اين الدورالمصري في دول النيل؟ وهل حقا تأخرنا تجاه هذه الدول مما أدي الي واقع الحال مع دول المنبع التي بادرت بالتوقيع علي اتفاقية عنتيبي الاحادية؟ تلك الأسئلة وغيرها هي التي تدور حاليا وللاجابة عنها ينبغي ان نعرض مشروعات يجري تنفيذها بواسطة فرق مصرية تضم رجالا علي اعلي مستوي من الكفاءة والتفاني في العمل وابرز مشروعاتهم التي تنتظر الافتتاح الرسمي لها هو انشاء رصيف عملاق ببحيرة فيكتوريا لخدمة الصيادين هناك وحل مشكلة كانت تؤرق جموع الصيادين الأوغنديين الي جانب تعطيل صادراتهم من الأسماك التي تعد أهم بنود الدخل القومي الاوغندي: عاش الاهرام المسائي يوما كاملا مع فريق العمل المصري الذي واجه العديد من المصاعب والاهوال اذا جاز التعبير في احراش فيكتوريا بأوغندا التي تقع علي بعد حوالي80 كيلومترا من كمبالا في اتجاه كينيا حيث منابع النيل الأبيض الذي يعد اهم مصادر مياه نهر النيل الخالد, وتشارك فيها دول أوغندا كينيا تنزانيا وهي ثاني اكبر بحيرة عذبة في العالم وتقع علي ارتفاع1137 مترا فوق سطح البحر. والرحلة التي عشناها كانت مع فريق مصري يعمل في بحيرة فيكتوريا منذ يوليو عام2000 ويتولي ازالة الحشائش المائية والانسداد بمخرجي بحيرتي كيوجا وكيوانيا وهي من البحيرات التي لم يقتحمها احد من قبل بمعدات ثقيلة تم تصنيعها في مصر وبمنحة من مصر وتسهم عمليات التطهير في زيادة حصتنا من المياه الواردة من النيل الابيض بمقدار2,5 مليار متر مكعب من المياه سنويا الي جانب تسيير المياه في البحيرة مما يزيل اسباب غرق المناطق الواقعة علي ضفافها. وتبدأ القصة في سرد المهندس جمال شاكر رئيس بعثة الري المصري الذي قال ان الوجود المصري في بحيرة فيكتوريا جاء استجابة من مصر لاستغاثة الحكومة الأوغندية لانقاذ أراضيها من الغرق وتحسينا للحالة الصحية والمعيشية, للاوغنديين وقامت بدراسة الموقف فنيا وسياسيا وقررت تقديم منحة للحكومة الأوغندية عبارة عن ماكينات ازالة الحشائش المائية ومستلزمات التشغيل لازالة الانسداد بمخرجي بحيرتي كيوجا وكيوانيا آخذة في الاعتبار أمن مصر القومي وماسيعود علي مصر من زيادة في حصتها من المياه الواردة من النيل الابيض بمقدار2,5 مليار متر مكعب من المياه سنويا وبدأت ملحمة العمل في ازالة الانسداد بمخارج هذه البحيرات في يوليو من عام2000 حجم المهمة ويلتقط الخيط المهندس عبد العزيز الطناحي رئيس الفريق المصري المنفذ لمشروعات التطهير بالحيرة ويقول لك ان تتخيل المكان الذي حدثت به المشكلة لتعرف حجم الاخطار التي تعرضنا لها فهو عبارة عن شبه منحرف كبير الحجم,مغطي تماما بجزر الحشائش المائية الكثيفة العائمة التي تنمو علي طبقة سميكة من النباتات الميتة والتي يتراوح سمكها من واحد الي اثنين متر وتحتوي علي كم هائل من الحيوانات البرية والحشرات المختلفة الأنواع والأشكال وهذه الجزر متشابكة مع بعضها البعض, بحيث يستحيل علي الصيادين اختراقها بقواربهم الصغيرة المصنوعة من جذوع الأشجار لكي يصلوا الي البحيرة التي تبعد عدة كيلو مترات عن شواطيء قراهم كما انه لايمكنهم التحرك عليها سيرا علي الأقدام لأنها عبارة عن مستنقع كبير مملوء بجميع أنواع الثعابين السامة والتماسيح المتوحشة وحيوانات أخري مفترسة والمساحة المطلوب ازالة جزر الحشائش منها هي مساحة كبيرة,تصل الي عدة كيلومترات, ويبلغ طول كل من مخرجي بحيرتي كيوجا وكيوانيا16 و18 كيلومترا علي التوالي, والمخرجان عبارة عن ضلعي شبه منحرف طول قاعدته الكبري عند بداية المخرجين15 كيلو مترا وطول قاعدتها الصغري عند نهايتيهما3 كيلو مترات, وقدساد اعتقاد بين كثير من الناس اننا سوف نستخدم الديناميت لازالة هذا الانسداد بالتفجير ولكن كان من اهدافنا الحفاظ علي البيئة وعدم استخدام اي شئ يضربها عند القيام بعملية ازالة الانسداد. وممازاد من صعوبة هذا المكان هو اختباء جيش المتمردين فيه لوعورته وصعوبته واستحالة التحرك فيه ولم يكن مناسبا لانجاز هذا العمل سوي المعدات التئ اقترحها الخبراء المصريون بعد قيامهم بفحص المكان باستخدام طائرة وعمل جولة من الجو. ولقد واجه فريق العمل تحديات كثيرة منذ بدء تجهيز المعدات في مصر وحتي نهاية العمل بهذه المرحلة منها صعوبات صحية ونفسية وظروف فنية تتطلب بذل مجهود فائق...فهذه البحيرات لم يقتحمها مثل هذه المعدات من قبل. ولم يكن تنفيذ أعمال مشروع الحل العاجل بالشئ السهل في ظل الظروف الطبيعة المحيطة به وماواجهه من صعوبات شديدة تحول دون اتمام مثل هذا العمل,فقد تم بناء وحدتين عائمتين وتجهيز المعدات المطلوبة خلال ستة أيام فقط بمصر, وهي فترة قصيرة جدا يدركها ذوو الخبرة في هذا النوع من العمل ناهيك عن المجهود الخرافي المبذول في النقل سواء بالبحر أو الجو, حيث تم تخطي كثير من العقبات التي كادت تعطل عملية نقل هذه المعدات من مصر الي أوغندا واضاف الطناحي الوحدتان كل منهما عبارة عن مركب كبير, روعي عند تصميمهما أمور كثيرة منها, أن تكون قادرة علي حمل حفارة هيدروليكية ذات ذراع طويلة بحيث يحدث اتزان تام للمركب أثناء قيام الحفارة بالعمل من فوقه,بالاضافة الي وحدة توليد كهرباء تستخدم كمولد لحام وطلمبة مياه لانقاذ المراكب من أخطار الغرق اثناء العمل داخل البحيرات. كما شملت المعدات ايضا والكلام للطناحي مولدات كهرباء للانارة ومعدات أمان متنوعة وذلك للبدء فورا في ازالة الحشائش المائية, التي سدت مخرج بحيرة كيوجا تنفيذا لتكليف الحكومة المصرية ممثلة في وزارة الموارد المائية والري المصرية, مخرج بحيرتي كيوجا وكيوانيا وقد امتلأ هذا المخرج بجزر الحشائش الضخمة التي جعلت منه انسدادا قويا يمنع خروج المياه من البحيرة ووصولها لمصر ولنا ان نتخيل مايمكن أن يواجهه فريق العمل المصري, الذي قطع مسافة أكثر من6400 كيلو متر ترحالا من مصر الي أوغندا لأول مرة ليبدأ حياة جديدة علي خط الاستواء بين الاحراش والمستنقعات وفي عمق البحيرات الكبري بالمنطقة الاستوائية, ليخترق المجهول, ويتحرك بمعدات ثقيلة داخل مستنقعات وبحيرات عميقة, يصارع الأهوال, ويتخطي الصعاب ويبدأ ملحمة بين قبائل لاتتكلم لغة واحدة...ولكل منها لغتها وقوانينها الخاصة, كما أن لهم عادات وتقاليد ليس لها مثيل الا بوسط أفريقيا السوداء... تماسيح في البحيرة ويضيف الطناحي قائلا لقد تحمل فريق العمل المعاناة لانجاح المهمة, وعاني كثيرا من صعوبة الاقامة باحدي المدن القريبة التي يمكن ان تتاح فيها بعض وسائل الراحة بسبب سوء الطرق داخل الغابات للوصول لأقرب مدينة من البحيرة, ومايصاحبها من مخاطر نتيجة التحرك عليها بشكل منتظم في التوقيت والمكان فكان ولابد من البديهي أن يقيم فريق التشغيل اقامة كاملة بموقع العمل فوق المراكب في عمق البحيرة بين جزر الحشائش الكثيفة التي غطت تماما سطح النهر وغطت أيضا أجزاء من البحيرة وأتي معها كثير من الحيوانات البرية المختلفة الأشكال والألوان مثل الووتر باك والقرود الصغيرة( البوش بيبي) وكذلك التماسيح باختلاف احجامها بالاضافة الي جميع أنواع الثعابين مثل البايثونو البافادا والكوبرا والخضراء والسوداء والطريشة والحية الجرس ذات القرون, والسحالي الكبيرة( مونيتور ليزارد) ومعظمها سامة وخطيرة.