كشف الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الموارد المائية والري الأسبق أن هناك مؤامرة دولية للتحكم فى مصر ومقدراتها، بهدف تحجيم مصر وتقزيم ادوارها الدولية والاقليمية، مشيرا الى ان سد النهضة الاثيوبي احد هذه الخطط، وان الأهداف الحقيقية لهذا لسد بسعته الضخمة غير الاقتصادية خنق لمصر والتحكم فى مقدراتها وهو ما يعد تهديدا كامل المنطقة العربية. وقال "علام" الذى عاش في كواليس ملف حوض النيل فى أصعب مراحل مفاوضات اتفاقية عنتيبى في كتابه الجديد تحت عنوان "أزمة سد النهضة الاثيوبي قضية سياسية أم إشكالية فنية" و قال ان نصر علام: أثيوبيا استغلت ظروف مصر بعد ثورة 25 يناير وأمريكا حددت لها مواقع السدود الأربع على النيل الأزرق و"النهضة" اولهم السودان تساندها وإسرائيل لاعب مؤثر في قضية المياه. واشار علام الى أن تباعد السودان عن مصر وتوجهها بقوة نحو أثيوبيا ودعمها لسد النهضة، وموجات الفوضى فى المنطقة العربية أو ما يسمى غربيا بالفوضى الخلاقة أو بالربيع العربى شواهد تدل بجلاء تام مدى التأمر على مصر وعلى شعبها وعلى أدوارها الاقليمية والدولية بل وعلى استقرارها ولقمة عيش شعبها. ويوضح علام تاريخ مخطط السدود الأثيوبية على النيل الأزرق بدءا من عام 1958 حيث أرسلت الولاياتالمتحدةالأمريكية ردا على مشروع السد العالي بعثة ضخمة من مكتب استصلاح الأراضي الأمريكي الى أثيوبيا لمسح أراضي النيل الأزرق لتحديد الأراضي الصالحة للزراعات المروية ولاختيار الأماكن المناسبة لإقامة السدود التخزينية على النيل الأزرق. وبين علام في كتابه انه تم اعادة هذه الدراسات وتطويرها على مر السنين بمساعدات غربية لتتضاعف سعتها وانتاجها من الكهرباء، وتم أيضا اعادة صياغة مخطط السدود في اطار استثماري لتوليد الكهرباء للاستهلاك المحلى وللتصدير الى دول الجوار، جيبوتي والصومال شرقا و كينيا وأوغندا جنوبا وشمال وجنوب السودان غربا ومصر شمالا. وذكر أن من ضمن السدود المقترحة على النيل الأزرق 4 سدود كبرى على النيل الأزرق والتي منها سد النهضة الجاري تشييده حاليا وإجمالي السعة التخزينية للسدود الأربعة تزيد عن ثلاثة أضعاف تصرف النهر السنوى. ويتطرق وزير الري الأسبق إلى خلفيات سد النهضة الأثيوبية وكيف أن أثيوبيا استغلت ظروف مصر بعد ثورة يناير 2011 وانشغال المصريين بأمورهم الداخلية عن قضاياهم القومية في فرض واقع سد النهضة على مصر والمصريين والأثار السلبية لسد النهضة على مصر. وعدد علام تلك الاثار السلبية على مصر في بوار مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية وانخفاض منسوب المياه الجوفية والتأثير سلباً على الثروة السمكية والسياحة النيلية والنقل النهري وإمدادات مياه الشرب والصناعة، وانخفاض كبير لإنتاج الكهرباء من السد العالي وخزان أسوان بالقدر الذى يسبب أزمة حادة في الكهرباء في مصر، وتقزيم دور السد العالي في حماية مصر من ويلات ومجاعات سنوات الفيضان المنخفضة، وشدد على أن سد النهضة سيؤدى الى تدهور البيئة وازدياد التلوث فى البحيرات الشمالية، وزيادة تداخل مياه البحر فى الخزانات الجوفية الساحلية فى شمال الدلتا، وامكانية تعرض مصر والسودان لمخاطر تدميرية شديدة في حالة انهيار هذا السد. واستعرض الكتاب تصريحات ومواقف الحكومات المتتابعة من سد النهضة وكذلك نتائج اجتماعات وزراء مياه مصر والسودان وأثيوبيا لمتابعة توصيات اللجنة الثلاثية الدولية فى الخرطوم فى شهرى نوفمبر وديسمبر 2013، وتوقعات بفشل اجتماع شهر يناير 2014 فى الخرطوم مع ايضاح اسباب هذا الفشل. ويقدم علام تحليلاً للسياسات الخارجية الأثيوبية والدور الاسرائيلى، وما يحدث فى السودان وجنوب السودان لما لهم من تأثير بالغ على ملف حوض النيل مع تحليل لأسباب تصعيد أثيوبيا المتعمد لأزمة المياة فى حوض النيل والسعى بقوة لعزل مصر عن مجموعة دول المنابع لتحقيق هدفها الرامى الى تغيير قواعد توزيع المياه فى حوض النيل لصالحها وعلى حساب مصر. وأوضح ان أثيوبيا شهدت تحولا كبيرا فى سياساتها الخارجية بعد وصول ميليس زيناوى إلى الحكم والتقارب مع الولاياتالمتحدةالأمريكية واسرائيل والدول الغربية وتنفيذ الأجندة الغربية فى القرن الأفريقى والبحر الأحمر والتى تتفق مع الأجندة الأثيوبية، والدعم الغربى لأثيوبيا لتقلد دورا اقليميا على حساب مصر وشعبها وحصتها المائية. كما تطرق الكتاب الى استراتيجية الخداع الأثيوبية لفرض سد النهضة كحقيقة واقعة على مصر سواءا من خلال ابعاد السودان عن دعم مصر، أو من خلال مفاوضات فنية لا ضرر منها لها بهدف استهلاك الوقت، أو من خلال الضغوط السياسية من دول المنابع واتفاقية عنتيبى. وينتقل الكتاب الى عرض أسباب التحول المعلن لتوجهات القيادة السياسية فى السودان وذلك من حليف استراتيجى تاريخى لمصر فى ملف حوض النيل الى داعم للتوجه الأثيوبى فى انشاء السدود الكبرى على النيل الأزرق. وأشار علام الى انه من المتوقع صعود دولة إثيوبيا الساعية الى تأكيد هيمنتها على القرن الأفريقي وحوض النيل، ودولة اوغندا في اقليم البحيرات التي تسعى في ظل موسيفنى الى دور قيادي فى شرق افريقيا ونتائج هذه التوازنات الجديدة سوف تؤدى الى تقليص الدور المصري وعزلة ومحاصرته من الجنوب، ومحاولة اعادة تقسيم دولة السودان بفصل اقليم دارفور ومنح الحكم الذاتي لمنطقتي جنوب كردفان والنيل الازرق كل هذه التحديات توضح بشكل قاطع أنه لابد من عودة الشراكة الاستراتيجية بين كل من مصر والسودان. ويرى علام أهمية أن تقوم القيادة السياسية بمحاولة التوصل الى اتفاق مع القيادة الأثيوبية على تشكيل لجنة دولية لبحث هذه المخاطر مع طلب ايقاف انشاءات السد لفترة زمنية يتم خلالها الانتهاء من دراسات الخبراء وبما لايتعدى ستة أشهر، والعمل على الوصول الى توافق مع الجانب الأثيوبى حول ألية لفض النزاع بين الدولتين فى حالة الاختلاف. واكد وزير الري الأسبق ان التعامل الجاد مع أزمة سد النهضة يتطلب أن تقوم الدولة بتشكيل مجلس وطنى دائم فى القريب العاجل لحل مشكلة الفجوة الناتجة عن اتساع جبهات العمل المطلوبة للتحركات المصرية فى ملف حوض النيل، والتنوع الشديد فى التخصصات المهنية لطبيعة تحديات المرحلة الحالية والمستقبلية، ونقص الكوادر الفية والقانونية الحكومية اللازمة لدعم جهود الدولة فى الدفاع عن حقوق مصر المائية. وشدد علام في كتابه على ضرورة ان يقوم المجلس بإجراء الدراسات والتحليلات الفنية والسياسية والاقتصادية المطلوبة للحفاظ على مصالح مصر فى نهر النيل، واهمية استمرار الحوار مع الجانب السوداني لتوحيد الرؤى على أساس المصالح المشتركة وعلى ضوء ما نصت عليه اتفاقية 1959 بين البلدين. وخلص الى القول ان التحرك الدولي لأقناع القوى السياسية والجهات الدولية بعدالة القضية المصرية ووقف أي تمويل دولي للسد حتى يتم التوافق حول سعته وسياساته التشغيلية، امر ضروري مع عرض لموقف مصر القانوني وكيفية التحرك القانوني فى حالة فشل المفاوضات السياسية، للدفاع عن حقوق مصر المائية.