اليوم، انعقاد الجمعية العمومية للمحاكم الإدارية العليا    أولياء الأمور يرافقون أبنائهم في أول يوم دراسة بالمنوفية- فيديو    25 مليون طالبًا وطالبة ينتظمون بجميع مدارس الجمهورية اليوم    بالورود والأناشيد.. تلاميذ قنا يستقبلون وزير التعليم مع بداية العام الدراسي الجديد    أسعار الدواجن اليوم تتراجع 3 جنيهات في الأسواق    بعلو منخفض.. تحليق مكثف للطيران الحربي الإسرائيلي في لبنان    المصري في مهمة صعبة أمام الهلال الليبي بالكونفدرالية    موعد مباراة مانشستر سيتي وأرسنال في الدوري الإنجليزي والقناة الناقلة    "قصات الشعر الغريبة والبناطيل المقطعة"، التعليم تحذر الطلاب في ثاني أيام الدراسة    تجديد حبس المتهمين باحتجاز أجنبي وأسرته لسرقته في الجيزة    مدير أمن البحر الأحمر يتفقد الحالة الأمنية والمرورية بالغردقة مع بدء العام الدراسي الجديد    رفع درجة الاستعداد بالموانئ بسبب ارتفاع الأمواج    التنظيم والإدارة يعلن الاستعلام عن موعد المقابلة الشفوية للمتقدمين في 3 مسابقات    خطيب المسجد النبوي يُحذر من الشائعات والخداع على وسائل التواصل الاجتماعي    "دعونا نواصل تحقيق الإنجازات".. كولر يوجه رسالة لجماهير الأهلي    عبد العاطي يلتقي السكرتيرة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة إسكوا    أحداث الحلقة 1 من مسلسل «تيتا زوزو».. إسعاد يونس تتعرض لحادث سير مُدبَّر    ساعات برندات وعُقد.. بسمة وهبة تكشف كواليس سرقة مقتنيات أحمد سعد في فرح ابنها (فيديو)    أسعار الخضروات اليوم الأحد 22 سبتمبر 2024 في الأقصر    الشيخ أحمد ترك لسارقي الكهرباء: «خصيمكم 105 ملايين يوم القيامة» (فيديو)    موجود في كل مطبخ.. حل سحري لمشكلة الإمساك بمنتهى السهولة    النائب إيهاب منصور: قانون الإيجار القديم يضر بالكل.. وطرح مليون وحدة مغلقة سيخفض الإيجارات    اليوم.. إسماعيل الليثي يتلقى عزاء نجله في «شارع قسم إمبابة»    نيكول سابا ومصطفى حجاج يتألقان في حفلهما الجديد    الإعلان عن نتيجة تنسيق جامعة الأزهر.. اليوم    والدها مغربي وأمها جزائرية.. من هي رشيدة داتي وزيرة الثقافة في الحكومة الفرنسية؟    اللهم آمين | دعاء فك الكرب وسعة الرزق    حرب غزة.. مستشفى شهداء الأقصى يحذر من خروجه عن الخدمة خلال أيام    وزير الخارجية يلتقى المفوض السامي لحقوق الإنسان بنيويورك (صور)    قبل فتح باب حجز شقق الإسكان الاجتماعي 2024.. الأوراق المطلوبة والشروط    «الصحة»: متحور كورونا الجديد غير منتشر والفيروسات تظهر بكثرة في الخريف    الجيش الإسرائيلي: إطلاق 10 صواريخ من لبنان باتجاه إسرائيل    أسامة عرابي: لاعبو الأهلي يعرفون كيف يحصدون كأس السوبر أمام الزمالك    زلزال بقوة 6 درجات يضرب الأرجنتين    ثقف نفسك | 10 معلومات عن النزلة المعوية وأسبابها    عاجل- أمطار ورياح.. تحديثات حالة طقس اليوم الأحد    بعد ارتفاعها 400 جنيه.. مفاجأة في أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة (بداية التعاملات)    حزب الله يستخدم صواريخ «فجر 5» لأول مرة منذ عام 2006    أحمد فتحي يوجه رسالة مؤثرة إلى جماهير الأهلي بعد اعتزاله.. ماذا قال؟    بلان يوضح سر خسارة الاتحاد أمام الهلال في الدوري السعودي    أمامك اختيارات مالية جرئية.. توقعات برج الحمل اليوم ألحد 22 سبتمبر 2024    اليوم.. محاكمة مطرب المهرجانات مجدي شطة بتهمة إحراز مواد مخدرة بالمرج    أضف إلى معلوماتك الدينية | حكم الطرق الصوفية وتلحين القرآن.. الأبرز    حقيقة تلوث مياه الشرب بسوهاج    وزير الخارجية: نرفض أي إجراءات أحادية تضر بحصة مصر المائية    خالد جاد الله: وسام أبو علي يتفوق على مايلي ومهاجم الأهلي الأفضل    لماذا ارتفعت أسعار البيض للضعف بعد انتهاء أزمة الأعلاف؟ رئيس الشعبة يجيب    نشأت الديهي: الدولة لا تخفي شيئًا عن المواطن بشأن الوضع في أسوان    مش كوليرا.. محافظ أسوان يكشف حقيقة الإصابات الموجودة بالمحافظة    محمد حماقي يتألق في حفل بالعبور ويقدم «ليلي طال» بمشاركة عزيز الشافعي    ثروت سويلم يكشف سبب سقوط قاعدة درع الدوري وموعد انطلاق الموسم الجديد    اندلاع حريق بمحال تجاري أسفل عقار ببولاق الدكرور    احذر تناولها على الريق.. أطعمة تسبب مشكلات صحية في المعدة والقولون    نشرة التوك شو| انفراجة في أزمة نقص الأدوية.. وحقيقة تأجيل الدراسة بأسوان    5 أعمال تنتظرها حنان مطاوع.. تعرف عليهم    خبير لإكسترا نيوز: الدولة اتخذت إجراءات كثيرة لجعل الصعيد جاذبا للاستثمار    قناة «أغاني قرآنية».. عميد «أصول الدين» السابق يكشف حكم سماع القرآن مصحوبًا بالموسيقى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024 في محافظة البحيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مرضي علي باب بدر‏!‏

ما أن بدأت خطابات ندب أعمال امتحانات الثانوية العامة الوصول للمعلمين حتي بدأ آلاف المرضي منهم الذين وصلتهم هذه الخطابات يعيشون المعاناة علي أبواب وزارة التربية والتعليم
وداخل ادارة القومسيون الطبي وهي الجهة الوحيدة التي حددها الوزير لاستخراج تقارير طبية لهم إذا ما رغبوا في الإعفاء من أعمال الامتحان‏.‏ ورغم أن غالبية هؤلاء المعلمين
المرضي حصلوا من قبل علي تقارير طبية بعدم الصلاحية للعمل حتي بلوغهم سن المعاش بسبب ظروفهم المرضية الحرجة إلا أن الوزارة تصر علي قيامهم بأعمال المراقبة والتصحيح‏,‏ كما تصر علي قيامهم باستخراج تقارير طبية جديدة بأمراضهم وتقديمها للوزارة في موعد كانت غايته الخميس العاشر من شهر يونية الجاري‏.‏
وأدي هذا الاصرار من جانب الوزارة إلي تدافع آلاف المعلمين المرضي وذويهم علي مقر القومسيون الطبي الذي حدده لهم الوزير في منطقة الاسعاف بوسط القاهرة وبدأ المكان يمتلئ عن آخره يوميا‏.‏
وبعد تعب وإرهاق شديدين حصل المعلمون المرضي علي تقارير طبية جديدة ولكن بعد انتهاء المدة التي حددها لهم الوزير بسبب التكدس الشديد والزحام داخل القومسيون الطبي‏.‏
ومن ثم رفض المسئولون بالوزارة استلام هذه التقارير الطبية بدعوي انتهاء المدة المحددة للاستلام وعندما عاد المعلمون المرضي لمدارسهم واداراتهم التعليمية رفض المسئولون بها السماح لهم بالتوقيع في سجلات الحضور والانصراف قبل أن يقدموا مايثبت موافقة الوزارة علي اعفائهم من أعمال الامتحانات‏.‏
وفي هذه اللحظة شعر المعلمون المرضي بخطر داهم يهددهم في وظائفهم لأنهم أصبحوا معرضين للفصل من أعمالهم إذا استمر بهم الوضع علي هذا الحال لعدة أيام الشيء الذي دفع هؤلاء المدرسين لمعاودة التجمع والوقوف أمام أبواب الوزارة وإدارة الامتحانات ومدرسة طه حسين لتسليم تقاريرهم الطبية الجديدة للمسئولين والحصول علي خطاب يؤكد اعفاءهم ومن ثم يتسني لهم التوقيع في سجلات الحضور والانصراف فلا يتعرضون للفصل‏.‏
بداية الرحلة
في صباح الثلاثاء الثامن من يونيه الجاري قصدت وزارة التربية والتعليم وبحوزتي تقارير طبية لجاري المدرس المريض والتي جميعها تؤكد أنه في إجازة مرضية حتي إحالته لسن التقاعد بسبب ظروفه المرضية المزمنة وعلي باب الوزارة المخصص لدخول المواطنين أو المعلمين وجدت حراسا وكثيرين يمنعون هؤلاء المعلمين المرضي من الدخول ولايقدمون لهم إجابات مفيدة سوي أن يرشدوهم خطأ بالذهاب والمجيء بين إدارة الامتحانات ومدرسة طه حسين بدعوي أن هناك من يستطيع افادتهم لما جاءوا من أجله‏.‏
بعد عدة دقائق لمست أن هؤلاء المعلمين جاءوا لنفس السبب الذي جئت من أجله لمساعدة جاري المريض وهو تقديم المستندات الدالة علي مرض جاري وعدم قدرته علي القيام بأعمال الامتحانات لم يتمكن أحد منا من الدخول رغم الصراخ الممزوج بآهات المرضي في وجه هؤلاء الحراس‏.‏
وبعد محاولات ورجاء تمكنت من الدخول لمقابلة السيد نبيل الدمرداش المسئول عما جئت للسؤال عنه حسبما ذكروا لي وبمجرد أن وصلت إلي مكتبه بادرتني بعض الموظفات باستعدادهن لمساعدتي لأن المسئول الذي قصدته غير موجود في هذه اللحظة كان ذلك حوالي الساعة الواحدة ظهرا وما أن بدأت أشرح لهن ظروف جاري المرضية الصعبة وأقدم لهن بعض تقاريره الطبية الدالة علي ذلك حتي وجدت احداهن تختار تقريرا منها وتطلب مني الذهاب به لمدير الإدارة المركزية للجان الطبية التي حددها الوزير بمنطقة وسط البلد لاعتمادها واعادتها إليها مرة أخري بعدها يتسني لهن النظر في حالته المرضية واتخاذ إجراءات إعفائه من أعمال هذه الامتحانات التي كلفته الوزارة بها‏.‏
وعندما ذكرت لهن إن جاري هذا قد يحتاج لمن يعاونه حتي في تناول طعامه وأنني أخشي الوقت أن يمضي سريعا في عمل هذه الإجراءات ولانتمكن من انجازها فيقع علي جاري ضرر بليغ مما يهدد به الوزير وقد يصيب هذا الضرر جاري في دخله الذي ينفق منه علي مرضه ولايتبقي ماينفقه علي صغاره أخبرتني أن الوقت لايزال مبكرا علي حدوث مثل هذه التوقعات‏.‏
مشاهد الألم
ذكرت لي الموظفة المكان الذي كان الوزير حدده لاستخراج التقارير الطبية للمعلمين المرضي الذين يمكن من خلاله النظر في اعفائهم من أعمال الامتحانات حيث كان الوزير قد حذر في وقت سابق بعدم اعتراف الوزارة بأي تقارير طبية تصدر لمرضي المعلمين من غير الإدارة الطبية التي حددهابوسط البلد‏.‏
ذهبت إلي هناك ووجدت مئات المعلمين المرضي وذويهم يفترشون أرض الإدارة الطبية ويتساندون علي بعض أو علي ذويهم من شدة التعب في انتظار توقيع الكشف عليهم ومنحهم التقارير التي طلبها الوزير‏..‏ كان المشهد يبدو وكأنه يوم الحشر الحافل بالآهات والآلام‏.‏
وتمنيت لو أن مسئولا بوزارة التربية والتعليم قرر أن يأتي إلي حيث يقف هؤلاء المرضي في الإدارة الطبية التي حددوها لهم ليشهدوا مآسي وآلام هؤلاء المرضي الذين جاءوا من كل حدب وصوب‏..‏ كان المشهد مؤلما ومؤثرا لكل من له قلب وقد حاولت تجاوز ذلك والوصول لمكتب المدير لاعتماد تقرير جاري المريض‏.‏
كان من الصعب أن تشق الصفوف المتراصة من أجساد هدها المرضي إلا بحرص شديد حتي تصل لمكتب المدير وبعد أن وصلت قابلت أحد أطباء مكتب المدير ونقلت له ما طلبته موظفة مكتب مسئول الوزارة مني لاعتماد تقارير جاري الطبية فأكد لي خطأ ماذكرت ونصحني بضرورة نقل جاري المريض للمكان الذي حدده الوزير لتوقيع الكشف الطبي عليه واعفائه من الامتحانات عندما ذكر لي الطبيب ذلك قفزت لذاكرتي مشاهد الآلام والصعاب التي يلقاها جاري المريض بمجرد نقله لمسافة عدة أمتار قليلة لدورة المياه مثلا في منزله‏.‏
وتخيلت كم يكون حجم الآلام التي يمكن أن يعانيها في حالة نقله من منزله لادارة القومسيون الطبي المشار إليها وهي مسافة بعشرات الكيلو مترات وقد أبدي الطبيب اندهاشه واستغرابه لقيام الوزارة بتكليف جاري المريض بأعمال ادارية أو غيرها رغم عمل تقرير طبي بعدم الصلاحية للعمل حتي سن التقاعد مع عدم عرضه علي أي وحدات للقومسيون الطبي مرة أخري‏.‏
ولم يكن أمام جاري المريض أي خيارات سوي الإذعان لقرار الوزير وقامت أسرته الصغيرة بنقله في اليوم التالي إلي حيث يوجد القومسيون الطبي لتوقيع الكشف عليه والحصول علي مايفيد اعفاءه وقد أمضي جاري يوما كاملا في القومسيون الطبي تعرض فيه للاختناق والموت مرات عديدة كان أفراد أسرته الصغار يتألمون ويحاولون مداراة دموعهم التي كانت تنساب من أجله‏.‏
وأخيرا حصل هذا الجار علي تقريره الطبي بالاعفاء وظنت زوجته أن المهمة أصبحت سهلة بالنسبة لها الآن وأصاب أسرته الحرج لأن يطلبوا مني القيام بمهمة تسليم هذا التقرير للوزارة وقررت الزوجة الذهاب بنفسها لإدارة الامتحانات لتسليم هذا التقرير‏.‏
وحينما وصلت إلي هناك وجدت هذه الادارة قد أغلقت أبوابها ولايوجد أمامها سوي حارس واحد أخبرها بأن مواعيد تسليم مثل هذه التقارير قد انتهت من يومين وأنه لايستطيع أن يقدم لها أي خدمة ولايعرف من يفعل لها ذلك ظلت الزوجة طوال اليوم تتنقل ما بين أبواب الوزارة وادارة الامتحانات ومدرسة طه حسين عسي ان تجد من يسمع لها أو ينصحها‏.‏ فلم تجد وعادت في نهاية اليوم لزوجها ودموعها تسبق حكايتها له عن حجم المتاعب والآلام التي لاقتها طوال اليوم دون فائدة‏.‏
وعرفت بقصة فشلها في تسليم تقرير زوجها مساء ذلك اليوم وطلبت من جاري القيام بأداء هذه المهمة في اليوم التالي‏..‏ قررت ذلك ولكنني في هذه اللحظة التي قررت فيها قفزت الي ذهني المشاهد المؤلمة لمرضي المعلمين الذين رأيتهم في ادارة القومسيون الطبي بوسط البلد قبل يومين‏.‏ تذكرت المريض ن‏.‏ ع‏.‏ أ الذي جاء من مكان بعيد بأطراف القاهرة الكبري ولم يأت معه بالدواء بعد ان ظن انه سوف يبقي لعدة ساعات ثم يعود في سهولة لمنزله بتقريره الطبي‏..‏ ولكن الزحام الشديد عرضه للاغماء والسقوط عدة مرات علي الارض دون ان يتمكن من استخراج تقريره الطبي في اليوم الاول فعاد في اليوم ا لتالي يحمل دواءه ويرافقه افراد اسرته الذين خافوا عليه خطر الموت دون ان يروه‏..‏ قال لي‏:‏ ان الذين يحضرون يوميا الي ادارة هذا القومسيون من المعلمين المرضي بالمئات بينما الذين يتم توقيع الكشف الطبي عليهم يوميا لايتجاوز خمسين مريضا‏.‏
قفزت الي ذهني صورة المدرس المصاب بمرض الفشل الكلوي الذي كانت شفتاه ترتعشان باستمرار ولايقوي علي الوقوف انتظارا لدوره في الكشف ولايجد شربة ماء يروي بها عطشه‏..‏ لم تغب عن ذاكرتي لحظة صورة المدرسة التي جاءت لتوها من جرعة علاج كيميائي لتخفيف آلام السرطان ثم اصيبت بدوار وسقطت علي الارض تذكرت مشاهد لهؤلاء وغيرهم الكثير ولكن رغم غلق باب استقبال التقارير الطبية بالوزارة الا ان القومسيون الطبي قد واصل القيام بمهامه في الكشف علي هؤلاء المعلمين لعدة ايام بعد انتهاء المهلة وبداية اعمال امتحانات الثانوية العامة‏.‏
ويبدو ان تصريحات وزير التربية والتعليم الدكتور احمد زكي بدر وتهديده بفصل مايزيد علي‏12‏ ألف معلم قد ارغم المدرسين المرضي علي التحامل علي آلامهم والسعي حثيثا للرضوخ لما املاه الوزير حتي لوكان ذلك علي حساب آلامهم ومرضهم‏.‏
علي باب طه حسين
توجهت للوزارة صباح يوم الاثنين‏14‏ يونيو الجاري حاملا تقرير جاري الطبي للحصول علي موافقة بإعفائه مما كلفه الوزير به من اعمال امتحانات بمقتضي خطاب ندب وصل اليه في وقت سابق ومرة اخري قابلت حراسا علي الباب غير الذين قابلتهم في المرة الاولي وكانت اعداد اخري تقف امام باب الوزارة في مواجهتهم يريدون ان يتسلم منهم احد تقاريرهم الطبية مثلي فأكدوا لنا ان ذلك يمكن السؤال عنه عقب الساعة الثالثة عصرا حيث انتهاء امتحانات الثانوية العامة نهاية النهار وخروج المسئولين من غرف العمليات وقد اقتنع معظم الواقفين بهذه الرواية وكنت واحدا منهم وذهبنا ثم عدنا بعد ذلك الموعد بنصف ساعة تقريبا ولكن نفس هؤلاء الحراس ما أن يروا الواحد منا حتي يوجهوه بالذهاب لمدرسة طه حسين بعد ان يخبروه بانصراف الموظفين من الوزارة علي خلاف وعدهم وتأكيداتهم في الصباح‏.‏ وعلي باب مدرسة طه حسين الموجودة علي بعد فئات الامتار من الوزارة وقف مرضي كثيرون من المعلمين امام باب موصد بالضبة والمفتاح الا من طاقة ضيق تتوسط الباب الحديدي المغلق يطل منها موظف بسيط كلما اشتدت طرقات المرضي علي الباب وهم يصرخون‏(‏ ارحمونا ياناس‏)‏ خذوا تقاريرنا التي طلبتموها منا‏..‏ اسمحوا لنا الذهاب لمدارسنا لاتفصلونا‏..‏ باق لنا في الحياة لحظات‏..‏ ارحموا آلامنا لاتمنعوا مرتباتنا من اجل اطفالنا‏..‏ اولادنا في المدارس‏..‏ ياناس ارحمونا‏..‏
صيحات
كما اشتدت صيحات المعلمين المرضي نساء او رجالا امام بوابة مدرسة طه حسين طل من طاقة بابها الحديدي ذلك الموظف العادي برأسه ليقول للمرضي الغاضبين جملة قصيرة واحدة‏(‏ ليس بيدنا حيلة‏..‏ موضوعكم مش هنا‏..‏ اذهبوا للوزارة‏).‏
وفي النهاية اذعن المعلمون المرضي لطلبات موظف مدرسة طه حسين وعاد عدد كبير متوجهين حيث يوجد باب الوزارة بينما استسلم عدد كبير منهم لالامه ومتاعبه التي تكبدها طوال اليوم وفضلوا الانصراف الي منازلهم علي امل العودة في اليوم التالي‏.‏
كان ذلك قرب الساعة الخامسة عصرا عندما توقف عدد من هؤلاء المعلمين امام البوابة الرئيسية للوزارة يلتقطون أنفاسهم وبدأ معظمهم يروي حكايته مع المرض وآلامه وموظفي الوزارة وقسوة قلوبهم وحقوقهم الضائعة ومعاناتهم في القومسيون الطبي ومما ذكرته المعلمة‏(‏ ف‏.‏ م‏.‏ ع‏)‏ أنها جاءت لتقف أمام ابواب الوزارة وتتنقل بينها منذ الصباح الباكر من أجل تسليم تقريرها الطبي الذي طلبه الوزير من المرضي ولكن لم يتسلمه منها أحد رغم معاناتها الشديدة مع المرض بسبب مرض سرطاني قد اصابها‏.‏
قومسيون بالعناية المركزة
أما السيدة‏(‏ م‏.‏ س‏.‏ ف‏)‏ فقد خرجت لتوها من غرفة العناية المركزة بعد اجرائها عملية جراحية خطيرة وخوفا من تهديدات الوزير حملها زوجها‏,‏ حيث لجنة الامتحانات المنتدبة لها فمنعها رئيس اللجنة من ذلك خوفا علي حياتها وشدد علي زوجها لنقلها للقومسيون الطبي فورا انقاذا لحياتها‏..‏ وبعد الكشف عليها جاء الزوج بتقريرها للوزارة فلم يتسلمه منه أحد‏,‏ العشرات حرصوا علي رواية حكايتهم ولكل منهم رواية مؤلمة ومواقف صعبة حدثت لهم علي أبواب وزارتهم‏.‏
رحمة منقوصة
وفي ظل هذه المعاناة التي يكابدها المعلمون المرضي قرروا الاعتصام امام باب الوزارة الرئيسي والمبيت أمامه حتي لو كلفهم ذلك حياتهم وبدأوا الدخول في حوار مع حارس البوابة الذي يدعي‏(‏ بحيري‏)‏ وقد بدأت اساريرهم تنفرج عندما لمسوا تعاطفا من جانب هذا الحارس لظروفهم‏.‏
فلم يتردد الحارس في الاتصال بموظفي الوزارة عبر جهازه اللاسلكي ليخبرهم بما قرره هؤلاء المدرسون المرضي من اعتصام وأن من بينهم صحفيين متضامنين معهم‏..‏ أجري‏(‏ بحيري‏)‏ مكالمات عديدة بأشخاص داخل الوزارة لا أحد يعرفهم وعما دار الحوار حوله‏..‏ لكن في كل مرة كان الحارس‏(‏ بحيري‏)‏ يطمئن هؤلاء المعلمين فبدأوا يأخذ كل منهم نفسا عميقا ويجلس علي الأرض أمام باب الوزارة أو يسند رأسه علي أحد جدرانها في انتظار الفرج‏..‏ وظلوا ساعات طويلة علي هذا الحال دون أن يقابلهم أحد حتي جاء‏(‏ بحيري‏)‏ في النهاية ليدعوهم إلي تسليمه تقاريرهم الطبية لينقلها بدوره إلي الموظف الموجود في الغرفة المكيفة بالوزارة في تلك اللحظة‏.‏
كانت الحرارة التي تلفح اجساد المعلمين المرضي ووجوههم علي باب الوزارة شديدة السخونة لكنهم ثابروا وصبروا في الحوار مع الحارس‏(‏ بحيري‏)‏ وطلبوا منه أن يمنح كلا منهم ما يفيد تسلمه منهم لتقاريرهم الطبية بالإعفاء من اعمال الامتحانات ليقدموها في مدارسهم فيتم السماح لهم بالتوقيع في سجلات الحضور والانصراف اليومي‏.‏ لكن الحارس‏(‏ بحيري‏)‏ لم يستجب لهم ولم يعد اليهم تقاريرهم الطبية وأنما وعدهم بأنهم سوف يفلتون من عقوبة الفصل لكن هؤلاء الذين سلموه تقاريرهم حتي الآن لا يصدقونه ويعتقد الكثير منهم أن الحارس‏(‏ بحيري‏)‏ ربما يكون قد ألقي بهم في المجهول عندما أذعن لأوامر من حمل له هذه التقارير ورفض أن يمنحهم ما يفيدهم‏.‏
وحتي نهاية أعمال هذه الامتحانات لا يعرف هؤلاء المعلمون المرضي ما يخفي لهم وزيرهم الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم الذي لم تعطهم وزارته ما يفيد اعتذارهم بناء علي تقاريرهم الطبية ولا تسمح لهم مدارسهم أن يوقعوا في سجلاتها لا بالحضور ولا الانصراف‏..‏ إن مشاهد هذا السيناريو لن اهديها إلي سينمائي لإخراجها وإنما سأهديها إلي معالي الوزير الدكتور أحمد زكي بدر وأعتقد أنه سيهتم بها ويضع علاجا لمعاناة المعلمين المرضي الذين أفنوا أعمارهم في خدمة التعليم‏.‏
وقد حاولنا الاتصال كثيرا بمسئولي الوزارة للرد علي سؤال بسيط يقول‏:‏ كيف تكلف الوزارة معلما لا يستطيع‏,‏ وماذا سيفعل المريض بفشل كلوي في مراقبة الامتحانات؟
نحن في انتظار رد بسيط من الوزارة يعيد لهؤلاء المعلمين اعتبارهم أمام أنفسهم علي الأقل‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.