لا شيء يمكن أن يدخلك سعيدا- عالم الاستحالات والغرائب والمذهلات غير تلك الشوامخ الحارسة للزمان والمكان المسجلة للبصمة الأزلية والأبدية, المحتوية لذاكرة التاريخ, الممثلة للمرجعية البشرية. الموحية بطرائف المجد التليد, المجسدة لمعاني الخلود والمسماة بالأهرامات, تلك المتحدية لمنجزات الإنسان مهما ارتقت تلك المنجزات وبلغت غاياتها وصارت محل إبهار. هذه الأهرامات مازالت هي مبعث الحيرة الكبري لدي العلماء في بقاع الدنيا ورائدة الدهشة لدي العقل المعاصر, فرغم كل الاجتهادات علي تشعباتها ودرجة إجادتها وعلميتها, فلا يزال زخم التساؤلات فياضا يحاول استقصاء الحقيقة الغائبة واختراق السر المبهم الذي أعجز الإنسانية طيلة خمسين قرنا ولا يزال يتجدد لآماد غير معلومة.. والذي هو في ابسط تجلياته... كيف بنيت تلك الأهرامات؟ وماهو جوهر الفكر الهندسي المعماري لها؟ وكيف لهذا الفكر الهندسي أن يظل متحديا كل الأنماط المعمارية في العالم منذ القدم وحتي الآن؟ نعم إنها المعجزة التي جاءت آخر الاجتهادات بشأنها مؤكدة شيئا ما وهو استحالة بناء الأهرامات من أسفل إلي أعلي!! إذ لايزال بناء الأهرامات يثير الكثير من الجدل اتفاقا واختلافا حول موقعها ودلالتها وشكلها البنائي.. ورغم ظهور العديد من الأفكار والنظريات في الشرق والغرب لمحاولة إيجاد تفسير إلا أنه لايوجد تحديد قاطع تنتهي معه هذه الاجتهادات ولكن ها هي نظرية حديثة تطالعنا بشيء جديد تقلب به كل ما تعارف عليه القدماء والمحدثون عن كيفية البناء.. تري هل تضيف جديدا؟؟ أم تؤكد أن الأهرامات كانت وربما تظل سرا مبهما بعد خمسة آلاف عام.. رغم ما تشهده الدنيا من تقدم حضاري فاق الخيال. وصاحب هذه النظرية هو الدكتور عادل ياسين أستاذ العمارة الذي يؤكد خلال نظريته تلك أن بناء الأهرامات يجسد البساطة المطلقة في الفهم للقوي الطبيعية والتكامل معها في عمل المنشآت الإنسانية, فالمصريون القدماء استخدموا مكونات الطبيعة لصالحهم من أجل البناء علي اساس هندسي فإذا سلمنا بأن هؤلاء القدماء قد استخدموا القوي البشرية في جر الكتل الحجرية وعلي حساب أن كل شخص يستطيع أن يجر نصف وزنه فإن ثلاثين طنا تحتاج إلي ألف شخص لجذب الحجر من المستوي السفلي لمستوي إنشاء الهرم. وإذا كان الهرم به اثنان ونصف مليون متر من الأحجار فلنا أن نتخيل هذا العدد غير المعقول من الأفراد لإنشاء هذا العدد غير المعقول من الأحجار لإنشاء الهرم.. وماهو الموقف في أحجار يصل وزنها إلي أربعمائة طن؟؟؟ وعلي ذلك كان لابد من البحث عن طريق أقرب إلي المنطق في البناء وتتلخص هذه الطريقة في أن الأحجار لم تشد من أسفل ولكنها جذبت من مستوي أعلي خاصة وأن التكوين الجيولوجي أعلي مما هو عليه الآن والدليل علي ذلك أن هناك منحدرا في شمال هرم خفرع يوجد به مشقبية علي طول المنحدر من أعلي مكان فيه إلي أسفله وهذا كان يستخدم لانزلاق الكتل الحجرية من مكان تجهيز الأحجار في المستوي الأعلي وقيادتها إلي المستوي السفلي لمستوي الإنشاء. وبنظرة سريعة للمنطقة العلوية أعلي المنحدر نجد أن تلك المنطقة فيما بين الأهرام إلي الحافة الغربية فيها مستوية استواء هندسيا محسوسا وفيها جهد إنساني بذل لتسويتها وهي تختلف في سطحها اختلافا تاما عن منطقة الجنوب... من ثم فان الاعجاز الأكبر للهرم يتمثل في طريقة الإنشاء المكونة من مجموعة من الحوائط الساندة والتي تميل علي بعضها حول القلب الثابت للهرم بحيث إذا وقعت إحدي الكوارث الطبيعية مثل الزلازل التي قد تمر بالمنطقة فإنها تجعل الهرم أكثر رسخا بدلا من أن تؤدي إلي تدميره!! وهكذا بقيت الأهرامات وسوف تبقي ببقاء الأرض مكانها. واذا كانت البشرية قد بلغت مبلغا رفيعا في التطور والتقدم لم تبلغه من قبل, واذا كانت لم تكتشف ذلك السر... فمتي تكتشفه؟! نعم انه سر مهيب لأن الأهرامات في نظرية انشائها لم تعتمد علي الآليات والتقنية والمعلوماتية, فكيف لهذه التقنية التي اقتحمت أجواء الفضاء واستعمرته قد عجزت عن ترجمة وفهم ذلك السر فضلا عن اقامة مبني شامخ يتحدي الزمن!! نعم أيضا انها الأعجوبة التي قال عنها فرانسوا دوما أعظم علماء المصريات انها فن من أجل الخلود. رابط دائم :