم بدراسة السينما في الخارج أو من خلال المعاهد الخاصة أو جاءت تجربتهم عبر الدخول في المجال مباشرا وعلي سبيل المثال لا الحصر سنجد( ابراهيم البطوط أحمد خالد أحمد غانم ألفت عثمان إياد طه ايمان النجار تامر البستاني تامر عزت رينا خوري شريف العظمة كريم فانوس لولي سيف أحمد حسونة محمد الأسيوطي محمد نصار هديل نظمي وليد مرزوق وائل عمر رامي عبد الجبار حسن خان) وغيرهم, ودخلت الجامعات الخاصة المجال مع عملية تطوير التعليم الخاص, لتصبح دراسة السينما والتعرف علي آلياتها ملكا للجميع... و سقط الكهنوت وأصبحت السينما للجميع. لا نرغب في الدخول في جدل حول ما أن كان نتاج تلك المحاولات يوصف بأنه سينما هواة أو سينما محترفين فهذا جدل عقيم لأن معظم تلك الأعمال إما روائي قصير أو تسجيلي وهو نوع مستقل بذاته ويختلف عن السينما الروائية الطويلة, ولكننا في مصر( للأسف) لم ندرك تلك الحقيقة بشكل كامل, فيوصم كل ما هو مخالف للسائد بأنه عمل هواة أو تجريبي وغيرها من الأكليشيهات. إن الاهتمام بتلك النوعية من السينما بدأ وما زال يمر عبر مبادرات جهات أجنبية كثيرة( بروهلسفيا, جوته, المؤسسة الهولندية, الجيزويت, المركز الثقافي الفرنسي, المركز البريطاني, مؤسسة فورد وغيرها من المؤسسات الأجنبية العاملة في مصر, هذا بالإضافة لدعم الاتحاد الأوروبي للكثير من الشركات المصرية العاملة في المجال), وأنا لا أريد من هذا أن أصل الي أي استنتاج متسرع أو لوصم التجربة بأي صفة( وإن كان البعض قد فعل ووصفها بأنها: تحولت الي سبوبة للمتاجرة بالشباب الحالم بالشهرة و الشحاتة عليهم في دول الاتحاد الأوروبي), لكن الغرض من تلك الملاحظة هو القول بأن جزءا كبيرا من المؤسسات الداعمة لهذا النشاط هي في الأصل مؤسسات أجنبية أو مصرية تعتمد علي الدعم الأجنبي, وأن كان هناك قدر كبير من العاملين في هذا المجال يقومون بإنتاج اعمالهم علي حسابهم الخاص, لقد كانت تلك البدايات لكن التطور الحادث أدي الي تغيير كبير في خريطة العملية الإنتاجية لسينما الديجيتال. [email protected]