لا أعرف لماذا يقال أن مطار هيثرو في لندن هو أكبر المطارات الأوروبية, فبالتاكيد توجد أرقام محددة تؤكد ذلك لكن لا أعرف لماذا يبدو أن مطار فرانكفورت هو أكبرها علي الإطلاق, فلا يمكن تخيل ما يجري في هذا المطار الذي تتخذه تقارير عديدة نموذجا لإدارة المنشآت العملاقة, علي طريقة الماكينات الألمانية, التي تم تصميمها علي أن تعمل بكفاءة وانتظام وفقا لنظم ذاتية الدفع, فهو أولا ليس مجرد مطار, لكنه مدينة جوية, توجدد بها مبان كثيفة, متجاورة, مرتفعة, لا تتخذ شكل صالات المطارات في كل الأحوال, ويبدو الركاب داخلها وكأنهم يتحركون من مكان إلي آخر, وليس من بوابة إلي أخري, وتوجد وسائل مواصلات( مترو معلق) بين الصالات الكبري الثلاث, تتوقف في محطات متتالية, بين الأحياء الجوية الصغيرة. لكن الأهم ليس شوارع مباني المطار الداخلية, وإنما شبكة الطرق المؤدية إلي الممرات, فهناك طرق حقيقية تتحرك فيها السيارات والعربات والطائرات, معا, وتوجد إشارات حقيقية عند التقاطعات, فالطائرة تتحرك وسط كل ذلك, كأنها وسيلة مواصلات عادية, عندما تصل العملية إلي الممرات, تبرز واحدة من ملامح مطار فرانكفورت العبقرية, وهي قائمة كذلك, في مطار جي.إف.كي هائل الحجم أيضا في الولاياتالمتحدة, فأمام مدخل كل ممر يوجد طابور من الطائرات التي تنتظر دورها في الإقلاع, ولم أسأل عن فوارق الزمن, لكن اللوحة الداخلية تشير إلي إقلاع طائرة, أو أكثر في كل دقيقة, لكن الأكثر إثاره للإنتباه هو طريقة السيطرة علي اقتراب الطائرات من المطار, والحركة المتقاطعة للهبوط والإقلاع معا, والتي تتحول مساراتها طوال الوقت, من ممر لآخر, أو علي نفس الممر. هناك نظرية تقول انه يمكن فهم انظام العالمي الحالي, علي أساس شبكة خطوط الطائرات, وكلما تجمعت تلك الخطوط في عاصمة معينة, كان ذلك يعني أنه تتحول إلي مركز من مراكز الثقل في العالم, التي يوجد بها ما يذهب الناس إليه, ويوجد بها من لديهم أمور يسافرون من اجلها, إضافة إلي تمتعها بتسهيلات تجعلها ممرا أو ترانزيت أيضا, وهي نظرية لا يمكن تحديها, ففرانكفورت أهم من برلين ونيويورك أهم من واشنطن, بمقاييس النظام العالمي الذي يتحرك فيه الناس, وليس النظام الدولي الذي تتفاعل فيه الدول, وهنا علينا أن نعيد ولو قليلا تعريف تعبيرات مثل الموقع الإستراتيجي والدور الإقليمي, لنتساءل أيضا عن عدد الطائرات التي تهبط وتقلع من مطار القاهرة الدولي يوميا. [email protected]